بغداد: عماد الامارة
حذرَ مختصون في الشأن الاقتصادي من مخاطر استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازية، مبينين أن ذلك الأمر سينعكس سلباً على مجمل الحياة الاقتصادية، لاسيما ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وتزايد نسب التضخم، وبينما أشاروا إلى أن إجراءات المركزي لم تعط النتائج الكافية لتقليص الفارق بين سعري الصرف "الرسمي والموازي" للعملة الأجنبية، أكدوا أن الموازنة الثلاثية تتضمن إنفاقا تشغيليا واستثماريا مرتفعا، يمكن أن تؤدي الى ارتفاع الطلب الكلي.
وعلى الرغم من الإجراءات المستمرة للبنك المركزي، والتي حدت وبشكل كبير من الارتفاعات التي شهدها الدولار في الأوقات السابقة، غير ان "العملة الخضراء" بدأت بالارتفاع مجددا لتسجل سعر صرف بلغ 1449 ديناراً للدولار الواحد خلال اليومين الماضيين، وهو الأمر الذي ينذر بزيادة أسعار المواد في الأسواق المحلية.
وفي إجراء وصفه محللون اقتصاديون بـ"السليم" أقدم البنك المركزي على زيادة حصة المسافرين من العملة الصعبة، في حين ينتظر من رأس "السياسة النقدية" في البلاد، وفقاً للمحللين، مزيدا من الحلول التي يمكن أن تسهم في كبح جماح الدولار، لاسيما بعد ان وسع الفارق مع السعر الرسمي للعملة المحلية إلى قرابة 16 ألف دينار.
المختص بالشأن الاقتصادي، الدكتور محمود داغر، يرى خلال حديثه لـ"الصباح" أن "الموازنة العامة، وما جاء في بنودها، لا يمكن أن تحد من الارتفاعات السعرية، حيث ان تخصيصاتها التي تصل إلى 199 ترليون دينار تقريبا، ستزيد من حجم الانفاق التشغيلي الاستثماري وبالتالي سيدفع الطلب الكلي إلى
الارتفاع".
ورجح الدكتور داغر، حصول ارتفاعات سعرية على المدى المتوسط أو البعيد، مشيرا في الوقت ذاته الى أن زيادة أعداد الذين تم تعيينهم في الوظائف الحكومية والذين قاربت أعدادهم المليون، وبما يملكون من مرتبات سوف تسهم في زيادة الطلب على الدولار وستكون هناك موجة لرفع سعر الدولار في السوق الموازية.
وعلى العكس من الرأي السابق، يرى المختص بالشأن الاقتصادي الدكتور عدنان بهية، أن لإطلاق الموازنة الثلاثية تأثير إيجابي في كبح سعر الدولار في السوق الموازية، مشددا على ضرورة إعادة النظر في طبيعة الإجراءات المتخذة من قبل البنك وتشديدها وتطويرها من أجل إحداث تأثير يجبر المتلاعبين والمتاجرين بالدولار وتقليص التأثيرات
السلبية لهم".
وأوضح أن أهم هذه الإجراءات هي الفصل بين حاجات المواطنيين للعملة الأجنبية وبين حاجات التجار والمستوردين، حيث يعلم الجميع ان حاجات الناس لا تشكل أكثر من 30 بالمئة من كمية الدولار المطلق يوميا من قبل البنك المركزي.
وأوضح بهية، أن الإجراءات المتخذة لغاية الان من قبل البنك المركزي لكبح جماح سعر صرف الدولار الموازي قليلة ولم تعط الشيء الكافي لتقليص الفارق بين سعر صرف الدولار الرسمي وسعر الدولار الموازي وبالتالي نحن بحاجة الى إعادة النظر بهذه الإجراءات وتحسينها وتفعيلها أكثر داخلياً وعلى المستوى الاقتصادي.
كما دعا المتحدث، الى أهمية إعادة النظر بتسهيل حصول المواطن المسافر على حاجته من العملة الصعبة، مقترحا وضع ختم تحويل العملة على صفحة الجواز الأخيرة لمرة واحدة لكي لا يسمح للمتلاعبيين والمفسديين بالحصول على أكثر من تحويل، والعمل على زيادة منافذ ضخ الدولار للمواطنيين.
ولفت بهية الى وجود سبب مباشر الى ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية، يتمثل في حصول زحام شديد في العديد من المحافظات للحصول على الدولار الرسمي بسبب قلة المنافذ في تلك المحافظات، الأمر الذي أدى إلى توجه أبناء تلك المحافظات إلى بغداد بهدف الحصول على الدولار، وبالتالي حصول مضاربات وارتفاعات بسعر الصرف.