حمزة مصطفى
أثار قرار رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قطع العلاقات الدبلوماسية بين العراق والمملكة السويدية ردود فعل واسعة داخلية وإقليمية ودولية.
القرار بحد ذاته جريء وبدا في وقته المناسب لجهة التحشيد العربي والإقليمي والدولي ضد تمادي السويد في الاستخفاف بمشاعر ملياري مسلم، وذلك بالسماح للمرة ثانية بحرق نسخة من المصحف الشريف.
كما تمادت بالاستخفاف بمشاعر 42 مليون عراقي حين وافقت على إحراق العلم العراقي أمام السفارة العراقية في العاصمة إستوكهولم، دون الالتفات إلى الأعراف الدبلوماسية المعمول بها بين الدول، ووفقا للاتفاقيات الدولية، ومنها إتفاقية فينا.
كل هذا جرى تحت بند "حرية التعبير".
لكن المفارقة اللافتة أن السويد وداعميها من جهات مختلفة بمن فيها دول ومنها الولايات المتحدة الأميركية "عافت" جزءا من الإتفاقيات الدولية و"جلبت" بجزء منها.
الجزء الذي "عافته" هو حرق علم دولة ترتبط مع السويد بعلاقات دبلوماسية عريقة ومصالح مشتركة ومتبادلة على مدى عقود من الزمن.
أما الجزء الذي "جلبت" به هو أن حرق سفارتها في بغداد من قبل متظاهرين غاضبين، يتناقض مع إتفاقية فينا في حماية البعثات الدبلوماسية.
على صعيد هذه النقطة نعم حيث يمكن القول إن الفعل، الذي قام به المتظاهرون الغاضبون يتنافى مع اتفاقية فينا والحكومة العراقية إتخذت إجراءات ضد هذا الفعل.
لكن في مقابل ذلك هل إتفاقية فينا تضمن فقط حماية البعثات ولا تضمن حماية أعلام الدول التي هي رمز سيادتها؟
لنؤجل عملية حرق نسخة من المصحف الشريف، باعتبار أن السويد تحاججنا بمفهوم حرية التعبير، ونبقى في إطار قضية العلم العراقي.
هل هذا العمل جزء من حرية التعبير أيضا.
يعني حرية التعبير عند السويد تعني احرق واحرق واحرق، لأن القانون يسمح لك.
طيب "جينا وياكم" إذا كانت المسألة بهذه الطريقة، فإن حرق سفارتكم في بغداد هي جزء من حرية التعبير أيضا لدى جمهور الغاضبين العراقيين.
أقول ذلك في وقت رفضت الحكومة ما جرى للسفارة السويدية حفاظا على سمعة العراق الدولية.
لكن من الواضح أن الحكومة السويدية التي تعيش وضعا متناقضا بين ما تريد عمله وبين يمين معارض متطرف تسعى لإرضائه، بكل الطرق حتى وإن أحرق "المعاتيه" فيها كل الكتب المقدسة للأديان السماوية وأعلام الدول، الأمر الذي يطيح بسمعة السويد تبدو غير قادرة على التصرف الأمر، الذي يجعلها تترك لب القضية وتتمسك بالقشور.
فالآن وبعد قرار العراق قطع علاقاته مع هذه الدولة الأوربية، التي لا نريد التصعيد معها ولا مع الاتحاد الأوربي، بدأت تواجه ردود فعل إسلامية واسعة النطاق، الامر الذي يجعلها ملزمة وفقا للاتفاقيات التي تعلن أنها تتسمك بها، ومنها إتفاقية فينا أن تتنبه لما باتت عليه من وضع قد لاتستطيع مقاومته، وهي تسمح لـ "المعاتيه"، بحرق نسخ من المصحف الشريف تحت ذريعة.. "تمسلت التعبير".