يقظان التقي
رشيد درباس يجذبك إلى جواره في الأفكار التي يتداولها وطريقة طرحه لها. وهو يشبه النص المفتوح وخاض مختلف الأنواع الأدبية والحقوقية السياسية بلغة لها نكهتها الكلاسيكية الجميلة .
يقرض الشعر ويكتب المقالة ويقارب القصائد الموزونة والخواطر والحكم العربية ويصيب في متن الكلمات والجمل ومجازاتها ، يقترب كثيراً من الزمن الجميل بتركيب اللغة ورقيها وإيماءاتها ورمزيتها، ونجد عنده ملامح رمزية ورومنطيقية وغنائية وبالتماعات قصائد حية الإيقاعات في كتبه الشعرية.
يأتي ديوانه الجديد “ تجاعيد حبر “ عن دار “ جروس برس ´بيروت ، بعد سلسلة حيوية من الإصدارات ، من دون جذرية تعديلات على مبادئه كتعبير داخلي حساس عن أفكاره وهواجسه، وعن قضايا القلب( ضربة قلب ) ، والطبيعة والطفولة ( عكار ) ،والمرأة ( اللغة والحياة ) ، وبيروت( الفلك ، وظرف الزمان، والنار ) ، وقضايا وطنية وقومية. انطولوجيا شعرية تمزج بين الطبيعة والتراث والحنيين بين زمنين ، والمدينة ، والتاريخ. قدم للإصدار عبد الكريم شنينة وشوقي ساسين، وبتوقيع الشاعر شوقي بزيع على الغلاف الأخير ( الرقص مع القيود ) ، وتبادلوا معه أنخاب القوافي والتفاعل، ولسان الحير والثورة والسكينة مثل علاقة الرمز بالمرموز والنبيذ بالداليّة ، مشيران ( شنينة وساسين ) إلى تطور تعاطيه المعرفي وهو الحقوقي والسياسي مع قضية الشعر منذ قصيدته “ عيناك الشط الأفريقي “ ، التي كانت بطاقة انتسابه إلى منتدى طرابلس الشعري، وخضوعه لمعايير النقد الصارمة، وديونه الجديد امتداد للخط البياني نفسه للوصول إلى البعد الجمالي وتفاهمات الأشياء ، إذ تتوجه شطر قيمه ومثله العليا . .
رشيد درباس إذ يكتب، يكتب بجمالية عالية، كموضوع وانتماء وخبرة وحرفة منحازاً إلى الكلمة الفصحى المحترمة ، وبلغة متينة، وجماليات يحرص دائماً على إبرازها
مجموعة شعرية فيها دفق عاطفي غنائي ورمزي ، وعناوين وأمكنة وصداقات وقصص جميلة مستلة من الزمن الجميل وزواياه، يشعر بها، فيصيرها شعراً، ويدعوها إلى مائدة الكلمة، وهو العبور الشعري الثمانيني الذي يحمل ذكرياته وخزائنه وموداته، وحاويات الإناء الذي لا ينضب بالوفاء المستديم لبيروت وللهواء الشمالي الذي طبعه أديباً وشاعراً ومحامياً ونقيباً للمحامين ووزيراً سياسيا ً. شعر من هواء من غابات الصنوبروالصفصاف . غناء القلب الرومنسي والشاعري والحب المتقابل الذي يدفق من أضواء شخصية فيها ما لذّ وطاب من فاكهة الكلمات والكتابات في مناسبات ومواضيع مختلفة في السياسة والأخلاق والوجدان ونفحات من الوطنية ، وعابقة بالحس الغنائي العربي العميق والخواطر والمعادلات على الطريقة اللبنانية ، والتي فيها الكثير من المؤانسة والتألق. واللمعات. ما يشبه مطالعة عاطفية من زمن جميل .
يقف درباس ناحية الأدب والشعر والسياسة والبلاغة التعبيرية . هو جزيل المعارف والعوارف وصديق موثوق تماماً، وأتى الحياة مناقبياً يعرف كيف يلمع ويتألق وبأخلاقيات عالية. أكثر من رشيد واحد، لمدججة بالتاريخ والعلم والقانون والأدب والانفتاح والتلاقي والود والتسامح.
غنائية سردية عند رشيد درباس تستخدم النص كوظيفة مفتوحة، ممكن أن تكون قصيدة وممكن أن تكون حكاية ورواية، والشعر موجود في كل مكان، في الجوهر ، المعنى ، بأسلوب ما وآخر بلون وطرب عاطفي ويغلب عليه عنصر «المرافعة»..
حالة غنائية بأسلوب رقيق ، وبمقاييس اللغة والكتابة والوزن الذي يمتد إلى جميل الذائقة، شعرية ليست سهلة في التعامل مع اللغة والبنية وانجاز المبنى الكلامي والذاكرة والقصة العميقة، والخيال الخلاّق والدفق العاطفي الذي يجري بلطائف من المثاقفة ومتعة الكتابة ، والحكمة، والحنكة ، وأدب الحياة .
له العديد من المؤلفات : “ الكتابة بحبر الضوء “ ، “همزة وصل “، “ من إلى .. حبيبة “ ، “ وزاريات “ ، “طفواتي شعر “ ، “ الرمل ديوان النخيل “.
من من قصيدة “ كوخ في جوار اليقين “
“ ترجمتني نجمة عن لغتي الملتبسة
أي نص بات مرعى الأحرف المستأنسة
انه الروح الذي يملي علينا.. حدسه
جددّتني لغة من فرعها مقتبسة
كل حرف من كلامي .. أنثى مضمرة “ .
“ نحن لم نسمع حديث الشمس في أذن القمر
فازدريّنا القوانين وأدمنّا الغررّ
فاذا لاح ربيع عنّا وانحسر
وإذا حل شتاء أنكلر الأصل الأثر “