{من يغلقُ بابَ الليل}

ثقافة 2023/07/15
...

  ضرغام عباس

الليلُ حيوانٌ أسود ضخم.

ليلٌ أسودُ من جبين الموت
أبردُ من بطون المقابر.
ليلٌ..! الغرفةُ أضيقُ من ثغرِ زينب
رأسي أوسعُ من الحرية.
ليلٌ..! من حرّكَ السكّين في قلبي
وقلبي أرضٌ مقفرة
غابةٌ كبيرةٌ لا يدخلها أحد.
ليلٌ..! لو بإمكان المرء أن يفتحَ بابًا
في عموده الفقري، ويغادره نفسه
ربما يرتفع التراب ويسمع الرسل بكاءً.
ليلٌ..! أيّ أسى تبعثه لوحةُ الغُروب
ودم الشمسِ مراق على مذبح الأفق.
ليلٌ..! وجهي شاحب ويداي ترتعشان
مظهري يوحي بأني مريض، مريض جدًا
لكنّني، ولكثرة ما اعتاد جسدي على الألم
لم أشعر بأيّ مرض.
ليلٌ..! أن أنام ولا أصحو أبدًا
أن تتجه بوصلة النوم نحو الخلود.

*
عندما فكّر الإنسانُ بالخُلود، جاءته فكرة الموت
لكنها لم تجيء كفكرة فقط، بل ككارثة ضرورية
لأنّه ولأجل أن يقتحم الخلود، عليه أن يموت أوّلًا
ماتَ الإنسان...
والى الآن، لم يروِ لنا أحد شيئًا عن ذلك الزورق
وعن تلك الأبدية المؤثّثة.

لقد عشنا الخلود إلى أن متنا.

أيها الخلود..
أنت إكسيرُ حياتنا، أنت صديقُ الآلهة
وعدوّ الشلل الفكري
ماذا نكون، وماذا تكون حياة الإنسان لولاك...

*
مشيتُ كثيرًا
مشيتُ حتّى تعبتُ من المشي
وكدتُ أن أجثو على ركبتي من التّعب
كدتُ أنظر الى الخلف وأصرخ؛ النجّدة
ساعدوني..

لم أكن الصيّاد ولم أكن الفخّ أو الطريدة
لقد كنتُ رغبةَ الصيّاد
وصمتَ الفخّ، وذعر الطريدة.
أحدٌ لم يكن.. لم يكن أحد
بدتِ الأرضُ مقلوبة
الأرضُ فوق السّماء، ولا شيء تحت السّماء
لا عُشّ للشّمس
ولا شمسَ تحمي بيوضها.
ومن التّعب
تداخل كل شيء في بعضه
تعرّش وتشابك
كانت الطريقُ جيدةً.. لكنَّ قدميّ بلا جواز سفر.

يومًا ما، سيجلس النّهرُ على ضفافي
ستشرب البحيرةُ من نبعي
وسيركبُ البحرُ قاربي
يومًا ما، سأرتّقُ الطّريقَ بعقدةٍ
ولن تتّسعَ المسافة.