العراق وحلقات الربط

آراء 2023/07/23
...








 د. أثير ناظم الجاسور


كل مرحلة من عمر الدول تبدأ عملية التقييم والتحليل، التي على أساسها يتم رسم السياسات المبنية على مجموعة من المحاور والتقسيمات المُساعدة في تحقيق درجات التطور الستراتيجي لها، دول بالضرورة تبحث عن مصالحها وبالضرورة تعمل وفق سياقات المنطق العلمي والعملي في تحقيق النتائج، لا سيما وهي تعمل في نظام سريع التحول وبحاجة لإقامة شبكة من العلاقات الاقليمية والدولية، التي تحافظ من خلالها على مستويات استقرار سياستها الخارجية، فكل الادوات المستخدمة سواء في السياسة الدولية أو الخارجية هي بالنتيجة نقاط تؤهل الدول أن العمل وفق مزاجين، الاول مزاج النظام وما يمكن أن يتحول لحالات إيجابية على الدولة، والثاني مزاج تحولات النظام العالمي مع الفاعلين الرسميين وغير الرسميين، من ثم على الأنظمة السياسية التي تحاول أن تكون فاعلة في هذا النظام الايمان بمكانة الدولة بالدرجة الأساس في بيئتها وخارجها، وإيمان صانع القرار بالقدرات والتي يمتلكها وموارده، التي تؤهله أن يعمل وفق متبنياته السياسية والوطنية، بعيداً على أقل تقدير من التدخلات غير 

المبررة.

بالتالي فإن الانظمة السياسية وما تأسس له من سياسات تؤثر بشكل كبير في مخرجات النظام السياسي في الداخل والخارج، فضلاً عن القوى المؤثرة على القرار السياسي سواء كانت جماعات ضغط وطنية تحاول تصحيح مسار العمل السياسي أو جماعات ضغط مصلحية تحاول رسم تصورات وسياسات وفق مسار الاجندات الخارجية، هذه السياسة بالضرورة تعمل على رسم سياسة خارجية مرسومة وفق ستراتيجيات تتبدل على أساس تطور التفكير الستراتيجي، الذي يلعب دورا في رسم وتخطيط صور العلاقات بين الدول، فهذا التفكير يتم من خلاله التعرف على مقومات القدرة الشاملة للدولة، ابتداءً من حماية الامن الوطني، انتهاءً بأصغر تفاصيل الدولة ومتعلقاتها، وهنا تتم عملية تحديد الأهداف، التي تتناسب وسياسة الدولة ومصلحتها بعد أن تتوفر القدرة المناسبة على تحقيق الاهداف المرسومة، بالتالي فإن العملية العقلية التي تقود هذا التفكير بصورة عامة هي انعكاس لمستويات التطور، التي وصلت اليها الدولة وما تستند عليه من امكانيات تساعدها على 

التنفيذ.

والعراق بحكم موقعه الجغرافي وما يمتلكه من موارد، فضلاً عن امكانياته البشرية والامكانيات المادية، كل هذه العوامل وغيرها تؤهله إلى أن يكون لاعباً إقليمياً ودولياً، لكنه بالضرورة بحاجة أولاً إرادة سياسية نابعة من فكرة ضرورة تحقيق المصلحة الوطنية، وثانياً إدراك صانع القرار أو صناع القرار بمكانة الدولة وقدراتها والعمل بمستوى التفكير الوطني البعيد عن التجاذبات والسياسات المحاور، المسألة الأخرى هي بناء أرضية صحيحة وفق أُسس وطنية رصينة، تعمل وفق البدائل والخيارات المصلحية، بالتالي العراق بحاجة إلى صانع قرار ومجموعة تفكير ستراتيجي ووحدة قرارية متكاملة تعمل على رسم وتخطيط سياسة الدولة الداخلية والخارجية لضرورة ارتباطهما في العمل، من جانب آخر يتم التركيز على التعاون مع كل ما له علاقة بالدراسات الاكاديمية والمراكز البحثية المختصة التي تعالج المشكلات السياسية والاقتصادية، التي تعد مخرجاتهما هي اساس استقرار الدولة من عدمه، هذا في ما يخص الجوانب النظرية التي من المهم أن تُشكل الارضية، التي تُعد أساس عمل الدولة فجانب التنظير من الجوانب المهمة في العمل السياسي، لما تحمله من أفكار وتصورات تبلور الافكار للوحدة القرارية المشكلة.

 من الناحية العملية تعمل الدولة ضمن مجموعة من التصورات، التي توضع بعد دراسة كل البيئات والقوى الفاعلة فيها على ضمن تدرجية الخطوات الأولى الدول والثانية المناطق، ومن خلال هاتين الفقرتين تعمل وفق فكرة الفائدة الاسترجاعية، فتكون تحركاتها هي المدخلات وما ينتج من هذه التحركات من تفاعلات مع الدول هي المخرجات، من ثم تتم دراسة هذه المخرجات وتحويلها إلى خيارات واولويات، لكن لا يتم ذك إلا بعد تحضير البدائل للطوارئ، وقضية التحولات الدولية والتغييرات الطبيعية، التي لا سيطرة عليها من قبل الدول، في ما يخص الدول فصانع القرار العراقي ووحدته القرارية يعملون على مستوى حجم العراق ومكانته مع نظرائه في إقليمه، دون الابتعاد عن فهم نسق وأيديولوجية هذه الدول، لأن النتيجة هي فائدة استرجاعية، فيتم العمل على أساس المصلحة الوطنية ومستوى الفائدة، التي من الممكن الحصول عليها من جراء إنشاء هذه العلاقة، بالتالي يتم الربط مع هذه الدول إلى جانب حسن الجوار ومبدأ عدم التدخل في شؤونها الداخلية، تبدأ عملية التفاعل السياسي والاقتصادية والعسكري، من خلال مبادرات واتفاقيات مسجلة يحترمها الطرفين وكل الاطراف، من ثم يتم الانتقال للمناطق الحيوية، وهذا ايضاً يتم بعد دراسة القدرات والامكانيات في ما لو تم اتخاذ القرار الانتقال من البيئة الاقليمية إلى الدولية، لا سيما أن دولة بحجم العراق، وما يمتلكه من قدرات تؤهل للعب دور فعال وعلى مختلف الصعد، بالتالي يتم العمل على تعدد خيارات التحالف السياسي، وتعدد التفاعل والاعتماد الاقتصادي والتجاري، وماله علاقة بعملية التشارك والتكامل مع الأسواق العالمية، فضلاً عن الاتفاقيات والمبادرات، التي تجعل من العراق حاضراً في مختلف مناطق العالم والحيوية منها بالتحديد، إلى جانب جعل ارض العراق ساحة لاتفاقيات ومبادرات السلام، سواء في المنطقة أو العالم.