عندما تتناطح الإبل

آراء 2023/08/01
...

  عمر الناصر

لا يختلف سراق الريف كثيراً عن سراق المدينة، كلاهما لديهما هدف مشترك ورغبة في تملك ما ليس لهم، فالكثير منهم يتبع فلسفة ما خفَّ وزنه وغلا ثمنه، وهي تعد من السرقات النوعية، لأن هذه العملية فيها تشابه كبير مع سوق بيع وشراء المناصب الوزارية، كذلك الحال لا يختلف سراق الحضارة المتقدمة عن أولئك المتواجدين في «سوگ الحرامية» كما يطلق عليهم البغداديون، ليس فيها لهم اي لون إلا لون ظلام الليل، الذي يحمل بين طياته نشوة الصفقات التي تمت على إثرها السرقات.
من الطبيعي ان نجد العقل الجمعي قد وصل إلى مراحل متقدمة من النضج السياسي، لذلك نرى أن أغلب القوى السياسية قد اصبحت باختبار وسباق حقيقي لبقاء واستمرارية وديمومة ايدلوجياتهم، لمواكبة الحداثة والافكار المتجددة، كونهم وصلوا لقناعات تقول، إن الستراتيجية الكلاسيكية التي جاؤوا بها بعد التغيير عام 2003 لم تحقق شيئاً من أهدافها المعلنة وربما حتى المخفية لاسباب كثيرة منها، ضعف الخبرة في ادارة الدولة وفشل أغلب القائمين على صنع القرار باتخاذ تحركات استباقية، لغرض الإمساك بصولجان التوازن بين قوة وتأثير العامل الخارجي المتمثل بالصراع الاقليمي، ودور الولايات المتحدة وبعض الدول الاخرى في محاولة لفرض الاملاءات والتجاوز على السيادة، بغية غرس بذور السيطرة على مراكز صنع القرار السياسي في سنوات ما بعد الاحتلال، إضافة إلى أوراق الضغط الاقليمية وتحديات الإرهاب وبقية المشاريع، التي تهدف إلى تمرير أفكار لا تنسجم مع رؤية الواقع السياسي، الذي يتناسب طردياً مع وزن وقوة ومكانة صدارة العراق في مجال الريادة والنفوذ السياسي بين دول المنطقة، بعد أن كانت العربية السعودية ومصر وقطر في المرتبة الثانية والثالثة في حقب ماضية.
لم تُدرِك توابل المطبخ السياسي غير المتجانسة حجم وخطورة المشهد وكبر وعِظم المسؤولية، التي تمس القرارات المفصلية، حتى بدأت نظرية تناطح الابل تطبق حرفياً وبصورة علنية كأسلوب جديد لازاحة الخصوم السياسيين، في محاولة لتقويض جميع الجهود الحكومية الرامية للحفاظ على السلم الإهلي والأمن المجتمعي، ومنع سحب الشارع لمساحات غير مؤمن بها، بل لم تتخذ خطوات دقيقة وعميقة انية وعاجلة تنبع من العمق العراقي بثلاثة أبعاد ستراتيجية فاعلة، تخدم الشأن الداخلي وتمنع أو تَحُد من تحديات تفتيت النسيج المجتمعي، وتذهب بإتجاه دعم الدولة، التي هي احدى دعائم المواطنة لأجل درء المفاسد التي تُقدم على جلب
المنافع.