صفاء الليثي
فكرة لامعة لفيلم بطله صبي وحيد والديه، يقومان بواجبهما نحو تربيته بقائمة من الممنوعات، الأم صاحبة الكلمة الأولى في ذلك كحال الأسرة الأموية المصرية، يتمنى الطفل في ما يشبه الحلم أن يحظى بوالدين يلبيان طلباته ويحققان أحلامه، يأخذنا صناع الفيلم معه إلى أسر مختلفة، يعيش الطفل حياته معها ويكتشف كل مرة أن سعادته لم تتحقق بتحقيق رغباته، ويفتقد والديه الحقيقيين بكل ممنوعاتهما.
لا شك أنها فكرة تربوية جيدة، حاولت استغلال نجاح الطفل سليم مصطفى في أول أدواره التمثيلية مع مسلسل "ليه لأ "في جزئه الثاني مع النجمة منة شلبي، حقق فيه قبولا واسعا من جماهير الدراما التلفزيونية، فهل تحقق النجاح نفسه مع "ساعة إجابة" للأسف لا فالنيّات الطيبة وحدها لا تكفي، ورغم حشد النجوم المساند لبطلنا الصغير، إلا أن تفاصيل الحكايات مع كل زوج جديد والدي الطفل، لم تكن على مستوى جيد، وخانهم التوفيق في حكاية يعيش فيها مع والد زعيما لعصابة، ومع ظهور أصدقاء الوالد ترتفع التيمة الموسيقية لفيلم الأب الروحي، وتتدنى لغة الحوار في استخفاف وتنطلق المسدسات بعد تدليل الطفل وإغراقه بكل أصناف الحلويات، التي يتمنى لو سمح والداه الحقيقيان له بتناولها، وفي الانتقال الثاني نجده مع والد بشخصية عصابة المتسولين من تراث جعلوني مجرما، وبكل الألفاظ المسفة، التي تبغي الإضحاك والرسم المبالغ للشخصيات، ويفشل الوالدان المفترضان في تنشئة ابنهما، ليصبح مجرما يتمنيانه ويفخران به، وانتقال ثالث مع والد متزوج من زوجتين إحداهما أمه الممثلة أيتن عامر، التي تتمنى أن تصبح نجمة "توكتوك "، ويتحقق لها ذلك بكلمات ارتجلها الطفل وتقدم "فيديو كليب" مع نجم المهرجانات عمر كمال، وقد يكون هذا الجزء الأظرف والأقرب لتراث أفلامنا القديمة بأجواء العوالم والراقصات، رغم زوج الاثنتين وألفاظ سوقية يفهم دلالتها الكبار فقط ويضحكون عليها، ويأتي الانتقال الأخير ليكون والداه أما خارقة وأبا من أبطال الحكايات ينقذانه من اختطاف، وتتم فيه استعارة أبطال الكوميكس الغربي، ليتم تقديم خليط مع شخصيات من تراث أفلام المقاولات المصرية، وتنتهي الفقرة بإفاقة الطفل، لأنه كان جزءا من فيلم وانتهى التصوير.
ليعود الطفل إلى واقعه، ويصبح أميل إلى تقبله بعد أن مر بتجارب في الحياة المختلفة، التي يعيشها غيره من أطفال بمستويات اجتماعية مختلفة.
حتى الربع الأول من الفيلم حين كان الطفل مع والديه الأصليين الفنانة نجلاء بدير والفنان مراد مكرم والجدة لطيفة فهمي ، كان الفيلم أقرب إلى عمل تربوي لطيف، باستثناء مبالغات الأم في الصراخ والعصبية، خاصة حين اكتشاف ما يخفيه الطفل عنهما في دولاب ملابسه.
وتأتي مشكلة العمل مع الحكايات الأربع التالية للآباء البدلاء، التي تفاوتت في مستوى الكتابة والإضحاك، وقد تكون هذه إحدى أزمات كتابة ورش العمل، التي يقوم أفراد مختلفي الموهبة والذوق في الكتابة، جمعتها شيرين علاء لفكرة جيدة كتبها أحمد شيكو.
أما المخرج فهو مصطفى أبوسيف ابن المخرج محمد أبو سيف، وجده مخرج الواقعية الكبير صلاح أبو سيف.
ويبدو أنه لا يمكن لمخرج أن يعمل بعيدا عن المناخ العام للصناعة، التي تفرض نجما كوميديا ومطرب مهرجانات، مع باقة من ممثلين لا يحقق الواحد منهم بمفرده الجذب الجماهيري المطلوب، ويعكس الملصق الدعائي للفيلم هذا الحشد من النجوم أصحاب النيات الطيبة، لمساندة طفل ظريف قد يعيد تعبير الطفل المعجزة الذي عرفناه في سينمانا القديمة.
مع ذلك نتأكد أن ما يلائم الدراما التلفزيونية يختلف عن فيلم السينما، الذي يشترط نجما صاحب جماهيرية اختبرت موهبته، وحقق مع جمهوره نجاحات مطردة في أكثر من عمل.
الذوق السائد لجماهير أفلام العيد يتركز في الرغبة في الضحك، الذي يأتي من لزمات كوميدية متكررة مع قليل من الموعظة، التي يجد رب الأسرة الذي صحب أبناءه لمشاهدة العمل، مبررا لكي يقنع نفسه بأنه يؤدي دوره مع المدام والأولاد، فلا بأس من قليل من المواعظ مع الضحك المتواصل والترفيه، الذي لا يدرك الصغار عدم براءته إلا لو سأل والديه وتأتيه الإجابة "هأقولك بعدين".
وقد يعرف الإجابة من زميل له في المدرسة، يتصادف أنه يفهم "لزمات" الكبار على غرار لفظ "الايريال"، الذي ورد بالفيلم، وغيره من ألفاظ محملة بمعانٍ لا يحب الآباء أن يعرفها الأبناء، وهكذا لا يتحقق الهدف النبيل من الفيلم، وقد يخرج الأطفال بأمنية أن تتاح لهم تجريب وسائل ألطف في التربية من تربية الممنوعات، ولكن الطفل الذي أحبته الجماهير في "ليه لأ 2" وتعاطفت معه، لم تتعاطف مع رغبته في تناول الحلوى أو تربية حيوان مخيف، من دون موافقة أمه. وظل أداؤه بعيدا عن طفل السينما "الغلباوي"، الذي قدمه عاطف سالم في "أم العروسة"، أو ما قدمه صلاح أبو سيف في "الأسطى حسن".