ليس كل ما هو قانوني مناسباً

آراء 2023/08/01
...

  محمد شريف أبو ميسم
عادة ما تفسر حالات حرق القرآن الكريم، التي تكررت في العاصمة السويدية ستوكهولم على أنها محاولات للتيار اليميني في كسب الناخبين مع تنامي الكراهية للمهاجرين المسلمين، مثلما حصل أمام السفارة التركية في مطلع هذا العام وكذلك في نيسان من العام الماضي.
إلا أن ما قام به أحد اللاجئين العراقيين عند مسجد ستوكهولم المركزي في أول أيام عيد الأضحى نهاية حزيران الماضي، بعد أن منحته الشرطة السويدية تصريحا بتنظيم الاحتجاج إثر قرار قضائي، عد أمرا لافتا بامتياز، ليس لأنه تصرف فردي غير مبرر وحسب، بل لأنه عمل مدعوم ومؤثث له بامتياز، لأهداف لم تتضح في حينها، إذ قيل إن الجاني يبحث عن الإقامة وطلب اللجوء، وهذا ما يؤكد أن تواجده غير رسمي على الأراضي السويدية، فكيف حصل على الترخيص من الشرطة وهو في وضع غير قانوني؟، وحين أصدرت الحكومة العراقية بيانها بشأن الاحتجاج والمطالبة بتسليم ذلك الشخص لتتم محاكمته وفق القانون العراقي، قوبل طلبها من الجانب السويدي باصرار على حماية هذا الشخص، ليكرر فعلته مقرونة بتمزيق العلم العراقي، وحرق صور أحد الرموز السياسية العراقية، ليؤكد أن ثمة رسالة خارج قضية دعم اليمين السويدي لمنهج كراهية الاسلام والمسلمين والهجرة غير الشرعية.
وقد أدرك ذلك رئيس الوزراء السويدي، أولف كريسترسون، فأدان هذا العمل على خلاف ما يوصف، أنه حق دستوري وقال في تغريدة له على منصة تويتر “حرية التعبير جزء أساسي من الديمقراطية، ولكن ما هو قانوني ليس بالضرورة أن يكون ملائما، وحرق كتب تمثل قدسية للكثيرين عمل مشين للغاية”.
ثم أعقبته نائبة رئيس الوزراء السويدي، إيبا بوش، وأعربت عن قلقها بشأن ذلك، وحثت على التوقف عن حرق القرآن. قائلة “حان الوقت لتعودوا إلى رشدكم. إنها حالة خطيرة، يجب أن ندرك أن كل ما هو قانوني ليس بالضرورة أن يكون مناسباً”.
الأمر الذي يستدعي النظر بدقة في هذا الحدث في ظل استدامة اعلامية تستهدف العراق وتقدمه على أنه الراعي الرسمي للارهاب في العالم، فمن هو المستفيد من هذا السلوك غير المبرر؟ ولماذا يصمت العالم الاسلامي هذه المرة، مكتفيا بإدانات خجولة هنا أو هناك؟.
وللاجابة هنا، لا بد أن نفهم أن هذا الحدث ليس سلوكا فرديا كما تظهره وسائل الاعلام ومواقع التواصل، بل حدث ممنهج يستند إلى من يقف وراء حركات اليمين المتطرف في عموم أوربا، التي ما عادت رسالتها زرع الكراهية ضد المسلمين المهاجرين وحسب، بل باتت توظف كل ما هو متاح للضرب في خاصرة الجسد الاسلامي وتمزيق وحدة صف المسلمين، وهذا ما يفسر صمت العديد من الدول الاسلامية، التي تسلمت الرسالة في سياقها الرمزي.