{سينمات} بغداد.. 114عاماً من تاريخ الفرجة

ثقافة 2023/07/03
...

تاريخ السينما في العراق تاريخ فرجة، أكثر منه صناعة أفلام، عدا حقبة أربعينيات القرن الماضي، وقتها كاد العراق أن يكون بلداً منتجاً معتبراً للأفلام، لا سيما بعد أن أسهم رأس المال الوطني وأثرياء الحرب في تأسيس شركات ودور عرض سينمائية، حتى أن مستثمرين من أسرة سودائي شيدوا استوديو "بغداد" في العام 1948، وتعاقدوا مع متخصصين بريطانيين لبنائه وتأثيثه، وكان باكورة إنتاجهم فيلم "عليا وعصام"(1949)، وهو أول عمل سينمائي عراقي ناجح، على الرغم من كون مخرجه ومصوره أجنبيين، لم تستمر هذه النهضة السينمائية الواعدة، لأسباب سياسية واقتصادية، ويمكن القول إن عدد الأفلام التي أنتجت من العام 1948 إلى 1975، لا يتجاوز عددها الـ (75) فيلماً معظمها لا يعتد به، عدا أفلام تعد على الأصابع، بالمقابل انتشرت دور العرض السينمائية في بغداد والمحافظات انتشاراً سريعاً، وتهافت الجمهور على ارتيادها، وصارت لها طقوس وتقاليد، إلى حد أن كانت دور العرض السينمائية، إحدى المسرات الأثيرة للبغداديين.

عرف البغداديون السينما مبكراً، إذ شاهدوا في دار الشفاء بالكرخ يوم 26 تموز1909 صوراً متحركة اسموها "ألعاباً"، ولا أحد يعرف من الذي أتى بها، بحسب كتيب المؤرخ العراقي الرائد احمد فياض المفرجي، وشغف الجمهور بهذه "العجبة" وإن كان معظمهم من النخبة، ما شجع بعض التجار على اختيار بستان ملاصق للعبخانة (ساحة الوثبة مقابل دائرة الكهرباء) لمشاهدة "الألعاب الخيالية" بحسب إعلان نشرته جريدة بغدادية في أيلول 1911، إذ عرضت مجموعة أفلام منها "صيد الفهد"، و "طيور مفترسة في أوكارها"، وحدد الإعلان سعر المقاعد الأمامية بـ (4 قروش)، بينما المقاعد الخلفية، التي هي أكثر متعة وراحة بـ (8 قروش)، وكان تبديل الأفلام أسبوعياً، فما إن انتهت الحرب العالمية الأولى، ودخل الإنكليز بالكهرباء إلى بغداد حتى شيدت دور سينما نظامية أبرزها: "العراقي"(1922) في الميدان، وسينما "رويال"  (1926)، و"سنترال"(1920) في محلة العمار، و"الرشيد"(1934) في المربعة، و"الوطني"(1927)  في سيد سلطان علي،  و"الرافدين"(1932)، وسينما غازي (حديقة الأمة 1934) و"الحمراء" (1926)، و"مجمع روكسي"(1933) بتمثاليه الباذخين، فضلاً عن سينما أخرى أحدث، منها "الخيام"(1956)، و "غرناطة"(1946)، و"سميراميس "(1966) ، و"بابل"(1977)، و"النصر"(1960) وتحول شارع السعدون والرشيد والباب الشرقي، إلى مركز لهذه السينمات الأنيقة، وتبارى أصحابها باستيراد الأفلام الأجنبية والعربية، واتخذت شركات هوليوود الكبرى مكاتب لها في شارع الرشيد، ليبدأ التنافس في تقديم أفضل العروض للجمهور، حتى أنهم نظموا عروضاً خاصة لطلاب المدارس، بل إن إدارة سينما على شاكلة "الوطني" نظمت عرضاً خاصاً للنساء، بحسب إعلان نشر في الصحف العراقية في العام 1927، أطلعني عليه الباحث والمصور الفوتوغرافي كفاح الأمين.