علي إبراهـيم الدليمي
يضم المعرض الشخصي الثاني للفنان محسن الشمري، الذي أفتتح تحت عنوان (أحاسيس)، 22 لوحة رسمت بألوان الأكريليك، وبأحجام متفاوتة، قدم خلالها تجربته الجديدة، وهو ينهل من الموضوعات الإنسانية اليومية الطافحة في المجتمع العراقي كافة.
وبما أن الأسلوب الفني للشمري يقترب أو بالأحرى يتأثر بتجارب الفنان الراحل كاظم حيدر، إلا أنه في معرضه هذا، يحاول أن يخرج من معطفه بأسلوب خاص وهوية شخصية جديدة بعيداً عن ذلك، وأن يحقق له خصوصية متفردة، يبرز من خلالها في الاستلهام الموضوعي، في رمزية اللون، في تفاصيل "الفكرات" الرمزية، أو "الأوت لاين" الحاد في انحناءاته، مزاوجاً ما بين الأشكال الهندسية والبصريات اللونية الحرة، رغم أنها تجريدية خالصة، ولكنها تتسم بخصوصية في سحبات الفرشاة وحجمها، أو التكوين في الإنشاء العام، في فضاء شاسع جداً. كتلة هنا، ولون معادل لها هناك، طغت على تجربته هذه السمة أو الملامح (الكرافيكية)، ولكنها ليست بكرافيكية، أو يتراءى للمتلقي بأنها قريبة نوعاً ما من فن (الكولاج)، كما أن بصرياتها توحي وكأننا في مسرح تراجيدي يضج "بالناس – الأشباح" في حالة سبات، في سكون، في هدوء، في انتظار أمل مجهول، قد يأتي أو لا يأتي!.
يبرر الناقد صلاح عباس، ذلك بقوله: لقد وضع الفنان محسن الشمري، نفسه في الاختبار الصعب، آخذاً على عاتقه مهمة الإفصاح عن التاريخ العراقي الخاسر، وما يطلق بتاريخ الأسى، هذا التاريخ الموجوع والمفجوع معاً، ولا نقول إنه كان يفكر أن يكون لسان حال الأمة، بقدر تعلق الأمر بأخذ الدور والمشاركة الوطنية بالممكنات المتاحة، وبذا نرى في بعض لوحاته، أناساً متجمعين حول حادثة وقعت، أناس مموهين، بأوضاع حركية مريبة، ولكنهم كلهم بانتظار شيء ما ولعل الفنان يبتغي ترديد المحتوى الخاص بالكاتب "صاموئيل بيكت" وعمله المسرحي الشهير "بانتظار كودو" لأن موحيات الهلع والترقب تقدم الإيحاء على هذا التوقع.
ويستشف الناقد الجمالي د. جواد الزيدي، بالقيم اللونية إذ: يحاول الشمري، عدم الإفراط أو "التبذير" في اللون، والاقتصاد به من أجل منظومة تعكس قدراته على استثمار طاقة اللون الواحد وتدرجاته، أو المقابلة اللونية التي تتكامل في فضاء اللوحة وتصل به أحياناً إلى شفافية الفعل الكرافيكي، فضاءات لونية لم يتجاوزها إلى فضاء آخر.
أرى أن الشمري، قد منح جرعات لونية كثيفة وكثيرة، ولكنه حاول أن يخفف من قوتها، من خلال جعلها شفافة، كل لون يعطيه درجاته الأدنى، كي لا تؤثر على مجمل
فضاء اللوحة عموماً.
محسن الشمري، من مواليد بابل 1954، ماجستير فنون تشكيلية/ جامعة بابل، أقام معرضه الشخصي الأول في قاعة الود للفنون والثقافات في بابل 2019، كما وشارك في أغلب المعارض الفنية التي أقامتها جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين المركز العام وفرع بابل، فضلاً عن مشاركاته خارج العراق والمحافظات الأخرى. عضو في كل من نقابة الفنانين العراقيين، وجمعية التشكيليين العراقيين.