لماذا جاء أمير قطر ومدَّ جسور التعاون؟

آراء 2023/06/26
...

 ا.د. عماد مكلف البدران
هل يمكن أن نقول عن قطر دولة مارقة؟ كونها دعمت إلارهاب في العراق، ودعمت التطرف وكانت من أنصار الطائفية، فقد كانت واجهتها قناة الجزيرة ولسان حال دهاتها تبث التفرقة وتشجِّع الطائفية في العراق
 وهذا دليلٌ واضحٌ على مشاركتهم في اشعال أوار الاقتتال الأهلي في العراق، فضلاً عن تصريحات بعضٍ من سياسيها وأمرائها، التي أكدت الدور القطري الذي كان متفقاً مع الدور السعودي، فقد كان الدور العربي والخليجي منه، على العموم طائفياً بامتياز، ولا يمكن أن نغفل عن مسألة مهمة، أنه أراد التوازن مع الدور الإيراني في بلدنا، وحاول أن يفوقه بدعم دولي وكانت النتيجة أن تعاونت الدول العربية والإقليمية على إراقة الدم العراقي ومحاولة محو هوية هذا الشعب وتخريب التعايش السلمي، والسير به في طريق رصده المحللون السياسيون تحت عبارة( لبننة العراق)، والآن ومنذ الخلاف السعودي القطري واتجاه قطر نحو إيران لدعمها وتقوية موقفها الإقليمي بعد الدعم التركي لها، قلَّت حِدَّة تدخُّلها ليس في العراق فحسب بل حتى في سوريا ليتدهور حال التحالف الخليجي في بلدنا وينحسر الإرهاب ويقل التحارب الذي قاده الجناحان الطائفيان العربي والإيراني، وبعد هذه السياسة القطرية الدامية واتجاهها صوب إيران أصبح من اهتماماتها أكمل التوجه باتجاه العراق مشفوعاً بتقدم العلاقات السعودية الإيرانية، فضلاً عن احتمال تحسُّن العلاقات الإيرانية – المصرية، وهكذا دخل العراق في ربيع العلاقات الإقليمية لتتجه أطراف اللاعبين الإقليميين والدوليين فضلاً عن العرب صوبنا وهذه المرة من زاوية الاقتصاد ويبدأ التسابق وهو فتحٌ عظيمٌ فيما لو أجاد السياسيون العراقيون اللعبة إذ سنستفيد من التقاربات في تحسين موقعنا الدبلوماسي والريادي ونتمكن من إعادة ترتيب الأوراق لصالح بلدنا ونعيد الانتعاش لتلك السطوة العراقية السياسية الإقليمية ونعيد قوة القرار السياسي والاقتصادي وما يرتبط به من إرادة وطنية قوية وستكون لنا أوراق مناورة عديدة، ويبقى السؤال مطروحاً لماذا جاء أمير قطر؟، فضلاً عمّا ذكرتُ، لقد جاء ليكون أول المستفيدين من مشروع طريق التنمية الربط السككي بين العراق وأوروبا، وإذا ما نجح سيكون ربطاً مع دول أخرى لها مشاريع وطرق تجارة واقتصاد خاصة بها مثل طريق الحرير الصيني وطريق عربي آخر عبر الأردن، هذا من جهة، ومن جهة أخرى جاءت قطر كبادرة حسن نية، وربما جاءت لتؤكد أنها لاعبٌ سياسي في المنطقة حالها حال شقيقتها السعودية، فضلاً عن ذلك أنه سيعزِّز موقفها إلى جانب حليفتها تركيا التي ستستثمر في طريق التنمية نفسه فمعروف عن قطر أنها من الدول ذات الحظوة لدى تركيا وذات الاستثمارات الضخمة، فضلاً عن أنَّ الدولتين راعيتان للخط السياسي نفسه (الاخوان المسلمين)، وهذا يعني في رؤية أخرى، أنَّ قطر وتركيا ربما يدعمان الطريق نكاية بمصر التي دمرت التنظيم الإخواني، إذ أنَّ الخط ربما يُضعفها اقتصادياً بفعل منافسته لقناة السويس، ولذلك على الحكومة العراقية طمأنة المصريين وإزالة القلق لديهم من أنَّ المشروع سيعود عليهم بالنفع عن طريق الأردن وربطها مع مصر وتعدد طرق التجارة والاقتصاد العربي وتنوعها، ومن ثم وجود مصلحة لكل الأطراف لاسيما العربية ومنها السعودية والكويت وسوريا، إذ أنه سينعش المنطقة، وكفى حقداً وسوء ظن ومكائد فقد ضاقت الشعوب ذرعاً بالحكومات البوليسية وشكوكها في كل خطوات أشقائهم في العراق وتبّاً للطائفية، فقد حان وقت المصالح والمنافع المتبادلة ومرحباً بالتعاون الاقتصادي والحضاري فكلما اقتربت المسافات بين الشعوب تغيرت أسباب الاحتقان وحلَّ التفاهم والقبول
للآخر.