مزايا وعيوب التصويت الإلكتروني

آراء 2023/08/27
...

القاضي قاسم العبودي
أهم أشكال التصويت الالكتروني في الانتخابات العراقية تمثلت في مفصلين مهمين، أولهما سجل الناخبين (أو ما عرف بالتسجيل البايومتري) وثانيهما استخدام صندوق الاقتراع الالكتروني (أو ما اصطلحت عليه المفوضية جهاز تسريع النتائج). سنتناول هنا الحديث عن استخدام التكنولوجيا في سجل الناخبين.

ولا نقصد هنا طباعة سجل الناخبين الكترونيا، لأن هذه العملية شائعة الاستخدام من قبل اغلب الادارات الانتخابية في العالم، فضلا عن الخدمات الاخرى التي توفرها التقنيات الحديثة للعملية الانتخابية، وانما نقصد استخدام التكنولوجيا في مراكز الاقتراع، لغرض التأكد من صحة وثائق الناخب وتدقيقها عن طريق توفر أجهزة الحاسوب وبرمجياتها في كل مركز من مراكز الاقتراع، وطباعة بطاقة خاصة بالناخب تتضمن معلوماته الشخصية، وكذلك صورته وبياناته الحيوية (البايومترية).
فمنذ بدء العملية الانتخابية في العراق بعد سقوط النظام الدكتاتوري، وعلى وجه التحديد من عام 2005 و حتى عام 2014 يستعمل العراق التكنولوجيا الحديثة في الانتخابات بشكل محدود وضيق، اذ تمت الاستعانة بالنظام الالكتروني في اعداد سجل الناخبين، لتحويل البيانات الخاصة بنظام البطاقة التموينية المعتمد لدى وزارة التجارة من بيئة برمجية تسمى fox pro وهي بيئة برمجية قديمة، إلى بيئة برمجية حديثة لادارة قواعد البيانات تسمى SQL SEVER 2005 توضع في مجلدات الكترونية خاصة، إلى أن تم استخدام بيئة اكثر تعقيدا، وهي بيئة SQL SEVER 2008 إلا أن استخدام التكنولوجيا بشكل واسع وملحوظ في اعداد سجل ناخبين يمكن تدقيقه والتحقق منه الكترونيا، تم لأول مرة في انتخابات مجلس النواب 2014 والذي عرف في ما بعد بالتسجيل البايومتري.
إن سجل الناخبين هو العمود الفقري لأي عملية انتخابية في أي دولة ديمقراطية، إذ يفترض أن يحتوي على قوائم جميع الناخبين المؤهلين للتصويت.
وفضلا عن غياب وجود قاعدة بيانات دقيقة في العراق بسبب عدم اجراء احصاء سكاني دقيق منذ العام 1977 شهد العراق بعد عام 2003 عمليات تنقل ونزوح للسكان، بعضها كان قسرياً بسبب الحساسية القومية والطائفية ما ادى إلى تغيير ديموغرافي في كثير من مناطق الاحتكاك القومي و الطائفي ما جعل عملية اعداد سجل ناخبين موثوق به غاية في الصعوبة.
وقبيل الانتخابات التي جرت عام 2005 درس خبراء من الامم المتحدة بالتشاور مع مختصين عراقيين بهذا الصدد اعداد سجل الناخبين، وتم اختيار قاعدة بيانات وزارة التجارة المعروفة بنظام البطاقة التموينية PDS نظام التوزيع العام، وقد جرت جميع الانتخابات، اعتماداً على هذا السجل وكان على الدوام محلا للشك والانتقاد لأسباب كثيرة، يطول شرحها، من أهمها تداخل المنتفعين من البطاقة التموينية بين المحافظات، وحتى بين الأقضية والنواحي، وهو السبب الذي كان حائلاً دون اجراء انتخابات الاقضية والنواحي إلى الآن.
قامت المفوضية بإدخال التقنية الحديثة عن طريق مشروع التسجيل البايومتري (عملية تسجيل بيانات الناخبين وجمعها إلكترونياً، من خلال استخدام استمارة التسجيل الإلكترونية وإضافة البيانات الحيوية متمثلة ببصمات الأصابع وصورة الناخب) واعداد قاعدة بيانات إلكترونية.
وهذا المشروع تطلب تنفيذه عدة سنوات، لأخذ البيانات الحيوية لجميع المشمولين بالتصويت (الناخبين)، خلافا لتصورات المفوضية حين التعاقد.
ونتيجة لقرب تنفيذ انتخابات مجلس النواب في عام 2014، قامت المفوضية بالتعاقد مع إحدى الشركات الأجنبية، وهي شركة اندرا الإسبانية INDRA لتوريد جهاز التسجيل البايومتري لغرض تسجيل الناخبين وتم فتح مراكز لهذا الغرض والبالغة 1079 مركزاً لتسجيل الناخبين في عموم العراق للفترة من 1/30 - 22/ 2 / 2014، لغرض تسجيلهم بايومترياً.
إلا أن المدة المذكورة لم تكن كافية لإخذ المادة الحيوية (بصمات الأصابع والصورة الشخصية)، لذلك تم إيقاف العمل بالتسجيل البايومتري وانتقلت المفوضية لطباعة بطاقة ناخب عادية على أن يتم التسجيل البايومتري في مرحلة لاحقة بعد انتهاء العملية الانتخابية التي جرت في 21 ايلول 2014.
تجدر الإشارة إلى أن عملية التعاقد التي ادارتها المفوضية، تمت في وقت ضيق قبل إجراء الانتخابات، وقد أدى ذلك إلى زيادة التكاليف المالية بشكل كبير، فضلا عن تقويض الشفافية والقدرة التنافسية للشراء، ومعلوم أنه إذا كان الوقت محدوداً للغاية فإن اللجوء إلى الشراء المباشر أو أحادي المصدر يستبعد أية منافسة حقيقية، وبالتالي يضع مفوضية الانتخابات تحت رحمة المورد (الشركة المجهزة)، التي وقع عليها الاختيار.
لذا عمدت المفوضية إلى الاكتفاء ببطاقة الناخب العادية: وهي بطاقة تضم بيانات الناخب كاسم المحافظة، رقم الناخب، الاسم الثلاثي، سنة التولد، رقم العائلة، رقم مركز التسجيل، اسم ورقم مركز الاقتراع، رقم المحطة وتسلسل الناخب ضمن سجل المحطة لتستخدم في يوم الاقتراع.
يُسمح للناخب بالاقتراع بعد قراءة جهاز قارئ البطاقة للبيانات الواردة فيها وأخذ بصمة الإبهام الأيسر، وهذه البطاقة خالية من المادة الحيوية (البايومترية)، كالصورة وبصمات الأصابع، وتم توزيعها على الناخبين في عموم العراق في الشهرين شباط آذار 2014.
تجدر الاشارة إلى أن بطاقة الناخب تتم قراءتها والتثبت منها، بواسطة جهاز قارئ البطاقة أو ما يعرف بـــ (جهاز التحقق)، هو جهاز يحتوي على بيانات الناخبين المسجلين في المحطة، التي يصوت فيها الناخب ويقوم بقراءة بيانات الناخبين الموجودة في البطاقة ومطابقتها مع قاعدة بيانات الجهاز، وأخذ بصمة الناخب في حالة وجود اسمه في قاعدة بيانات الجهاز أو السجل الورقي، والغرض من اخذ البصمة هو إجراء تقاطع البصمة (المضاهاة)، وهذا التقاطع من المفترض أن يُجرى قبل إعلان النتائج، وهذا ما لم
يحدث.
أما واقع ما جرى من عملية اخذ بصمة، فلم تكن ذات أي فائدة، لأن النتائج تم إعلانها والمصادقة عليها وأصبحت واقع حال لا يمكن تغييره.
تجدر الاشارة إلى أن بطاقة الناخب تتم قراءتها والتثبت منها بواسطة جهاز قارئ البطاقة، أو ما يعرف بـــ (جهاز التحقق)، هو جهاز يحتوي على بيانات الناخبين المسجلين في المحطة، التي يصوت فيها الناخب ويقوم بقراءة بيانات الناخبين الموجودة في البطاقة ومطابقتها مع قاعدة بيانات الجهاز، وأخذ بصمة الناخب في حالة وجود اسمه في قاعدة بيانات الجهاز أو السجل الورقي والغرض من اخذ البصمة هو إجراء تقاطع البصمة (المضاهاة)، وهذا التقاطع من المفترض أن يُجرى قبل إعلان النتائج وهذا ما لم
يحدث.
أما واقع ما جرى من عملية اخذ بصمة، فلم تكن ذات أي فائدة، لأن النتائج تم إعلانها والمصادقة عليها، وأصبحت واقع حال لا يمكن تغييره.
وقد استخدمت المفوضية اكثر من 56000 جهاز تحقق في محطات اقتراع مجلس النواب العراقي التي جرت عام 2014.