أنا سيدة في الخامسة والخمسين من عمري، بدأت أعاني مؤخراً من النسيان، لا سيما الأمور المتعلقة بأماكن الأشياء في البيت، فحين أضع قوري الشاي على الميز وأردّ على مكالمة هاتفيَّة، أنسى أين وضعته. وحين يسألني زوجي عن عشاء البارحة، فإنَّني لا أتذكر ماذا أكلنا، وبصراحة، أنا الآن خائفة جداً أنْ أكونَ أصبت بالخرف.
أرجو مساعدتك دكتور.
أم عباس – بغداد
* السيدة الفاضلة
حالتك تختلط بين (النسيان) و(الخرف)، ولحسمها علينا أنْ نعرفَ أنَّ أسباب النسيان تختلف عن أسباب الخرف، فأهم الأسباب النفسيَّة للنسيان هو انشغال البال والقلق، وهذه تحصل لدى كثيرين؛ لأنَّ القلق يربك العقل، ولا يسمح للذاكرة باسترجاع ما فيها، فإنْ كانت لديك أعراضُ قلقٍ نرجو منك مراجعة طبيب نفسي لإعطائك علاجاً بسيطاً من مضادات القلق، وعليك العمل بالآتي: حين تضعين الشخاطة مثلاً في مكانٍ معينٍ، ركزّي ثانية وقولي لنفسك إنَّك وضعتيها في المكان الفلاني، لأنني فهمت من رسالتك أنَّ النسيان عندك يتعلق فقط بــ(الذاكرة المكانية)، وهذا يعني أنَّك بعيدة عن الخرف الذي اذا إصاب الإنسان فإنَّه تتعطل لديه كل أنواع الذاكرة، بما فيها ذاكرة الأحداث والأسماء. ولعلمك سيدتي، لا يعني فقدان الذاكرة بالضرورة أنك مصابة بالخرف.ومع ذلك، فإنْ كنتِ تشكين من صعوبة في التواصل أو التعبير بكلمات مناسبة، أو تعانين من صعوبة في قدراتك البصريَّة مثل إضاعة الطريق أو تشعرين أنك (تايهة) عند المشي أو قيادة سيارة مثلاً، أو صار يصعب عليكِ التفكير في قضيَّة أو حل مشكلة كنت في السابق تحلينها بسرعة، فهذه أعراض أحدإانواع الخرف، ومؤشر عن داء الزهايمر الذي يعدّ السبب الأكثر شيوعاً للإصابة بالخرف التدريجي لدى كبار السن.
ليس هذا فقط سيدتي، بل تحصل لدى من يصاب بالخرف، تغيرات نفسيَّة، اكتئاب وقلق تحديداً، وتغيرات في الشخصيَّة مثل تصرفات غير مناسبة لعمر المصاب، أو هيجان أو هلاوس ناتجة عن تلفٍ في الخلايا العصبيَّة، وواضحٌ أنَّ هذه الأعراض غير موجودة عندكِ ما يجعلنا نرجّح أنك غير مصابة بالخرف، فاطمئني.
ومع ذلك، عليكِ بمراجعة طبيبٍ نفسيٍ وقولي له إنَّك من طرفنا وسيعطيك العلاج المناسب، ولا تنسي أنْ توصلي
سلامنا إليه.