خطوط سكك الحديد.. مشاريع واعدة وخدمات بمستوى خمس نجوم

ريبورتاج 2023/08/13
...

  عامر جليل ابراهيم
  تصوير: نهاد العزاوي

بالرغم من أن خطوط سكك الحديد دخلت العراق مطلع القرن الماضي إبان الاحتلال البريطاني، إلا أنها تواجه مشكلات كبيرة تعيق عملها وتنتظر حلولاً وقرارات لوضعها على المسار الصحيح ويأمل المسؤولون فيها بتحويلها من شركة خاسرة إلى رابحة عبر خطط تشمل توسيعها لتغطي جميع محافظات العراق، وأخرى للربط مع دول الجوار مثل الكويت والسعودية وإيران والأردن وسوريا وتركيا ومنها إلى أوروبا.
عن خدمات هذا القطاع الحيوي كانت لجريدة (الصباح) وقفة مع هذه الشركة العريقة للاطلاع على أنشطتها، وأول محدثينا كان مديرها العام المهندس يونس خالد جواد الذي قال: لسكك الحديد العراقية تاريخ طويل وعريق يمتد إلى أكثر من 110 سنوات، إذ بدأت في العام 1914م بخط بغداد – بيزنطة – برلين، الذي أنشئ في زمن الدولة العثمانية، وبعد الاحتلال البريطاني اكتملت باقي الخطوط وأصبحت لدينا خطوط لمدن أخرى ومجمل شبكة سكك الحديد الحالية تمتد بحدود 2000كم بخطوط رئيسة وفرعية.
النهوض بواقع السكك
يكمل المهندس يونس خالد جواد حديثه قائلاً: للشركة عدة إجراءات للنهوض بواقع السكك التي أنهكت بسبب الحروب المتعاقبة حتى أنها لم تشهد تطوراً يلمسه المسافر عبر قطاراتها، لكن الآن توجد خطط طموح للتطوير، لحاجات المواطن أولاً وثانياً لدعم الجانب الاقتصادي فهناك ضرورة ملحة لأن تكون سكك الحديد فعالة لنقل البضائع والمشتقات النفطية لاعتبارات بيئية واقتصادية.

استقطاب مستخدمي القطارات
ويضيف المدير العام قائلاً: في ما يخص مستخدمي القطارات فهناك خطة لزيادة أعداد المستخدمين ونقوم بحملات للتثقيف على استخدام القطارات، كانت ثمرتها زيادة أعداد المسافرين على متن قطاراتنا، خاصة خط بغداد - بصرة الذي يشهد زيادة كمية ونوعية، ومن خلال استبيان الآراء لاحظنا أن أغلب المسافرين يفضلون السفر بالقطار على السيارات لوجود الراحة والخصوصية اللتين يحظون بهما في القطارات ولدينا خطط لفتح خطوط باتجاه الأنبار ونينوى.
ويتابع المهندس جواد: لأول مرة في العراق ستكون قطاراتنا بمستوى خمس نجوم من حيث التأثيث والخدمة ووقت الرحلة وبالشراكة مع قطاع خاص متخصص لتوفير خدمات متميزة في المحطات وعلى متن القطار، ربما يسمع عنها المواطن في بعض الدول وهناك أيضاً توجه نحو السياحة الدينية في القطارات، ومحطاتنا تستوعب 8 قطارات في آن واحد وبالتأكيد سوف تكون هناك رحلات صباحية ومسائية لقطاراتنا الاعتيادية وقطارات الخمس نجوم.

نقل البضائع
ويمضي جواد بالقول: أما في مجال نقل البضائع فلدينا طلبات أكثر من قدرات سكك الحديد حالياً، وبسبب الاهتمام الحكومي تم التوجه نحو النقل المتكامل فلدينا طلبات لنقل بضائع بالسكك الحديد مثل المشتقات النفطية من شركة سومو وشركة توزيع المنتجات النفطية وشركة تعبئة الغاز، وهنالك أيضاً طلبات كثيرة من وزارة الصناعة لنقل منتجاتها، لكنها مؤجلة لحين اكتمال الخطوط وصيانة القطارات والشاحنات، إضافة إلى حاجتنا لأعداد جديدة من القطارات، وهذا ضمن خطط الشركة والوزارة للتوسع ضمن التخصيصات التي تردنا من الموازنة العامة أو بشراكات مع القطاع الخاص، وهذا توجه الحكومة حالياً لعقد شراكات حقيقية مع قطاع خاص عراقي متمكن وذي إمكانيات كبيرة وبأفكار جديدة.

إصلاح خطوط السكك والعربات
ويؤكد المدير العام بالنسبة لحركة إصلاح خطوط السكك والعربات والقاطرات : أن هذا الموضوع يشغل أهمية قصوى ولدينا متابعات يومية وجولات ميدانية، الخطوط الجنوبية من بغداد باتجاه موانئ البصرة جيدة ولكنها خاضعة للصيانة ونقوم بحملات مراقبة لها، لكن مشكلتنا هي في الخط الشمالي فهو خط قديم ومتهالك وتأهيله مؤجل من تسعينيات القرن الماضي بسبب ظروف الحروب السابقة وما تلاها من الإرهاب، رغم أن مواد هذه المشاريع موجودة لكن بعضها تعرض للسرقة، وفي ما يتعلق بصيانة القاطرات والعربات فهناك جهد يومي بدون استراحة حتى في أيام العطل والأعياد لصيانة هذه الوحدات، واستطعنا إدخال العديد من الشاحنات والقاطرات المعطلة للخدمة بجهود ذاتية وبما هو متوفر في مخازننا والأسواق المحلية وأحياناً نستعين باستيرادات بمبالغ محددة، على أمل أن تكون هناك تخصيصات كافية لتصليح هذه الوحدات أو شراء وحدات جديدة، فنحن بحاجة إلى ما لا يقل عن خمسين قاطرة بصورة عاجلة لتلبية هذه الطلبات، وما لا يقل عن ثلاثة آلاف شاحنة من مختلف الأنواع حتى نستطيع الإيفاء بالالتزامات الحالية.

خطوط متوقفة وأخرى جديدة
ويضيف جواد: تأثر كثير من خطوطنا بسبب الإرهاب وسيطرة داعش على بعض المدن حتى أننا فقدنا الخطين الشمالي والغربي بالكامل، لكن الآن بفضل الله وجهود الخيرين عادت كل الخطوط، عدا خط كركوك الذي يحتاج إلى اصلاح جسر الفتحة الرابط لمنطقة بيجي بكركوك.

الربط السككي مع إيران
وبخصوص الربط السككي مع الجارة إيران يقول: فقد وصلنا به إلى مرحلة متقدمة جداً وحالياً يعمل خطنا لنقل المسافرين فقط وحسب الاتفاقية مع الجانب الايراني لمد هذا الخط من منفذ الشلامجة إلى البصرة محطة المعقل بطول 33 كيلومتراً وعند تعديل المسار سوف يصل إلى 36كم، والمشروع ضمن الموازنة الاتحادية لهذه السنة، وقد بدأنا الآن بالخطوات الأولية لاستملاك الأراضي والبدء بتحريات التربة للجسر الملاحي على شط العرب وأيضاً مرحلة إزالة الألغام وسنعمل فيها قريباً وهذا المشروع دخل حيز التنفيذ وأصبح واقعاً، وإن شاء الله يتمتع المواطن العراقي بامكانية السفر إلى الجمهورية الإسلامية عبر قطارات متميزة وستكون هناك قطارات إيرانية تأتي من إيران وقطارات عراقية تذهب إلى طهران.

طريق التنمية
ويستمر جواد بالحديث: طريق التنمية هو بالأساس خط سكك حديد يربط ميناء الفاو الكبير بالحدود العراقية التركية ويمر بعشر مدن بمشروع واعد وكبير وطاقات النقل به متميزة ويسير بخطى متسارعة وباهتمام حكومي من قبل رئيس الوزراء والمستشارين والهيئة العليا التي شكلت لمتابعة هذا المشروع واللجان الفنية برئاسة وزير النقل والمديرين العامين والجهات القطاعية في الدولة.

اهتمام دولي
ويكمل جواد إذ يقول: لقد حظي طريق التنمية بعد المؤتمر الدولي الذي عقد حوله باهتمام دولي ولدينا طلبات يومية للقاء شركات عالمية، فضلاً عن لقاءات مع بعض الدول لبيان كيفية مشاركتها بالمشروع الذي يعد أهم مشروع بعد مشروع ميناء الفاو، لأنه سيخلق فرص عمل وتنمية على طول مساره، والمشروع سيخرج اقتصادنا من الريع النفطي وسيوفر ايرادات مالية ثابتة. فسيكون الإيراد المعاكس حيث أنه سيكون ممراً تجارياً لدول أوروبية وتركيا باتجاه الموانئ وباتجاه دول الخليج وبالعكس، أي أن القطارات ستذهب محملة وستعود أيضا ًمحملة.
تأثير كبير
من جانبه يقول المهندس فاضل صبار جعفر معاون المدير العام لسكك الحديد عن تأثير طريق التنمية في واقع الشركة: إن هذا الطريق يعد نقلة نوعية بعد تنفيذه وسنحقق من خلاله قفزة نوعية في مجال المواصفات والسرعة أعلى من المواصفات السابقة وستنفذه أفضل الشركات المتخصصة بالتصميم والتنفيذ والتشغيل وبقطارات كفوءة ومن مناشئ عالمية.

خطوط جديدة
ويعود المدير العام للحديث ليقول: طول طريق التنمية بحدود 1200كم مع المقتربات وأغلبها يكون خارج المدن ومن الجانب الغربي للناصرية والسماوة والنجف وكربلاء والموصل ومن ربيعة للحدود السورية بمدينة فيشخابور، والخطوط القديمة ليست لها علاقة بخط طريق التنمية وبمواصفات تختلف تماماً عن الخط القديم الذي يخدم قطارات الديزل بسرعة لا تتجاوز140كم بالساعة، أما الجديد فهو خطوط تعمل بالكهرباء بسرعة 300كم بالساعة وتلتقي في مناطق التبادل التجاري وهذا لا يعني أن الشبكة القديمة ستلغى، لكنها ستتطور إلى مستوى يخدم النقل الداخلي والمرحلة التنفيذية حددت سنة 2028 لإكمال سكك الحديد والطريق السريع بالتزامن مع التشغيل الفعلي والكامل لميناء الفاو ليستطيع استيعاب الزيادات.

القطار المعلق
ويختتم المدير العام حديثه: وفي ما يخص مشروع القطار المعلق فستقوم وزارة النقل وسكك الحديد بتنفيذ هذا المشروع بالتعاون مع شركة ارستوم الفرنسية وشركة هونداي الكورية التي سوف تقوم بأعمال الجسور والأعمال الكونكريتية والبنى التحتية وستقوم شركة ارستوم بتجهيز القطارات ومنظومات السيطرة، وبدأنا باستملاك أراضي المسار في منطقتي الكاظمية والأعظمية وسنبدأ بإقامة مقر المشروع قريباً. وسنشاهد قريباً في بغداد قطاراً معلقاً بمواصفات عالمية وبأحدث موديل حسب العقد مع الشركة المجهزة وسيكون بدون سائق وستكون منظومة السيطرة ذكية وسنعتمد التذاكر الذكية، والبوابات الأمنية ستفتح لحامل التذكرة فقط والمحطات من أحدث ما يكون وراعينا الجوانب المعمارية لمدينة بغداد ولن نكتفي بهذه المرحلة فهناك مراحل أخرى ربما تربط مدينة بسماية والجانب الآخر من منطقة الرصافة باتجاه الكرادة ومدينة الصدر وهناك فكرة بربط مطار بغداد بهذا القطار أيضاً.

الحجز اليدوي
بقي لنا أخيراً أن نتساءل عن سبب بقاء الحجز بالنظام الورقي من دون الاستفادة من التطور التكنولوجي ليجيب عن تساؤلنا مدير قسم النقل والتشغيل المهندس رياض كاطع محسن بالقول: للأسف أن واقع حجز التذاكر كواقع السكك لم يشهد تطوراً في الفترة السابقة وبقيت التذاكر الورقية هي المتداولة، لكننا الآن نسعى لمغادرة هذه المرحلة ونسير في اتجاهين، الأول هو تفعيل عقود نظام الدفع الالكتروني لمنافذ الحجز في بغداد وباقي المحافظات لكي يستطيع المسافر قطع التذكرة والحجز عبر أي وسيلة الكترونية والاتجاه الثاني هو الدفع الالكتروني أو الحجز المسبق بالشراكة مع القطاع الخاص، إذ يستطيع المواطن أن يحجز التذكرة من أي تطبيق على الأجهزة الذكية.