اليوم العالمي لمكافحة المخدرات

آراء 2023/07/15
...


 عباس الصباغ

في غمرة احتفال العالم باليوم العالمي لمكافحة المخدرات الذي صادف في 26 / حزيران من كل عام يشهد العراق وبشكل يومي الاطاحة بعشرات من تجار وحيتان وشبكات المخدرات والمؤثرات العقلية والقاء القبض على العشرات، بل المئات من المتعاطين والمروجين لها، فضلا عن مصادرة كميات كبيرة جدا منها وبالكيلوات وآلاف حبوب الهلوسة، وذلك بعد أن استحال العراق إلى سوق رائجة لها، بعد ان كان ممرا لها فقط، ومع اتخاذ اجراءات قانونية بسيطة غير كافية لردع المتعاطين والمروّجين، وفي الماضي كانت عقوبة الإعدام تنتظرهم، واجتماعيا يوصف صاحبها بالشخص الرديء، مع الحذر من التعامل معه لسمعته الاجتماعية والاخلاقية السيئة، وللأسف فإن مؤشرات الواقع السيا/ السيوسولوجي تؤكد أن العراقي اصبح مرتعا لتنامي هذه الظاهرة، التي لم تتواجد سابقا في طيات النسيج المجتمعي العراقي، الّا بشكل نادر، واليوم أصبح ظاهرة تستوجب المعالجة الميدانية الفعلية
المباشرة.
ويهدف الاحتفال العالمي، الذي يدعمه كل عام الأفراد والمجتمعات في كل مكان في جميع أنحاء العالم (ومنه العراق)، إلى زيادة الوعي بالمشكلة الرئيسة، التي تمثلها المخدرات والمؤثرات العقلية غير المشروعة في المجتمع، وتشمل التوعية لجميع الفعاليات، التي تخص المخدرات وليس التعاطي فحسب، بل الكشف عن جميع الخيوط الدولية والاقليمية، فضلا عن المحلية التي تؤدي إلى المتعاطي مع تناول اسباب ذلك، والكيفية التي ساعدت على الترويج والتسويق والمعالجات الوقائية لذلك، ولكلا الجنسين بغضّ النظر عن الأعمار، وإن كانت فئات الشباب والمراهقين، هم الأكثر تعرضا للاستغلال من قبل مافيات وعصابات المخدرات.
يقول المختصون: إن للمخدرات والمؤثرات العقلية أضراراً صحية واجتماعية كبيرة على جسم الانسان؛ وتأثيرها على الجهاز العصبي وعلى العمليات العقلية، سواء عن طريق الشم
أو التدخين أو البلع أو الحقن، إذ تتسبب في حالة من النشوة أو الفتور أو التخدير أو التنويم أو التنشيط، ويكون من شأن هذه المادة أنها تسبب حالة من إدمان تعاطيها، اذ
يشير المختصون إلى جملة أسباب، منها الفقر وعدم وجود فرص عمل مستدامة، وهو أحد الأسباب الرئيسة، التي تدفع الأشخاص إلى الانخراط في تجارة المخدرات، وفي العراق الذي يعاني من تحديات اجتماعية مثل الفقر المزمن، وتفشي الجريمة المنظمة، وانعدام الأمن، فإن هذه العوامل تسهم في تشجيع البعض، من ضعاف النفوس على الانخراط في تجارة المخدرات كوسيلة للبقاء أو تحسين حياتهم، إضافة إلى عدم التوظيف والاقتصاد غير المستقر في البلدان، التي تعاني من عدم استقرار اقتصادي وتضخم مرتفع، يمكن أن تزداد حالات تجارة
المخدرات.
فالأوضاع الاقتصادية السيئة وتدهور القوى الشرائية يمكن أن تدفع البعض إلى العمل في قطاع غير قانوني، لكسب المال والعوامل الاجتماعية غير المستقرة والتشتت الأسري، ناهيك عن الفساد وضعف النظام القضائي وعدم استقلالية القضاء.
مواجهة المخدرات لا تقل خطورة عن مواجهة الارهاب، فكلاهما وجهان لعملة واحدة، هي التخريب والقضاء على مظاهر الحياة وسعادة الانسان.