يعقوب يوسف جبر
تعدُّ المكتبة العامة من أبرز الصروح الثقافية، التي تمد روادها بالمعارف والخبرات، فتسهم مساهمة فعالة في رفع مستوى الوعي الثقافي، لكن تجربة المكتبة العامة في العراق، لا تزال تراوح مكانها بأدواتها القديمة، فهي مهجورة بلا رواد، حيث تحولت الى عبء على ميزانية الدولة، لذلك ينبغي إعادة النظر فيها، عبر تطوير أدواتها وتحديثها بالشكل، الذي يتناسب مع القفزة العلمية والثقافية في العالم، فمن ضمن الوسائل الجديدة للتطوير هي تحويل المكتبة العامة الى منتدى ثقافي للتعريف بمؤلفات وكتب لمؤلفين وكتاب، عبر إقامة ندوات ثقافية ذات طابع اجتماعي أدبي أو علمي، إضافة الى إقامة ورش ودورات علمية مجانية لطلاب المدارس خاصة من ابناء الطبقة الفقيرة، ويمكن تطوير تصميم هذه المكتبات بالشكل، الذي يجذب الرواد والمتلقين بإضافة وسائل استجمام وراحة، وذلك للاستفادة من هذه المكتبة بدلا من بقائها معطلة بلا منفعة، إضافة إلى أن هنالك الآلاف من الكتب القديمة في هذه المكتبة، والتي تحمل مضامين ومعارف تستند الى نظريات قديمة، نسختها نظريات
حديثة.
ومن أبرز المقترحات لتطوير هذه المؤسسة الثقافية والعلمية، هو توفير البحوث والدراسات، وجعلها في متناول الباحثين، لكي يستعينوا بها في مجال إجراء بحوثهم العلمية .
ولأجل كسر الحواجز بين أبناء المجتمع، من الممكن تحويل هذه المؤسسات إلى ملتقيات اجتماعية وثقافية، لتعزيز التواصل والتعارف الاجتماعي، وهذا يعزز اللحمة الاجتماعية .
إنَّ المكتبات العامة تقع تحت إدارة الحكومات المحلية في عموم محافظات العراق، لذلك ينبغي على هذه الهيئات الادارية أن توجه عنايتها الادارية لتطوير هذه المؤسسات، لتكون ذات جدوى علمية وثقافية رصينة .
لم نلحظ هذا التوجه منذ زمن بعيد، فهل تبقى هذه المؤسسات مجرد بنايات مهجورة من روادها الى اجل غير مسمى، أليس النهوض بواقع هذه المؤسسات سيسهم في رفع المستوى العلمي للمواطنين، أليس المجتمع اليوم بحاجة ماسة الى تنمية ثقافية واجتماعية وعلمية بناءة، بعد أن تدنى الوعي الثقافي لديه، وتحول الى مجتمع غريب في سلوكياته وطباعه وثقافته، كما انه أصبح شبه عاطل ثقافيا لايملك مؤهلات تطوير إمكانياته العلمية؟.
من الضروري أن تعمل الحكومة على تفعيل دور هذه المؤسسات وتطويرها. والسؤال الملح الذي يتبادر الى أذهان المراقبين والمهتمين هو كالتالي:
لماذا لا تتحول هذه المكتبات إلى حواضر علمية واجتماعية، تنتشل المجتمع من الضياع الذي يعيشه؟
فبقدر توجه المجتمع نحو تبني العلم والمعرفة كأساس في حياته، بقدر ما سيسهم في إحداث تغييرات جذرية في البنية التحتية الثقافية والفكرية.
ماذا لو تمَّ تحويل هذه المكتبات إلى ميادين علمية بديلة عن المقاهي والكوفيات المنتشرة في عموم العراق والتي ازدادت في الآونة الأخيرة؟.
إن تطوير هذه المؤسسات يجب أن يتم عبر تزويدها بوسائل التكنولوجيا الحديثة، لكي تتواءم مع النهضة العلمية في العالم أجمع.