دراما المسؤولين

آراء 2023/07/24
...



   رحيم عزيز رجب                    
لعقدين من الزمن مضت ولسنوات عجاف ما زال البلد على صفيح ساخن من الأحداث والمتغيرات السلبية، التي يلتمسها المواطن.

تعاقب الحكومات ورؤسائها خلال دورة انتخابية واحدة كفيلة لإثارة موجة من الأزمات، لتعج وتنشط عجلة التغيرات بين القيادات العسكرية المسؤولة، نتيجة الأحداث أو الخروق الأمنية.
مع تغير طفيف بين مسؤولي الوزارات المدنية الاستثنائية، التي لا تحدث إلا في الحالات الطارئة، أو عند عدم التوافق بين المكونات الحكومية، فتثير سحب الصيف لتأتي، بمسؤولين بدلاء عند تشكيل الكابينات الوزارية في مشهد تعاقبي مثلما تتعاقب الفصول الأربعة.
ومن أهم تلك العوامل التي تهوي بالمسؤولين، هو مشاركة الشيطان ومكوثه خلف أبوابهم ودعوتهم إلى الفساد والانحراف إلى أن يسقط أحدهم، ويهلك دون تحقيق مآربه وطموحاته الفئوية.
ليأتي الآخرون من البدلاء بطرق شتى، مستغلين تلك الاحتياجات والنواقص والثغرات في المؤسسات التي يقودونها.
فيظهرون أمام وسائل الاعلام مع حاشيتهم وفريق من الإعلاميين في مشهد درامي، لا يخلو من المشاعر الإنسانية أو الدراماتيكية.
فتجد من المسؤولين من يفيض بكرمه وبصلاحيته على البعض من معيته أو على أفراد أصيبوا بالعجز جراء العمليات العسكرية، أو الإصابات البليغة، التي عجز الطب المحلي من إتمام علاجه.
فتأتي صدفة اللقاء بالمسؤول ليغدق عليه بكرمه أمام الملأ، ومنتسبي وزارته وعلى وسائل التواصل الاجتماعي فيكون البطل الهمام.. والعاطي الوهاب بعد الله.
في الوقت الذي لا تخلو مؤسسته في مثل هكذا حالات، فربما تصل بالعشرات أو المئات بنفس الإصابات، أو ربما أعقد من تلك.
حتى أخذت الأمور نحو الاجتهادات الشخصية والظهور الإعلامي المتكرر للمسؤولين.
فيكون الأخير بعيدا عن هذه الامتيازات، فلم تسعفه تلك الصدفة بمقابلة المعالي أو المسؤول صاحب الكرم والجود.
ليتكرر المشهد مع أحد مسؤولي وزارة التربية، وهو يتفقد أحد المراكز الامتحانية النموذجية والمزودة بجميع الخدمات من أجهزة ووسائل تبريد وقاعات نموذجية في مشهد درامي آخر محكم، بعيدا عن الواقع المزري، التي تعانيه أغلب المراكز الامتحانية في المدارس النائية.
من فقدان أبسط المستلزمات الضرورية والأجواء المكيفة، والتي تقتصر أغلبها على أبنيتها البسيطة المتهرئة.
وصفوف تقتصر على مراوح سقفية وقد تكون بينها عاطلة.
لتبدأ معاناة هؤلاء الطلبة مع الأجواء الساخنة، فتكون بضعف صعوبة أسئلة الامتحان!، وليس ببعيد عن دراما مسؤولي الصحة، وهم يتفقدون الأجنحة الحديثة للمستشفيات والمختبرات، التي تزدحم بالأجهزة الطبية.
والصيدليات العامرة بالأدوية لينتهي المطاف بالمريض شراء بعض الحقن الرخيصة من الصيدليات الأهلية، وبإضعاف الأثمان بعيدا عن الكاميرات.
والأضواء دون تحقيق أي فائدة ترتجي مما شاهده.
ولا نستبعد مسؤولي النقل.
وما تعج من فوضى وعدم التزام أصحاب مركبات النقل بالوقوف بـالمرائب، التي شيدت وبالملايين، لتكون هياكل وأبنية خاوية، تحاكي وسائل النقل، كما في مرائب النهضة والبياع وغيرها.
لتجد مسؤول النقل مع فريقه ومستشاريه وإعلامييه، يتوعد المخالفين ممن يخالفون النظام، وتجاوزهم الالتزام بالمرائب، ووضع خطة بالتنسيق مع الجهات الامنية لضبط آلية النقل، إلا أن الوضع يبقى كما كان عليه، وعلى المتضررين الملتزمين اللجوء إلى النقابة بعد المواقف الدرامية.. وهكذا دواليك حتى يكون المسؤول وإعلام المسؤولين في وادٍ والواقع المزري في وادٍ آخر، إذا لم يعقب مواقفهم وجولاتهم التفقدية المتابعة والحزم.
فهل فكرهؤلاء المسؤولون العمل بعيدا عن الأضواء والكاميرات والمشاهد الدرامية، ليعملوا بصمت وفق سياقات القانون والدستور المخولة لهم، بعيدا عن تكريم الاستثناءات واستعراض واجباتهم الوزارية وإثارة العواطف في صنع مشاهد دعائية.
 فكلٌ من موقفه وما يمليه عليه ضميره الوطني والوظيفي.
فلا يحتاج المصابون والعاجزون إلى أضواء تسلط عليهم، ليصدر الأخير أمر بإيفادهم إلى الخارج، لتلقي العلاج، اذا كان ضمن صلاحياته وحدوده الإدارية ولا يحتاج مسؤولو التربية تفقد المراكز الامتحانية النموذجية، وفي مناطق تعتبر راقية، بل تجاوزها والتواجد في الأطراف والمراكز البائسة، والتي تخلو حتى من البرادات الكهربائية، لنصل إلى عمق الحقيقة ومعالجة المشكلات من جذورها، فلا نضع رؤوسنا في الوحل ظنا منا تجنب وتلافي القادم من الأخطار