باسم محمد حبيب
بين مدة وأخرى تخرج علينا الحكومات العراقية بتصريح تعلن فيه قيامها بالتعاقد مع دولة أو شركة ما، لإنشاء قمر صناعي أو نصب مفاعل نووي أو إقامة برامج للطاقة النظيفة أو إنشاء سد ضخم، وما إلى ذلك من المشاريع المهمة التي إلى الآن لم يتحقق شيء منها، فعلى ما يبدو أن الإنجازات التي ينتظرها العراقيون على أحر من الجمر لا تتحقق بسهولة، بل تحتاج إلى وقت ومخاض طويلين حتى ترى النور، وحينها غالبا ما تكون تلك الإنجازات، قد فقدت بريقها بعد أن أصاب الناس الملل من انتظارها.
فمنذ عقود والساسة العراقيون يطرحون الوعود تلو والوعود حول هذه المشاريع وأمثالها من دون أن يخطوا خطوةً واحدة إلى الأمام في تحقيقها، على الرغم من أهميتها للعراق، الذي يتوق أبناؤه ليروه يتقدم أو يكون على قدم المساواة مع البلدان الأخرى، بما في ذلك تلك الأقل عمرا و غنى منه، يحصل ذلك على الرغم من أن لدى العراق إمكانات كبيرة تتيح له تحقيقها أو التقدم في إنجازها، ولا نقصد هنا ما لديه من الأموال فقط، بل وما يملكه من الثروات المادية والطاقات البشرية وما إلى ذلك.
فتأخر العراق في هذا المجال أمر عصي على الفهم، وعلى الأرجح أن القضية تتجاوز مسائل كالفساد أو عدم خبرة أو كفاءة المسؤولين أو وجود مشكلات سياسية أو إدارية أو مالية، إلى صميم النظام نفسه الذي يبدو غالبا عاجزا عن إتمام ما يجري الاتفاق عليه أو يوضع ضمن البرنامج الحكومي أو ضمن خطط التنمية أو ستراتيجيات البناء، ونظرا لطبيعة ما يواجهه البلد، فمن الضروري ألا تكون المعالجة بأقل من إجراء إصلاحات تشمل عموم البنية الإدارية والنظام السياسي، وإلا فمصيرنا أن نبقى ندور في حلقة مفرغة، من الأزمات والفشل والمراوحة.
فالعلاقة بين المواطن والحكومة في أي بلد من البلدان تبنى غالبا على ما بينهما من تفاعل وتعامل إيجابي، وعلى ما يقدمه كل منهما للآخر في الإطار الذي يضمهما، أي على معادلة الحقوق والواجبات، التي من دون أن تتوازن كفتاها، لا يمكن لهذه العلاقة أن تغدو متينة وإيجابية، وتضمن إنشاء رابطة قوية بين الشعب، ومن يمثله أو ينوب عنه في إدارة الدولة، فهذا أمر لا يمكن تجاوزه أو القفز عليه بأي صورة من الصور.
إنها دعوة لتقوية الروابط بين الشعب والدولة أو بين المواطن والحكومة، وبناء علاقة متينة منتجة للإيجابيات ومرسخة للقيم الصحيحة والسليمة، فهذا هو ما يضمن الأمان والرفاه للناس والاستقرار للبلد.