مخاطر مستقبلية تهدد الأمن الغذائي العراقي

العراق 2023/08/02
...

 بغداد: هدى العزاوي


حذّر خبراء ومختصون في الشأنين السياسي والاقتصادي من مخاطر مستقبلية تلوح في الأفق تتمثل بتراجع العراق إلى المرتبة 15 عربياً في تنصيف الأمن الغذائي، مدفوعاً بعوامل خارجية بصورة التغيرات المناخية المتمثلة بالجفاف والتلوث إضافة إلى الأزمات والحروب، وكذلك الداخلية التي تأتي بصورة تراجع المساحة الخضراء والزراعية والصناعات الغذائية، ليفوق حجم الاستيراد في البلاد أكثر من 92 بالمئة من الحاجات الغذائية.

وقال مسؤول رسم السياسات في حركة “بداية”، عمر الناصر، في حديث لـ”الصباح”: “بدأت كثير من الدول تستشعر الخطر المقبل الذي بدأ يهدد حياة 8 مليارات إنسان على وجه المعمورة، بسبب التغيرات المناخية والتلوث  والجفاف وقطع الأنهار وقلة المياه النظيفة، الذي تسببت به مصانع الدول  الصناعية المتقدمة، والتي تعد أكبر سبب للأوبئة والأمراض وفناء الحياة  ونفوق الكثير من الكائنات الحية”.

وبيّن، أن “من يطلع اليوم على التحرك الاستباقي الذي ذهبت إليه بعض   الدول القريبة من العراق مثل الإمارات التي احتلت المركز الأول عربياً و26  عالمياً، تليها قطر بالمرتبة الثانية وفي التسلسل 29  عالمياً في مجال تعزيز واستمرارية وديمومة الأمن الغذائي وجعله في مستويات مرتفعة، سيجد أنه من الضرورة اتباع نفس الستراتيجيات النوعية التي ذهبت إليها تلك الدول   لغرض إبقاء شعوبها خارج دوائر المساومات والنزاعات السياسية المحلية  والإقليمية”.

وتابع: أنه “من المؤسف أن يحتل العراق المرتبة 15 عربياً في مؤشر الأمن الغذائي، بعد أن كان يتصدر دوائر النفوذ العربي والإقليمي سابقاً، وبعد أن كان يعد سلّة غذاء تعتمد عليها دول الجوار الجغرافي، بينما نرى أن مراكز صنع القرار السياسي مازالت منشغلة بعيداً عن فكرة إنعاش مفردات البطاقة التموينية للمواطن التي من المفترض أن تضم أكثر من 28 مادة غذائية، كي نقول بأننا في مأمن من التقلبات الاقتصادية العالمية”.

وأشار الناصر إلى أن “اتخاذ حكومة السوداني قراراً برصد أكثر من تريليون   دينار لهذا الملف الحساس الذي هو سبب رئيسي لسخط ورضا المواطن، يعد خطوة جريئة وإيجابية وتحرّكاً جاداً ينبغي أن يتم التعامل معه بحرفية عالية المستوى، خصوصاً تنويع احتياجات السلة الغذائية إلى ما هو خارج المألوف هذا اليوم”، موضحاً أن “ذلك سيكون بداية لكسب رضا الشارع ودعماً للطبقات الهشة ومكافحة حقيقية لآفة الفقر لدينا التي وصلت لأكثر من 25 بالمئة وفقاً لبعض المصادر، ونبعد الأمن الغذائي من خلال ذلك إلى  خارج منحنيات الخطورة”.

من جانبه، قال مدير “المركز العراقي للدراسات الستراتيجية”، الدكتور غازي فيصل، في حديث لـ”الصباح”: “يشكل الأمن الغذائي على صعيد مختلف المناطق في العالم أهمية سياسية واقتصادية للنظام السياسي والاقتصادي، كما أنه يمثل أحد الأعمدة الجوهرية في ستراتيجية الأمن القومي للدول، لكن المؤسف أن الطبقة السياسية لم تكن لديها ستراتيجية لا على صعيد الأحزاب ولا على صعيد الحكومات المتعاقبة لضمان الأمن الغذائي للعراق من خلال توفير الاستثمارات في مجال الزاعة وتطويرها ومكننتها وتشجيع الفلاحين على توفير فرص حقيقية للإنتاج الذي ينسجم مع الطلب في السوق العراقية بالنسبة للسكان، ويمكن أن يكون عاملاً أساسياً للاقتصاد عبر التصدير أو عبر الصناعات التحويلية”.

وعبّر فيصل عن أسفه بأن “تكون مسألة الأمن الغذائي غائبة تماماً عن تصورات القيادات السياسية، حيث وصلنا اليوم لكارثة حقيقية بأن يستورد العراق أكثر من 92 بالمئة من حاجاته الغذائية من تركيا وإيران، مما يشكل خطراً كبيراً على العراق بعد أن كان بلداً منتجاً للمحاصيل الزراعية والحبوب وخزاناً لحبوب العالم لسنين طويلة”، مبيناً أن “العراق كان يصدر في الخمسينيات 50 بالمئة من حاجة الجيش البريطاني لحبوب القمح والشعير، إلا أنه الآن يعاني من إهمال الزراعة والذي أدى إلى خلل كبير في الأمن الغذائي العراقي، بجانب الجفاف الذي ضرب المحاصيل الزراعية والذي لم يعالج هو الآخر من خلال تبني سياسة مائية علمية منذ 2003 إلى اليوم”.


تحرير: محمد الأنصاري