وجدان عبدالعزيز
بما أن العلاقات الاقتصادية بين الدول، موضوعات مهمة ومثيرة، خصوصا ونحن نعيش وسط أمواج من الأحداث الاقتصادية المتغيرة لحظيا والمتجددة باستمرار، وتشير العلاقات الاقتصادية الدولية إلى أن كل دولة تتأثر بالدول المحيطة بها، نظرا لوجود علاقات بين الدول، إذ إن نجاح أي دولة أو فشلها يعتمد على قوة علاقاتها الاقتصادية بالدول الأخرى.
وفي ظل الانفتاح هذا فإن العالم كله يصبح كيانا واحدا، ويزيد الاندماج الاقتصادي على مستوى العالم، وذلك نتيجة لعمليات تحرير التجارة، وتحرير تدفقات رؤوس الأموال بين الدول، وسهولة انتقال عنصر العمل والمعرفة الفنية، وذلك في ظل انفتاح الدول والتقدم الفني في مجال الاتصالات والمواصلات والفضائيات، لذا فإن العلاقات الدولية، التي تنشأ من مبدأ المصالح المتبادلة، لهي الوسيلة المثلى في بناء الحضارة الإنسانية وتقدم الشعوب، كون قيامها جاء على أرضية احترام الفرد والدولة بشرط عدم التدخل بالشؤون الخاصة لتلك الشعوب وبالمقابل لا بد من قيام نظام داخلي لكل دولة يحفظ حقوق الفرد والدولة باتجاه ترسيخ نظام الفصل بين السلطات، والتداول السلمي للسلطة ومبدأ الحقوق والواجبات، أي بمعنى الاعتماد على النظام الديمقراطي، الذي يضمن الاستقرار، وبالتالي يضمن البناء وتطوير الاقتصاد، من هذا المنطلق أقول إن العراق بلد تعرض للكثير من الهزات عبر التاريخ شلّت حركته العمرانية والحضارية، فمنذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921م وحتى سقوط الدكتاتورية عام 2003م لم توضع ستراتيجية واضحة المعالم لبناء دولة وفق دستور دائم، كمرجع قانوني تلتزم به الدولة كسلطة وكفرد، حتى جاءت الحتمية التاريخية، التي أسقطت الحقبة الدكتاتورية، وكان شعار القوات الأجنبية، التي أسقطت النظام، هو تحرير العراق، ولكن لا يوجد مسوغ قانوني دولي مشرعن بهذا الخصوص، فسمّت نفسها بالرجوع إلى الأمم المتحدة ومجلس الامن بقوات احتلال، وهي تسمية استفزت الشعور الوطني لدى العراقي، كونه تربى على النفور من هذا وله تجربة مع الاستعمار سابقا، بيد أن العراقي هذه المرة دخل مع الاحتلال، كمشترك في الخلاص من الدكتاتورية، وزاد على هذا أنه صاحب الارض والقضية، اما قوات الاحتلال فسمها ما شئت صديقة تعاونت معه للخلاص، فهل نجح العراقي كمفاوض تثبيت حرصه في مستقبل الاتفاق مع الجانب الاميركي على صيغة الاتفاق الاستراتيجي التاريخي، الذي سينهض بالعراق من الدولة المنهارة بكل مفاصلها إلى دولة دستورية مؤسساتية اتحادية فيدرالية، وفق مبادئ الدستور العراقي الجديد الدائم، ونحن إذ ندرك خطورة الوضع في الدول المجاورة للعراق، والذي جعل منها نظام صدام أعداء متربصين بالعراق لشهوته المتفتحة للحروب والعداوات، ولا بد أن يكون التوجه بحالة الانفتاح بصورة عامة والانفتاح الاقتصادي بصورة خاصة على دول الجوار والدول العربية، لذا نأمل أن تترسخ هذه العلاقات ذات
المنفعة المتبادلة.
ومثلما ركز الجانبان العراقي والأميركي على التعاون المشترك، من أجل الحفاظ على التجربة الديمقراطية العراقية الجديدة، وتمكين العراق من ردع المخاطر، التي تهدد سيادته واستقلاله السياسي، ووحدة أراضيه ونظامه الديمقراطي الاتحادي الدستوري، وهكذا استطاع العراق وبقدرات قواته من جيش وحشد شعبي القضاء على أشرس عدو في عموم التاريخ، الا وهو العدو الهمجي داعش، ومن منطلق الاستقرار الامني، سعت الدبلوماسية العراقية من فتح الابواب امام هذه العلاقات الدولية وفق المصلحة الوطنية، أي يكون المبدأ الأساسي في السياسة العراقية، هو البحث عن مصالح العراق وشعبه في خضم تكالب القوى الدولية، التي تبحث عن مصالحها بحجة أن العالم مصالح متبادلة، ثم هذا الانفتاح الاقتصادي الاقليمي والدولي على العراق له منافع كبيرة آنية ومستقبلية..
إذن لا بد أن تسعى كل القوى العراقية لأجل استثماره، بما يخدم النهوض والبناء الكف عن خلق الأزمات السياسية بين الكتل، والتي أخذت أبعادا عطلت فيه عمل المؤسسة التشريعية والتنفيذية، ولا بد ايضا من وضع مبدأ عدم التدخل في القضاء والقانون، كوعي وكتنفيذ.
وكل من تطاول على القضاء يجب مساءلته المساءلة العقابية الشديدة، ولا بد كذلك من احترام الفواصل بين السلطات الثلاث، والعمل على تناغمها من أجل بناء دولة القانون والمؤسسات، واستثمار الاتفاقية الستراتيجية بين العراق وامريكا، وعلى المسؤول العراقي أن يتصرف كمفاوض وطني مع المفاوض الاميركي وعلى اساس المصلحة الوطنية، اي منطلقات لا بد أن تكون وفق مصلحة العراق والمواطن العراقي، ومن المؤكد احترام مصالح الاخر وهو الاميركان.. ونحن نتطلع إلى بناء علاقات ايجابية مع كل دول العالم بما يخدم المصالح الوطنية واحترام مصالح الاخر..