سوق العملة

آراء 2023/07/24
...

  بشيرخزعل

متابعة سوق العملات للحد من عمليات التهريب، التي تتم عبر إصدار البطاقات الائتمانية أو فتح حسابات مصرفية كخطوات للاجهزة التنفيذية وتعليمات البنك المركزي العراقي، لم تأتِ بثمارها لأغلبية كبيرة من المواطنين، خصوصا المقيمين منهم خارج العراق، كان يحق للمواطن أن يرسل حوالة خارجية بمبلغ اقصاه 7000 آلاف دولار اميركي شهريا، وهو مبلغ يمكن أن يسهل أمور الدارسين في الجامعات الاجنبية والأسر المقيمة، ممن يعتاشون على هذه الحوالات لتسديد الدراسة والمعيشة، لكن سماسرة الحوالات والمضاربين عمدوا إلى استئجار أشخاص عاطلين عن العمل بمبالغ يومية لفتح حسابات مصرفية، من أجل إرسال الحوالات إلى أنفسهم في دول يسافرون إليها أو يوجد من ينوب عنهم لاستلام تلك الحوالات، لغرض الاستفادة من مبلغ الحوالة في شراء الدولار بسعره الرسمي وإعادة بيعه بالسعر التجاري، فأصبحت المصارف تعج بالكسبة من عمال البناء والكادحين أو العاطلين، لغرض فتح الحسابات المصرفية مقابل الحصول على أجر يومي يتراوح ما بين 10 - 25 الف دينار عراقي، وكإجراء مضاد وغير مدروس من قبل البنك المركزي، خفض مبلغ الحوالة من 7000 إلى 3000 دولار اميركي للحد من هذه الظاهرة، الأمر الذي زاد من معاناة الأسر المقيمة والطلبة الدارسين في الخارج، كونهم المتضرر الوحيد من خفض مبلغ الحوالة الخارجية، هذه الفوضى الاقتصادية غير الواضحة والتخبط في السياسة المالية وتشجيع سياسة اقتصاد السوق الحرة المنفلتة، كل ذلك، قد جعل العراق مرتعاً كبيراً للفساد الإداري والمالي والمضاربات والسلوكية غير المنظمة في العمليات الاقتصادية بشكل عام والتجارية بشكل خاص، ما معنى أن يزدحم المضاربون أمام ابواب المصارف، لفتح حساب مصرفي من دون معرفة الحاجة الفعلية لفتح حساب مصرفي، وما الغرض منه، وماهي متطلبات وضرورة أن يكون لشخص عاطل عن العمل حساب مصرفي؟، ضبط السياسية النقدية لا يأتي بقرارت غير مدروسة، بل لا بد من دراسة تبعات أي قرار على الصالح العام للمواطن في الداخل والخارج، منع سماسرة ومضاربين من الاستفادة من الحوالات ليس معناه أن يعم الضرر على طلبة وأسر مقيمة في الخارج تعتاش على دخل مادي لمعيل يعمل كموظف حكومي أوفي القطاع الخاص أو ممن لديهم عوائد مالية لممتلكات عقارية مستاجرة، بينما لو اراد البنك المركزي حلولا حقيقة في ما يخص موضوع الحوالات على سبيل المثال، لماذا يعمم الاجراء القسري على الجميع، بدلا من أن يطلب الأوراق الرسيمة، التي تثبت الإقامة أو الدارسة خارج العراق، ليقرر مبلغ الحوالة المعقول، وحسب الحاجة الفعلية التي يقتضيها مبلغ الحوالة؟، وكذلك الامر بالنسبة للتجار والمستوردين ورجال الاعمال، ترك الحبل على الغارب وسياسية حرق الأخضر واليابس لن تنهي عمليات الفساد، بل تفتح آفاقا جديدة للتحايل والالتفاف على القانون بطرق جديدة.
محاولة التقليل من التداول النقدي للدينار، وتشجيع الـتـداول الإلكتروني لم تمنع عمليات تهريب العملة عبر البطاقات الائتمانية، اما رفع سقف تصريف الدولار للمسافرين إلى مبلغ 3000 دولار، كما أعلن مصرف الرافدين مؤخرا، فهو امر مضحك حقا، فهل يكفي مثل هذا المبلغ لمدير ما في وزارة ما أو وزير أو مسؤول لشراء تذكرة طائرة في مقاعد الدرجة الاولى؟
ومع موجة غلاء تعصف بأغلب دول العالم، تداول سعر الدولار الرسمي في العراق لأصحاب الحاجة الفعلية، ما زال بحاجة إلى قرارات عقلانية ترتكز على اسس واقعية بلا مزاجية أو فلسفية.