حقوق الإنسان العربي

آراء 2023/07/05
...

 ميادة سفر


منذ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقر عام 1948 واتخاذ العاشر من شهر كانون الأول من كل عام يوماً عالمياً لحقوق الإنسان، لم تتوقف الانتهاكات التي تطال الإنسان في غير بلد في العالم، ويبدو أنّ الدول العربية لها حصة الأسد من تلك الانتهاكات، فمازالت المنطقة العربية تعاني العديد من الحروب والأزمات، ولا تكاد تتوقف حرب هنا حتى تندلع أخرى هناك، مع ما يتخللها من انتهاكات لحقوق الإنسان، من قتل وتهجير وتشريد واغتصاب إلى غيرها من ممارسات تشكل خرقاً فاضحاً لكل قيم الإنسانية والأخلاق.

ما زال الإنسان العربي يتعرض للقتل والتهجير والاعتقال والترهيب، فلم يشفع له ذلك الإعلان الحريص على حقوقه، ولم يحل دون تعرضه لمزيد من الاعتداءات التي تطول حقه في الحياة والأمان كما حقه في التعبير عن رأيه والحق في الاعتقاد وغيرها من حقوق صادقت عليها الدول العربية، لكنها بقيت حبراً على ورق، فلم تنجح الجهود الدولية في درء الانتهاكات، وزادت الأوضاع سوءاً بظهور التنظيمات الإرهابية التي عاثت قتلاً وتدميراً بحق كل من يخالفها الرأي والمعتقد.

كثيرة هي الممارسات التي تنضوي تحت انتهاك حقوق الإنسان في الدول العربية، تلك الدول التي يكاد مواطنوها يجهلون أبسط حقوقهم، وبالتالي يسكتون عنها جهلاً حيناً وخوفاً في أغلب الأحيان، وقد أشار تقرير لمنظمة العفو الدولية منذ سنوات أنّ الوضع الحقوقي في الدول العربية منتهك بشكل كبير، وتتجلى تلك الانتهاكات في اعتقال الصحفيين والتضييق على المعارضات وقمعها أحياناً، فضلاً عن حرية الرأي والتعبير التي تكاد تنعدم في كثير من البلاد.

في محاولة منها للظهور كدول متحضرة، تسعى بعض الحكومات العربية إلى مواكبة التطور التكنولوجي والتحول إلى عالم الحكومات الإلكترونية، والعمل على تأمين بعض أشكال الرفاهية لمواطنيها، إلا أنها في الجانب الآخر لا تتوانى عن اعتقال كل من تسول له نفسه توجيه انتقاد للسلطة وسياستها بكافة أشكالها السياسية والاجتماعية والاقتصادية وحتى الثقافية، فلم يكن سهلاً في أي وقت تغيير العقلية الاجتماعية بما تضم من عادات وتقاليد بالية، وهو ما ينطبق على الأوضاع الثقافية والسياسية التي تعاني الكثير من المشكلات دون أن يتجرأ أحد على الإشارة إليها إلا تلميحاً. 

شكلت الحروب والأزمات المتتالية في بعض البلاد العربية عاملاً مساعداً على انتشار الانتهاكات، التي تطول حقوق الإنسان بشكل عام، ويبدو أنّ بعض السلطات السياسية والدينية والاجتماعية ساهمت بشكل فعال في إضفاء الشرعية على كثير من الممارسات التي تعمل على إقصاء الآخر وأحياناً القضاء عليه، فيما يستخدم البعض سياسة الابتزاز لإبقاء الحال على ما هو عليه، حيث يحارب الفرد في لقمة عيشه وأمانه مقابل سكوته عن كثير من حقوقه وفي مقدمتها حقه في الحياة بكرامة.

يبدو من الصعوبة بمكان القول إنّ حقوق الإنسان مكرسة بشكل كامل في أي بلد في العالم، طالما بقيت السجون تضم عشرات، وربما آلاف معتقلي الرأي ومنتقدي السلطات، حتى في أعظم الدول والتي تدعي الديمقراطية وتعمل على نشرها كما تدعي “الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية”، هناك الكثير من الانتهاكات التي يتعرض لها المواطنون من أصول أفريقية على سبيل المثال، وما بلادنا إلا جزء من هذا العالم الكبير الذي يقدم مصالح زعمائه وقادته على مصلحة الإنسان، وطالما بقي الحال على ما هو عليه ستظل حقوقنا كبشر تنتهك، ونظل نحكي ونصرخ وننظر يوماً نقول فيه كلمتنا، دون خوف من سياف أو قناص أو هرواة.