ناظم علاوي
احتفى نادي السرد في اتحاد أدباء نينوى بالقاص والروائي فارس الغلب بتوقيع مجموعته القصصية «مرابط حبلى بالأحصنة» الصادرة عن دار ماشكي للطباعة والنشر بحضور واسع.
وتضمنت الجلسة التي أدارها رئيس نادي السرد القاص الدكتور ناظم علاوي قراءات نقدية للدكتور فيصل غازي النعيمي والدكتور صالح العبيدي.
وقدم القاص الدكتور ناظم علاوي بداية نبذة سيرية عن المحتفى به جاء فيها: أحيانا تأخذنا الطرق إلى اتجاهات ومسارب عديدة ومختلفة تنأى بنا بعيدا، ثم لا ندري كيف تلتف وتدور لتعود بنا إلى نقطة البداية مرة أخرى، لكن لم يكن عودنا بعد كل تلك المسافات التي قطعناها مجرد سير، بل هو استقاء معرفة أو لنقل امتلاكنا للدهشة خلال مشاهداتنا للكثير من القراءات وثقافات الشعوب، كان هذا في بداية مشوارنا، حين كنا نجتمع على طاولة المعرفة والتعلم ولا أدري، كيف تم هضمها او ماذا فعلت بنا حتى تشكلنا قصاصين وشعراء ونقادا.
وتابع: في تلك الحقبة أقبل ذلك البدوي من أعماق الصحراء، لم نكن نعرفه قدم وضرب خيمته بيننا، وهو يقدم قصته «البكارة 1998» تلك التي أصابتنا باندهاش وادهاش، جاء ليحفر ببكارته أقصد -قصته- عالما وخطا سرديا لا يمثل غير الغلب نفسه، هذا الذي يعمل بصمت ولا يتكلم إلا لماما، لكنه بركان يثور ما أن يمسك القلم، فكانت مجموعته الأولى «مصاطب لزوارق الوداع»، التي بشّر بها الناقد الأستاذ الدكتور عمر الطالب، وقال إن «فارس يعد إحدى ركائز القصة في الموصل»، واستمر ينحت سردياته، فكانت مجاميع خربشات وفستان مونيكا ورواية نوت أخرى. بعدها افترقنا لنلتقي بعد عقدين من الزمن في الاتحاد وبالتحديد في العام 2019 وأنا أتسنم رئاسة نادي السرد، وقد اخذ منا الزمن نضارتنا وخط فينا متاريسه على وجوهنا، والمرض أخذ القوة من اجسادنا، ولم تعد عيناه تسعفانه في الكتابة، لذا اقترحت عليه: يا فارس اكتب وأنت هناك في خان ضاري وأنا هنا في الموصل، فكان يقرأ لي عبر جهاز المحمول وأنا في بيتي أطبع فكانت «مرابط حبلى بالأحصنة».
بعدها قرأ بالنيابة عن فارس الغلب مقطّعات من شهادته المسومة «قطع الميكانو تكمل الموناليزا».
أما الأستاذ الدكتور فيصل النعيمي فقدم ورقة موجزة عن تجربة الغلب قائلا «تتميز تجربة الغلب في الكتابة السردية بمجموعة من الخصائص، التي ساعدت في تشكيل مكانته المتفردة في الشهد الثقافي العراقي المعاصر:
1 - خصوصية التجربة: حيث اختط لنفسه منهجا واضحا بتقانات كتابية وأدوات تعبيرية تكشف هذا التفرد.
2 - توظيف الموروث الشعبي وتحديدا (البدوي): ويأخذ بعدين أحدهما فني “جمالي” يتعلق بالمفردات والأساليب الكتابية وبناء الفضاء والشخصيات، والثاني موضوعاتي اقصد الكتابة بوعي بدوي مقصود.
3 - الفضاء: وهذا يتداخل فيه الفضاء المكاني الصحراء، وصولا للفضاء الثقافي الذي يعبر عن روح الصحراء.
4 - الغرائبية بوصفها آلية كتابية ووجها سرديا.
5 - الغموض: وهذا جزء اصيل من تجربته السردية تبدأ من المفردة ذات المرجعية البدوية إلى الحكاية التي تصبح متاهة.
بعدها تحدث الناقد الدكتور صالح العبيدي، قائلاً: فارس الغلب يعتمد الجملة السردية المؤثرة ذات الطابع الغرائبي، الممزوج بالطابع الشعري والسردي مستعينا بالكثافة التصويرية، والترميز، والسخرية، والايحاء، والجملة الشعرية المعبرة عن تعددية المعنى ورصانة النسيج اللغوي. وأضاف أن «الغلب الممثل الرئيس القادر على التعامل مع أجواء البادية والصحراء ومفرداتها وطقوسها ومناخاتها القاسية ووقائعها المؤلمة والماتعة في آن، تماماً كالتماثل الذي نشهده عند الروائي الليبي إبراهيم الكوني، إنه يبتغي أن يكون المدوّن لمجالس القبيلة ومحافظا على اصالتها ونكهتها، وطبيعة حياتها كما تبدو بالواقع.
وقبل الختام تم توزيع شهادات تكريمية للقاص وللناقدين. وهذا نهج جديد تنتهجه الهيئة الإدارية الجديدة للاتحاد في نينوى، بعدها فتح باب المداخلات للسادة الحضور من الادباء والمثقفين والمهتمين، التي غصت بهم قاعة ملتقى الكتاب. ليبدأ بعدها الغلب بتوقيع مجموعته لمن يريد اقتنائها.