نوافذ مفتوحة

آراء 2023/07/23
...

 د. علي كريم خضير


من التقديرات التي انصبَّتْ عليها سياسات الدول في العالم، تتمثل في انفتاحها على مختلف الإتجاهات بشرط المعاملة بالمثل؛ لأنك إنْ تتعامل مع دولة بطريقة مثالية، وتواجهك هي بطريقة جافية، يُعدُّ هذا النوع من العلاقات غير بنَّاء وغير منطقي في المسالك الدبلوماسية القديمة والحديثة.

فالعلاقات الدولية لها أُسس وتقاليد ينبغي أنْ يحرص عليها كلُّ طرفٍ في طبيعة التعاطي وكيفية الإجراءات، وبخلافها تغدو العلاقة سائبة وغير خاضعة للأحكام الدولية النافذة.

وقد يكون العراق من أبرز الدول التي تعرضت إلى مخاطرٍ كثيرة نتيجة الحروب المستمرة مع الدول الأقليمية، أو الدول الكبرى، إذ تأثرت بفعل ذلك سياسته الخارجية واصابها شللٌ كبيرٌ حتَّى وصل بهِ الأمر إلى الإطاحة، وتركِ إرثٍ ثقيلٍ من الإشكاليات بالغة التعقيد.

هذه الملفات تم التعامل معها - ولسوء الحظ- بعد عام 2003 بأساليب اجتهادية في كثير من الأحيان بسبب اندثار البنى التحتية للبلد، وهشاشة الوضع الأمني، وافتقاد الرؤية الحقيقية للجانب الأمريكي في معرفة طبيعة العراق السياسية. 

وفي تلك الأجواء المشدودة كانت هناك دعوات من بعض السياسيين العراقيين لتشكيل مجلس أعلى للسياسات يكون على عاتقه رسم الملامح العامة لسياسة العراق الجديد، وقد تكون هذه الدعوات صائبة في مضمونها، بيد إنَّ الوقت كان غير مهيأ- بطبيعة الحال- للعمل عليه لعدم توافر النضج السياسي بين الأحزاب المؤتلفة على تشكيل الحكومات، وعدم استقرار البلد أمنياً، وبتقديري أنَّ رفضه حينذاك هو الاقرب إلى الصواب من غيره للأسباب السالفة.

أمَّا اليوم فإنَّ الجو الشعبي العام أخذ طريقاً في الإنسجام بفرز الأصوات الناشزة، والرغبة الشديدة قائمة في بناء عراق حضاري يوازي تأريخه العظيم.وإنَّ كلَّ تلك المحفزات قادرةٌ على توجيه السياسة العامة باتجاه حماية حقوق العراق الدولية في المياه، وفي بناء المصير المشترك بين أبنائهِ بطريقة مشرقة وسريعة، عبر اجتماع الرؤى وتغليب المصلحة العامة، والابتعاد عن الفئوية والمناطقية، وأن يكون ممثل الحزب هو ممثل الشعب بأجمعه، وأن تكون سياستنا الخارجية هدفها الأسمى هيبة العراق وحضوره الدولي الكبير.