المرأة ووهم التمكين

آراء 2023/06/25
...






 عمر الناصر


ليس المهم أن نكون حياديين، بل الأهم أن نكون موضوعيين في طرح الاراء. 

ربما ستصب حواء جام غضبها وسَتُسلط ألسنة لهبها على عمر الناصر، وستتهمه بأيقونة الرجعية والتسلط الذكوري، الذي يقف بوجهها ويعرقل تطلعاتها وحقوقها المدنية المشروعة، وربما ستوجه سهام نقدها اللاذع عليه وتنسى للحظات انصافه ووقوفه إلى جانبها في الكثير من الأوقات، فهو يترجم اليوم الصورة الواقعية لمفردة التمكين من وجهة النظر الغربية، التي بدأت تروّج لها بعض الجهات الدولية والاعلام الموجه، الذي يسعى لدس السم في العسل، لكن من عاش هذه التجربة واستطاع الولوج والغوص بعمق جزئياتها، سيستطيع حتماً أن يرى الخطر، الذي يهدد المجتمعات الشرق أوسطية والعربية تحديداً وما يخبئ خلفه من سلبيات تهدد النسيج المجتمعي 

بالانهيار.

اذا ما اردنا النظر لعمق الطبيعة الفسيولوجية للمرأة، وفق النظام الانثروبولوجي في المجتمعات الرأسمالية التي تعتمد على الضرائب، سنجد بأن واقعها الفعلي لا يتطابق مع التنظير والهالة العملاقة المحيطة بحقوقها، والتي تروّج لها تلك الانظمة والمجتمعات المتواجدة هناك، بعد أن أقحمتها في حقول العمل 

الذكورية التي سلبتها وجردتها كليا من المعنى الحقيقي للأنوثة، وحولتها من كتلة هلامية من العواطف والمشاعر والاحاسيس إلى روبوت إلى متفانٍ في زيادة الانتاج ودفع الضرائب ورفع الدخل القومي، دخلوا لها من بوابة رفع شعار العدالة والمساواة بين الجنسين وحمايتها من العنف الأسري والاضطهاد، بل أوهموها بحقوق ينبغي أن تكون من المُسَلَمَاتْ، التي يوفرها لها الدين الإسلامي، لكنها ما هي إلا ثغرة للحرية المنفلتة والتعري والشذوذ وهدم الأسرة، وبالمقارنة العملية تم زجها في مواقع لاتصلح لها وفق ما يقوله المنطق والمعايير، التي تتطابق مع المحافظة على رونقها وبريقها، كأنثى كرمها ديننا الحنيف في المحافظة على كرامتها وعفتها، اضطرها للعمل في حفر الانفاق وتسليك شبكات الصرف الصحي وتدوير النفايات وأعمال البناء الشاقة وشق الطرق داخل الجبال وتدوير النفايات، وقطع الأشجار، حتى وصل الحال إلى زجها في مهنة دفن وحرق الموتى، وكل ذلك ينطوي ضمن قائمة تمكين المرأة 

اقتصادياً.

لا أحد يقف بالضد من استنساخ دور المرأة ومكانتها الاجتماعية والسياسية ودفعها بقوة في مفاصل الدولة، لتحقيق متبنيات وأهداف الحكم الرشيد، كأن تكون رئيسة محكمة اتحادية أو رئيسة مجلس نواب أو حتى رئيسة جمهورية، على غرار إقرانها اللواتي في دول متقدمة، مثل انديرا غاندي في الهند 1966 - 1977، وميركل المستشارة الحديدية 2005 -  2021 م، أو شوتوكو امبراطورة اليابان بين 749 -  770م، حتى نحولها إلى صاعق براغماتي حقيقي يسهم في بناء دولة المؤسسات، التي نسعى جميعا الوصول اليها، لكن على أن يندرج ذلك تحت يافطة «المعروف عرفاً كالمشروط شراً»، لقطع الطريق أمام جميع المحاولات الرامية لتفتيت النسيج المجتمعي، ولكبح جماح التدهور والانهيار الاخلاقي اللذين تحاول بعض الجهات الخارجية تسويقهما بمسميات مختلفة، بغية شق عصى الرأي العام والتعايش السلمي بين 

الأفراد.