النساء اللواتي يقرأْنَ خطرات

ثقافة 2023/07/16
...

 كامل عويد العامري
لأن النصَّ، سواء تمَّ التوقيع عليه أم لا، يشكل للنساء بئرًا من الأسرار، وتوهاناً، وإمكانية رؤية العالم بشكل مختلف، أو العيش على نحو مختلف، يمكن أن يجسد حافزاً لترك كل شيء، والتحليق بعيدا نحو آفاق أخرى بعد غزوه. بالقراءة، وأسلحة الحريَّة.
 “في البدء، يداها مطويتان على نفسها وتحمل شيئا كما لو كان مقدسًا. نشعر أن الجسم كله مرتكز، العضلات، ولكن أيضًا الداخل، ما هو خلف سطح الجلد، ما يحدث بداخلنا، ما يهمنا فقط، ما لا يمكن، لا نريد بالضرورة قوله “هكذا تبدأ لور أدلر وستيفان بولمان كتابهما (النساء اللواتي يقرأنَ خطرات).ليست الكتب أشياء مثل أي أشياء أخرى بالنسبة للنساء؛ منذ فجر المسيحيّة حتى اليوم، بينهن وبينها، يمر تيار دافئ، تقارب سري، علاقة غريبة وفريدة منسوجة من محظورات، وامتلاك، واندماج.ربما ليس من قبيل المصادفة أن الكتاب - كتاب الكتب - كان محرماً أولاً على النساء. كان في يد المسيح، ثم في يد جميع من رافقه، ومن ثم في يد كل أولئك الذين أسسوا الكنيسة - مجموعة لا حصر لها من الرجال الذين يحملون، في اللوحات الفلمنكية أو الإيطالية، كتاب قدس الأقداس، تجسيدًا لمعجزة استمرارية الإيمان.
إذن من القدسية ليس النساء. وحدهم الرجال من لهم حق لمسه. لكن الرسامين سيبدؤون أيضًا في تمثيل ما تعلمه الكنيسة والذي لا يمكن رؤيته في جوهره. لتزيين الكنائس، والاستجابة لأوامر الأمراء والكنسيين، لإثارة الاعتقاد أن ما هو غير مرئي موجود وأن ما تعلمه الكنيسة موجود - فالدليل، يمكنهم رسمه.
وهنا عندما تحصل المرأة، على إذن بالوجود في الإطار. فإنَّ المرأة تدعى مريم بالطبع، وعندما يأتي الملاك ليخبرها بالبشارة، مريم تقرأ، مريم مضطربة، مريم خائفة، مريم تتراجع، تنسحب، لكن مع كل ذلك لا تفقد حواسها، لأنها تغطي الكتاب الذي تقرأه بيدها، وهي تضع إبهامها في الصفحة التي قاطعت فيها.بعبارة أخرى، كان الكتاب يأخذها إلى مكان آخر، في مكان آخر لا تريد أن تفقد أثره، حتى لو تسبب ما يقوله لها الملاك في حدوث الزلزال: «سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ. لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ، لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ».الكتاب الذي تحمله مريم هو كتاب ساعات، كتاب أحمر، شخصي، تقرأه في صمت وتعيش معه... حتى في الفردوس. بعد قرن من الزمان، في لوحة رسمها سيد أعالي نهر الراين (وهو فنان مجهول) بعنوان “حديقة الفردوس” تصور امرأة شابة بشعر ذهبي طويل مزيّن بإكليل، جالسة وسط أزهار طويلة زرقاء وصفراء وبيضاء في نهاية وجبة طعام؛ بينما هناك راهب يقطف الفاكهة بجانبها، وأمامها شابة تلعب مع الطفل المسيح، من الواضح أن مريم لا تسمع شيئًا، ولا ترى شيئًا، مستغرقة في الكتاب الذي تقرأه، ورأسها منحنٍ، ومكرّسة تمامًا لمهمتها، لما يحدث بينها وبين الكتاب، بينها وبين نفسها، لدرجة أنّها تنسى أمر الطفل. هنا أيضًا، الكتاب باللون الأحمر، والكتاب كبير، وهو أيضًا كتاب ساعات، كتاب خاص بها.إذن العذراء تقرأ. وليس بالأمر السهل من ملاحظة أن الرسامين سيستمرون في إضفاء صفة خاصة على القراءة. تقرأ العذراء بالفعل في هذه اللوحة المثيرة للإعجاب التي رسمها رامبرانت تحت عنوان العائلة المقدسة في المساء.
في نهاية غرفة لا يبدو أنها غرفة نوم ولكن حيث أُجبر يوسف ومريم ويسوع على عدم السكن فيها بل على الانكفاء، وسط الفوضى، في هذا المكان القاسي غير المغلق، يحدث شيء واحد فقط، يبدو منطقيَّاً في بناء اللوحة، وهو أن العذراء تقرأ. نراها تقرأ، متكئة على الكتاب، وكأنّها تشرب منه. وإلى يمينها، على الأرض، شمعة تضيء الكتاب، وتحيط بمريم بهالة ذهبيَّة.
**
هناك كتب ساحرة، وكتب فاتنة، وكتب سحّارة. وتشير الكلمة اللاتينيَّة pagine  (الصفحات)، كما يشير الروائي باسكال كينيار، إلى أوسع مسكن حيث يمكن للروح أن تتحرك وتسافر وتؤلف وتعود. هذه البلاد. بمثابة غرفة خلفية تقع داخل الجمجمة، خلف العينين. هل هذه الغرفة جنسانيّة؟ على أي حال، إنّها مرتبطة بالأنوثة السحيقة.
عندما تستطيع المرأة امتلاك احتمالية علاقتها الحميمة، تصبح القراءة وسيلة للارتقاء والتأمل. تصبح قارئة، وليست مجرد قارئة للأعمال الصالحة. القارئة الآن وحيدة، من دون صخب الآخرين، أو النظرات التي تحدق فيها لمعرفة ماذا وكيف تقرأ. يمكنها - كما يقول ستيفان بولمان - أن تقرأ في صمت، وتدخل أخيرًا في تحالف مع الكتاب: باعتباره انتصارًا للحرية، وباعتباره تدريبًا مهنيًا في الحرية.يبدو أن هناك طريقة للقراءة. وطريقة معينة تحب فيها النساء الكتب، وممارسة فن القراءة، والحاجة إلى الكتب باعتبارها نسغًا مغذيًا، بل وحتى التفكير في لحظات معينة من وجودهن أن الحياة هي قراءة. هذا هو السبب في أن المرأة التي تقرأ خطرة. فضلا عن ذلك، لن يخطئ الرجال، الذين سيمنعون النساء ويحاصرونهن في قفص حتى يقرأن أقل قدر ممكن ولا يقرأن إلّا ما يأمرونهن بقراءته.من الناحية التاريخيَّة ارتفعت نسبة الكتب التي يطلق عليها “الأدب الجميل” ا: من 16.5٪ في عام 1770، إلى 21.5٪ في عام 1800. وهذا ما أطلق عليه “الثورة الكبرى لبائعي الكتب”. وهي في الوقت نفسه ثورة القراءة. كان شغف النساء آنذاك قراءة روايات ريتشاردسون وتوجها  متزايدا بكل ما يتعلق بالأحداث الجارية: السياسة والأحداث والابتكار والعلوم. ترافقت هذه الثورة الثقافية الحقيقيّة مع قراءة الصحف وجاذبيّة متزايدة لما كان يُطلق عليه آنذاك “روايات الوقت الحاضر”. كن يقرأن لكي يفهمن، وينتبهن إلى مشكلات العالم، ويدركن مصيرهن، بما يتجاوز الحواجز الجغرافية والأجيال. وبدأ بعضهن الى الكتابة النسويّة، والاستمتاع بالقراءة بين النساء. هذا ما شهدته والدة غوته، التي كانت تبلغ من العمر آنذاك خمسة وسبعين عامًا، والتي كتبت إلى زوجة ابنها لتشكرها على إرسالها لها “عدة روايات نسويَّة: “لا يمكنك القيام بعمل أفضل وأكثر استحقاقًا تجاهي أنا التي تحبك، من أن تتكرمي لتسمحين لي  بالاستمتاع به في فقر روحي عندما تتلقين مثل هذه الأشياء السارة”.القراءة بين النساء، وكتابة النساء من أجل النساء، تخلق في الواقع، رابطة من التضامن التي تقلق الكثير من الرجال - رجال القانون، ورجال النظافة، ورجال الأخلاق، ورجال الكنيسة. كلهم بطريقته الخاصة، ينزعجون من النساء اللواتي يقرأن، قبل تهميشهن، ووصفهن بأنهن مختلفات، ويعانين من عصاب متعد، وضعف، وإنهاك بسبب المغالاة  بالرغبات المصطنعة، وهن على استعداد للاستسلام، وفريسة أحلام عالم منحل، متحلل.
تعزز الكتب التواصل الاجتماعي والتبادل بين النساء. في الحلقات والصالونات، وبحجة القراءة، يتجدد العالم. ثم بدأ الخطاب الذكوري حول “المرأة التي تقرأ كثيرًا” بالاستقرار الذي سيصبح مهووسًا ومتكررًا طوال القرن التاسع عشر.
النساء اللواتي يقرأن، فضلا عن ذلك، يقرأن كثيرًا دائمًا. إنهن في حالة انغماس، ونشوة، وخارج ذاتهن. لذلك لا بدَّ من الحذر منهن، كما يكتب هذا الرجل الحنون: “أنا لا ألوم امرأة على سعيها لتأكيد أسلوبها في الكتابة وفن حديثها من خلال الدراسة المناسبة والقراءة المختارة بشكل لائق، ومحاولة عدم البقاء بشكل كامل من دون معرفة علمية؛ لكن لا يجب أن تجعل الأدب مهنة، ولا يجب أن تغامر في مجالات سعة الاطلاع”.ومع ذلك تتوجه الفتيات الشابات إلى عالم القراءة فيصبحن أسيرات لها، كما يتضح من لوحة فرانز إيبل، في منتصف القرن الثامن عشر، بعنوان الفتاة الشابة التي تقرأ 1850. في السرير كعادة أنثوية جديدة، بلباسها الخفيف وكتفها العاري والنص قريب من شفتيها. حتى ليشعر المشاهد بأنّها ترتجف لقراءة ما تقرأه!، وتبدو أفكارها صريحة مثل وجهها الساحر المتسم بالبراءة والجاذبيّة، اشتهر رسامها، فرانز إيبل كرسام بورتريه ورسام نوعي، تجسد أعماله ولا سيما حالات الحياة السرية للأفراد، والتي أصبح تمثيلها التحدي الكبير الجديد للرسم في القرن التاسع عشر.
هل من قبيل المصادفة أن القارئة في لوحة جان جاك هينر عارية؟ وهي ملتحمة مع النص؟ وهل أصبح شكلها مثل فينوس وهي ترتدي الفراء؟، ويسلر، في لوحته التي تحمل عنوان “تحت المصباح”، تجسد ذات الحركة: تقترب من نصها أكثر فأكثر، يجذبها إليه. هناك جسد النص، وجسد القارئة. والرغبة في الانسجام كما لو كانت في تناغم مع الذات. ويذهب فان غوخ إلى أبعد من ذلك في لوحة أخبر شقيقه ثيو بأنه  “مسحها” في أقل من ثلاثة أرباع الساعة: لم تعد الأيرلانية تقرأ؛ إنها متوقفة عن القراءة، ما قرأته أثار استجوابها كثيرًا لدرجة أنها أسقطت الكتاب، وارتسم على وجهها أذى عميق يمكن أن يبني في داخلها جملة أو صفحة من كتاب. والإيرلانية هذه هي زوجة مدير مقهى المحطة. واسمها مدام جينوكس. في اللوحة، كبيرة السن، وتبدو ذات طابع كئيب وليس لديها متسع من الوقت للقراءة. يجب أن يكون عدد الأشخاص الذين يترددون عليها يوميًا قليلًا للتعرّف على هذه الحديقة السريَّة أي الشغف بالقراءة. لقد فهم فينسنت ذلك، وفي لوحة خالدة ومثيرة يعطي هذه المرأة، التي يجب على الكثير من الناس اعتبارها غير متعلّمة وليست منفتحة على العالم، كرامة وبُعدًا روحيًّا.
في منتصف القرن السابع عشر، يرسم الفرنسي جان سيميون تشاردان صورة بعنوان (مسليات الحياة الخاصة). تُظهر لنا اللوحة امرأة تجلس بشكل مريح على كرسي بذراعين أحمر كبير بمساند مبطنة، ووسادة ناعمة خلف ظهرها، وقدماها تستريحان على كرسي. اعتقد المعاصرون لشاردان أنّهم يستطيعون تمييز بعض التراخي في ملابس المرأة، وخاصة في الطريقة التي تحمل بها  كتابها على ركبتيها بيدها اليسرى. وإذا كانت هذه المرأة قد توقفت عن القراءة، فهي تحلم وتفكر، بل تشكل أيضًا رؤيتها الخاصة للعالم والأشياء. وبعد خمسة عشر عامًا، يرسم بيير أنطوان بودوان، الباريسي مثل شاردان المعاصر، بدوره امرأة تستمتع بالقراءة وهي مسترخية على سرير فخم، ولكن بكامل بملابسها. وتجسد لوحة للرسام الهولندي بيتر يانسنز إلينجا في ستينيات القرن السادس عشر خادمة منغمسة في القراءة. على النقيض من لوحة رامبرانت القارئة المرأة العجوز، وقد سمحت لمعاصريه بتحديد نوع الأدب الذي كانت تقرأه:  كانت قصة جميلة عن الفارس مالاجيس، الذي فاز بالحصان الشهير Bayard وعاش العديد من المغامرات الرائعة”، وهي واحدة من أشهر روايات الفروسية في ذلك العصر.
يمكن أن يصبح الكتاب بالنسبة للنساء أكثر أهمية من الحياة. فهو يعلمهن أن الحياة الحقيقيّة ليست هي الحياة التي صُنعت لتعيشها إنما موجودة في مكان آخر: هناك، في هذا الفضاء التخيلي بين الكلمات وتأثيرها. يصبح الكتاب طقساً.
وكيف لا نفكر بإيما بوفاري؟ كيف لا تتذكر عبارة غوستاف فلوبير إلى مادموزيل دي شانتيبي في يونيو 1857: “اقرأي لتعيشي”. ثم غزا موضوع رواية العاشق الميدان الاجتماعي، مما أدى إلى اضطراب العقليات وزعزعة المستويات الجنسية والنفسية والسياسية. ولنتذكر العبارات التي نطقت بها إيما عندما أدركت، بمفردها أخيرًا في غرفتها بعد مغادرة رودولف، أن لديها عاشقًا: “ثم تذكرت بطلات الكتب التي قرأتها وكيف بدأ الفريق الغنائي لهؤلاء النساء الزانيات يغني في ذاكرتها بأصوات الراهبات اللواتي سحرنها. فأصبحت هي نفسها جزءًا حقيقيًا من هذه الخيال وأدركت حلم شبابها الطويل، معتبرة نفسها من هذا النمط من العشاق الذي كانت تحسده كثيرًا”. كانت إيما تقرأ الروايات لتخترع عالماً، «أرض السعادة والعاطفة الهائلة». الخيال يملأ الفراغ الواقعي. الرواية هي دعم للخيال الذي لا يكفي أن يوفره الواقع.
عندما قُدم فلوبير للمحاكمة بتهمة الإساءة إلى الأخلاق العامة، لم يرتكب إرنست بينارد، الذي قدم لائحة الاتهام، أي خطأ: ما انتقده هو جنس المؤلف، و”الرسم الواقعي”، حقيقة أن “شخصًا واحدًا فقط هو على حق، يسود ويهيمن: إنها إيما بوفاري”، وأن “الفن من دون قواعد لم يعد فنًا؛ إنها مثل المرأة التي تخلع كل كل ثيابها” كما يقول فلوبير: “إيما بوفاري هي أنا”. أليست إيما رجل؟ امرأة ترغب في الوصول إلى ما يفعله الرجال؟ وكان بودلير أول من أصرَّ على طبيعة إيما الرجوليَّة. ويكتب بارت: “فلوبير: أسلوب في قطع وتشتيت للخطاب من دون أن يجعل منه ذا معنى”.في لذة النص، يلاحظ رولان بارت: “لا يكفي أبدًا أن نقول عن قوة تعليق المتعة: إنها حقيقية أيبوخية، أي التوقف الذي يجمد كل القيم المقبولة (التي يعترف بها المرء) بعيدًا. المتعة هي حياد (أكثر أشكال الشياطين انحرافًا)”.
هل المرأة التي تقرأ شيطانيَّة؟ نعم، بالتأكيد، وتشكل خطورة متزايدة. لفترة طويلة مقبلة. مع مرور الوقت، سمحت الأعراس السريَّة بين الجنس الأنثوي والنص الذكوري، والنص الأنثوي، والنص النسوي ببناء أمل جديد وحيوي ومتحرر ومبتهج: لم تعد النساء تختبئ وراء هويات سرية، وأسماء مستعارة، لم تعد المرأة تكتفي بالتشبه بالبطلات المخترعات، النساء يتحدثن، النساء يقلن “أنا”، النساء يكتبن “أنا”، النساء ينتجن نصًا، ونصًا نظريًا، ونصًا خياليًا، عن سفاح القربى، وعن المثلية، وعن الجنس، وعن الجنسانية. إنهن يعرفن كيف يجدن جوهر وجودهن تحت جسد النص.
**
“هل قرأته أم لا؟ كان من الصعب بالفعل تجنب السؤال. هل قرأت مارلين مونرو، رمز الجنس في القرن العشرين، كتاب يوليسيس لجيمس جويس، رمز الثقافة الراقية في القرن العشرين، الكتاب الذي يعتبره الكثيرون أكثر إبداعات الرواية الحديثة شهرة، أم أنها تتظاهر فقط؟ لأنه كما يتضح من الصور الفوتوغرافية  الأخرى التي التقطت خلال وقت تصوير المشهد، إنه بالفعل مجلد من أعمال يوليسيس الذي تحمله الممثلة الشقراء بين يديها.
أراد أستاذ الأدب ريتشارد براون معرفة الإجابة. وبعد ثلاثين عامًا من تصوير المشهد، كتب إلى المصور مقتنعًا أنه يجب عليه أن يمسك مفتاح اللغز. رد إيف أرنولد على الفور، قائلا إنه عندما ذهبت لزيارتها، وجد مارلين تقرأ جويس.
أخبرته الممثلة أنها تحب نبرة الرواية، وأنها تريد قراءتها بصوت عالٍ لفهمها بشكل أفضل، لكن ذلك كان عملاً شاقًا.
عندما توقفت المرأتان بعد ذلك في الموقع المتفق عليه لجلسة التصوير، بدأت مارلين في قراءة يوليسيس بينما كان إيف أرنولد يشغل كاميرته. وهكذا ظهرت هذه الصورة. ليس بالضرورة اتباع البروفيسور براون في مشورته عندما يتخيل أن مارلين ذهبت لقراءة الرواية، ثم التحقت بالجامعة، قبل الانضمام إلى دائرة المتخصصين في جويس. وهو ما كان سيقودها، وفقًا لبراون، إلى التخلي عن حياتها المهنية كعارضة أزياء ونجمة سينمائية.. ويخلص إلى أن مارلين أصبحت الآن محاضرة جامعية متقاعدة، وفي بعض الأحيان تنظر إلى الوراء في دهشة إلى الأيام التي خلت منذ مدة طويلة من شبابها المضطرب. ومع ذلك، هناك نقطة واحدة يمكن الإتفاق عليها مع أطروحات البروفيسور براون، عندما أوصى بقراءة يوليسيس كما قصدت مارلين: ليس من خلال احترام ترتيب الفصول وقراءتها من الغلاف إلى الغلاف، ولكن بشكل متقطع، حيث يفتح الكتاب أحيانًا في وقت ما لقراءة الفقرات بإيجاز. هذه الطريقة غير العادية في القراءة، يمكن تسميتها طريقة مارلين. على أي حال، يوصي البروفيسور براون بذلك لطلابه.