من يقرأ؟ وإن، هل يستمع؟

آراء 2023/07/13
...

نرمين المفتي

ليس في الكهرباء فقط، إنما في مجالات أخرى، افتقرت الحكومات المتعاقبة إلى خطط متوسطة المدى وبعيدها، بل أحيانا اشعرتنا هذه الحكومات أنها تفتقر إلى خطط قصيرة المدى، وبأنها تعمل كلما تصبح المشكلات عويصة على الحل.. وقطعا لسنا بحاجة أن نبحث عن السبب الواضح جدا، وهو المحاصصة التي أثبتت أنها أساس جائحة الفساد وأساس المشكلات، التي يعاني منها العراق والعراقيون وأساس استبعاد الكفاءات والخبرات وأساس عدم التفكير بالاستعانة بالكفاءات العراقية في الخارج، ودائما يجدون أسبابا لكل هذه الـ (أساسات)!.
لا أدري لماذا لم تفكر وزارة الكهرباء على مدى العقدين السابقين إلى الاعتماد على انتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، كطاقة نظيفة وأقل تكلفة، وإن كانت الذريعة أن حقول انتاج النفط تؤثر سلبا في خلايا انتاج الطاقة، فالصحراء في غرب العراق قد تكون مناسبة وهي شاسعة، وتستطيع توفير الطاقة في الاقل للمحافظات المحاذية لها، ولنا في الصين نموذج حسن، وهو في اكبر محطة شمسية في العالم الواقعة في الصحراء شرق غلمود بمقاطعة تشينغهاي- وتبلغ السعة المركبة لها نحو 2.8 غيغاواط، بعد دخولها مرحلة التشغيل تشرين الأول 2020، باستثمارات تصل إلى 2.2 مليار دولار. وللعلم فإن كلّاً من الامارات العربية المتحدة ومصر تملكان رابع وخامس اكبر محطة طاقة شمسية في العالم..
على أية حال، لا أريد أن أناقش أمورا فنية ليست اختصاصي، لكنني أتساءل إن كان استمرار ازمة الكهرباء قضية سياسية، لماذا لا يتم البحث عن جذرها، والبدء في ايجاد حل لها وإن بعد عشرين سنة، استنادا إلى المثل الذي يقول أن تأتي متأخرا أفضل من عدم المجيء؟، ثم لماذا صرفت مبالغ خيالية على قطاع الكهرباء قبل حل هذه القضية السياسية؟ وماذا يفعل العاملون على ملاك وزارة الكهرباء وهم بعشرات الآلاف؟ أسئلة بلا أجوبة، لأن هناك مشكلات عويصة في قطاعات أخرى أيضا، مثل المياه الصالحة للشرب والجفاف، الذي أصبح يهدد العراق جديا، والتصحر والسكن والأبنية المدرسية، والتلوث والتنمية المستدامة والفساد، وإعادة التدوير والكاربون صفر والغاز المصاحب وهناك غيرها، لكن هذه أمثلة تعيدني إلى بداية المقال في عدم وجود خطط عمل ومشاريع مختلفة المديات.. لإن المشكلة الاكثر وضوحا كالشمس، التي يبدو لا حل لها في المحاصصة، ومرغمة أعود إلى بداية المقال مرة اخرى، التي تستبعد الكفاءات وترفض الاستعانة بكفاءات عراقية ناجحة جدا وإن باستشارة، المحاصصة التي جعلت العراق ومصالحه (كعكة للتقاسم)، كما صرحت إحدى النائبات في لحظة صراحة وشفافية متناهية نحتاجها في التوجه بالحديث مع العراقيين حول جميع المشكلات والبدء معا في حلها، قطعا الحل يحتاج إلى وقت، لكن الصراحة كفيلة بتحمله. وبداية هذه الخطوة تكمن في بداية جديدة وملموسة في محاربة الفساد، ليس الفساد الصغير، إنما قضايا الفساد الكبيرة.. لا بد من الالتفات إلى العراقيين، بدل الالتفات إلى المصالح الخاصة، الشخصية والحزبية. أعرف أن الحديث سهل والحلول صعبة، لكن لا بد من المواجهة مع ما يجري، والذي يكفي العراقيين معاناتهم التي طالت كثيرا. وأتساءل إن كان هناك من يقرأ؟ وإن، هل يستمع؟.