نوزاد حسن
في كل عام وعند ارتفاع درجات الحرارة نطرح السؤال الاكثر قلقا: متى نتمتع بوقت هادئ في البيوت بحيث لا ينقطع التيار الكهربائي, وبحيث تختفي من حياتنا تلك المولدات الهادرة التي تنفث دخانا اسود, وتثير ضوضاء لا تحتمل. نطرح هذا السؤال ونحن نتصبب عرقا, ونشكو من تردي واقع تجهيز خدمة الكهرباء
الينا.
لنقل إن مشكلاتنا محلية جدا وتختلف عن مشكلات الفرد في أوروبا, وفي أفريقيا, وفي آسيا.
ربما يعتقد الياباني أن العمل على اصلاح منظومة الطاقة الكهربائية شيء ليس بالمستحيل. ولو قلنا له إننا منذ عشرين عاما لم نصل بعد أي درجة الاكتفاء الذاتي من الطاقة، فقد يستغرب لأن العمل الحقيقي، يمكن أن يحل اية مشكلة مهما كانت صعبة.
يفكر الياباني هكذا لأنه اعتاد على أن يرى نتائج العمل الذي يقوم به في مجتمعه مع زملاء له، من اجل تغيير الواقع إلى واقع افضل.
للياباني حجة دامغة جدا تقول: لقد تدمرت اليابان بعد الحرب العالمية الثانية. لكن الياباني عاد من جديد, وبنى كل ما تحطم افضل مما كان.
كان أمام الياباني فرصة كبيرة للعب دور تراجيدي، يقوم على تقديم مظلوميته للعالم لانه شعب قصف نوويا امام انظار الجميع.
لم يلطم الياباني نادبا حظه لاعنا الولايات المتحدة، بل تحدى كل ذلك, ونهض مجددا لخلق حياة اخرى تختلف عن حياة الضياع والفوضى وخرائب الحرب.
لذا فإن أفضل درس نتعلمه من ذلك الشعب هو الاصرار على جعل الحياة مجالا للتعاون والبناء.
اما اذا كانت العلاقات تقوم على أساس المصالح فلن يتحقق شيء على ارض الواقع. وقد تكون تجربتنا طوال الاعوام الماضية بكل نتائجها السيئة دليلا على العمل على وفق الرغبات, أو العمل على أساس المصالح, ومراعاة قانون واحد هو قانون المحاصصة, والمكاسب, واغتنام الفرص.
عندنا اختفت تماما صورة المستقبل، الذي يكون خيرا، ولا يحمل لابنائه اية تحديات. تلاشت الصورة المتفائلة لأن القادم يعني مزيدا من تقلبات الطقس, والجفاف. واذا اضفنا مشكلة انقطاع التيار الكهربائي, ومعاناة الناس من هذه المشكلة، فستكون كلمة المستقبل لفظة مخيفة
مرعبة.
يخرج الياباني منتصرا من صراعه مع الزلازل، بينما نبقى نحن خاسرين في انجاز مشكلة الطاقة مع توافر الامكانات المادية والبشرية.