غوتيريش يخوفنا

آراء 2023/07/31
...

 حمزة مصطفى


بعكس معظم الأمناء العامين السابقين للأمم المتحدة فإن الأمين الحالي إنطونيو غوتيريش لا يعبر حيال الأحداث والأزمات العالمية عن القلق فقط، بل يشخص ويحذر وأحيانا يقترح الحلول.

بمعنى آخر أن الرجل بعكس أسلافه خصوصا بان كي مون دائم القلق وكوفي عنان الرجل الضبابي، الذي لا تفهم منه لا حقا ولا باطلا «يخلي كلمن طينته بخده».

صحيح أن الأزمات التي يعاني منها العالم الآن والتي يحذر منها غوتيريش لم تكن ضاغطة كثيرا على عهد أسلافه المتأخرين حتى لا نظلمهم، لكن لو كان بعضهم موجودا لما رأينا منه أكثر من التعبير عن القلق حيال مصير البشرية، ثم يعود كل واحد منهم إلى الطابق الثامن والثلاثين من المبنى الزجاجي في نيويورك الذي كتب عنه المرحوم بطرس غالي مذكراته عن السنوات الخمس التي قضاها فيه أمينا عاما للأمم المتحدة، والتي جاءت بعنوان «5 سنوات في بيت من زجاج».

هذا البيت الزجاجي الذي طالما واجه ولا يزال مشكلات العالم وأزماته على كل المستويات، لم يكن في بعضها موفقا لا سيما عندما كان العالم يديره قطبان خلال الحرب الباردة وهما «الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي»، أو قطب واحد بعد نهاية الإتحاد السوفياتي وهو الولايات المتحدة الأميركية، قبل بروز قوى كبرى جديدة من بينها روسيا نفسها وريثة الاتحاد السوفياتي. 

مع ذلك يبقى هذا البيت الزجاجي بيت العالم الذي تلجأ اليه الدول، حين لا تستطيع أخذ حقها بنفسها، بل تلجأ إلى تسجيل شكوى في أكبر مركز شرطة بالعالم وغالبا ما تكون النتيجة مطالبة وتحذيرا فقط.

قصتنا مع غوتيريش لا مع المبنى الزجاجي مع إنه الآن كبير ساكنيه. 

ملخص القصة تكمن في ما أصدره الرجل من تحذير يكاد يقترب من الكارثة.

لذلك قلت إن غوتيريش لا يشخص فقط ولا يحذر فقط بل «يحكيها طك بطك».

الجميع بات يعرف أن الخطر الأكبر الذي تواجهه البشرية الآن هو الجفاف والتصحر والانبعاث الحراري.

وبالرغم من المحاذير التي صدرت طوال الفترات الماضية سواء من قبل علماء أو سياسيين فإن الحلول التي طرحت من خلال قمم أو مؤتمرات لا تزال حتى الآن برغم المحاذير أقل من المستوى المطلوب.

ولأنه لم يبق في السيف منزع أعلن غوتيريش الأسبوع الماضي وفي مؤتمر صحفي أن عصر الاحتباس الحراري الذي كنا نرجف منه خوفا قد انتهى.

وبدل من أن يزف لنا سعادته بشرى زوال الخطر وإذا به يفجر قنبلة من الوزن الثقيل، بل الأثقل منذ قنبلة هيروشيما وناكازاكي قبل أكثر من ثلاثة أرباع القرن.

قال غوتيريش بلسان برتغالي فصيح «بدأ عصر الغليان العالمي» في الأرض.

ومما قاله أيضا إن « درجة الحرارة أصبحت لا تطاق، ومستوى أرباح الوقود الأحفوري وتقاعس العمل المناخي غير مقبول». 

حيال هذا التحذير الصادم هل نستطيع نحن في العراق أن «نزامط» سعادة الأمين العالم بالقول إننا في كل شهر تموز تبلغ درجة الحرارة عندنا نصف درجة الغليان؟. 

وبالتالي ما هو الجديد الذي يمكن أن يحصل لجلودنا المدبغة بالحرارة دائما، وأبدا في الصيف لكون تمرنا دون كل تمور العالم لاينضج الإ بواسطة طباخات هي.. جلود ولد الملحة؟