كربلاء: صلاح حسن السيلاوي
ألقت القاصتان أفنان الأسدي وسلوى أحمد محاضرتين عن موضوعة (أدب المرأة بين الاغتراب وجذور الهوية الثقافيَّة) عبر أمسية أدارتاها القاصتان أمل الموسوي ورقية تاج.
جاء ذلك ضمن فعاليات منتدى كربلاء لأدب المرأة التابع لاتحاد أدباء كربلاء، بحضور نوعي لأدباء وأديبات المدينة.
تناولت المحاضِرتان مفهوم الاغتراب ونتائجه ومسبباته وأنواعه، فقد أشارت القاصة أفنان الأسدي بمحاضرتها إلى أن الاغتراب يؤدي بالإنسان إلى انفصال حاد عن بيئته ومجتمعه فينتج عن ذلك شعور بالضياع والعزلة والانطواء، وهو لا يعتمد على النطاق الجغرافي، فالكثير يعيشون الاغتراب داخل أوطانهم التي ينتمون لها منذ الولادة وربما يكون أصعب وأشد تأثيراً من الغربة خارج الوطن.
ثم لفتت الأسدي إلى أنواعه ومنها (المكاني) الذي يهرب فيه الفرد نفسيا من عالمه إلى عالم يشعر فيه بالانسجام. و(الزماني) الذي يمثل هروبا من الواقع إلى الماضي أو المستقبل، و(الثقافي) الذي يشعر فيه الفرد بأنه يحمل ثقافة وفكرا مغايرا لبيئته وقد يفسر الاغتراب خطأ بأنه شكل من أشكال التعالي والتكبّر.
وأضافت قائلة: أسهمت الهجرات الكثيرة نتيجة الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية بوجود (أدب المهجر) أو أدب المنفى المتشبّع بالغربة والاغتراب والحنين للموطن الأصلي فكل التفاصيل تلقي بظلالها على لاوعي الأديب ليثمر نتاجا يحمل في طياته أسئلة وجودية واحتجاجا على الواقع الحالي فالشعور، بالغربة لا يمكن التغلب عليه أو تسكينه والوطن الأول يسكننا حيثما حللنا.
ومصطلح أدب المهجر أطلق في البداية على أعضاء الرابطة القلميَّة (جبران خليل جبران، إيليا أبو ماضي، ميخائيل نعيمة، نسيب عريضة).
وأعضاء العصبة الأندلسيَّة (رشيد خوري، جورج معلوف، شكر الله الجار)..
ويختلف أدب المهجر عن أدب الوطن بالدرجة الأولى في التركيز على الحنين، ولكن يتعداهُ طبقاً لما يبذله الأديب من جهد لخلق أساليب وموضوعات جديدة، فالغربة تضيف النضج من خلال التجارب المتعددة والاختلاط بمجموعات المغتربين من كل أنحاء العالم يصقل شخصية الأديب ويفتح له آفاقاً غير مطروقة، كما لألم الهجرة فوائدها فالألم مصدر الإبداع حيث يترجم شعرا ونثرا في لوحات أدبية مائزة، ويحاول المغترب الإتيان بالصور البديعيَّة والتصويرات الجميلة والابتعاد عن اللفظ الركيك أو المعنى السطحي.
وتحدثت الأسدي عما تراه من إيجابيات في الاغتراب للمبدع فقالت: للاغتراب إيجابيات عديدة لمسناها في نتاجات المغتربين والعائدين من الغربة وهي بالتأكيد تختلف من أديب لآخر، وقد يكتسب المغترب ثقافة جديدة هي مزيج من ثقافته القديمة وثقافة البلد الجديد. بالنتيجة ربما يعيش كل الأدباء في غربة من نوعٍ ما فالكتابة بحدِّ ذاتها تمرّد على
الواقع.
ثم تحدثت الأسدي عن تجربتها في سوريا وانتقالها إلى العراق وعن مجموعتها القصصيَّة (مهمّشون وأوطان) وما يمور فيها من شعور بالاغتراب والبحث عن الهوية لشخصيات القصص الواقعيَّة والخياليَّة، فتناولت في قصة (لا مساس) حياة فتاة (بدون) وهم فئة محرومون من أبسط حقوقهم في الانتماء لوطن، وما تقاسيه من آلام جراء فقدان والدها وإصابة والدتها بمرض نفسي يمنعها من إغداق مشاعرها على أطفالها، فتعيش الشخصية صراعا داخليا لكسر الحواجز وتحقيق حلمها في الانتماء والحصول على الحنان.
كما تناولت بقية القصص ثيمة الاغتراب (جذور طائرة، التباس بطولي، الوديعة، صاحب الظل القصير، القلادة، هل من محيص، ليالي الغجر، نوايا مخاتلة، هو ذا حبي الخفي).
كما شاركت الشاعرة والناقدة الدكتورة سليمة سلطان نور بتقديم ورقة نقديَّة عن مفهوم الاغتراب في الادب. وشهدت الأمسية أيضا توقيع المجموعة القصصيَّة الجديدة (الوقواق وأحلام العصافير) للقاصة نجاح الجيزاني، وهي مجموعة خاصة بالأطفال. وفي ختام الأمسية قدمت مديرة المنتدى القاصة إيمان كاظم شهادة تقديرية للمحاضرتين، تقديراً لمنجزهما الإبداعي.