تدريس منهج حقوق الإنسان بين البناء والمتطلبات
آراء
2019/05/04
+A
-A
نبيل ابراهيم الزركوشي
تعد مبادئ حقوق الانسان من الامور التي ادخلت للمدارس في العديد من الدول وباتت تضع لها اولويات في سياستها التعليمية وبكافة المستويات وذلك لما لهذا الامر من اهمية في تهذيب سلوك الافراد وتأخذ على عاتقها ايصال رسالة للمتعلم ان هناك ضوابط وقواعد ثابتة للسلوك البشرية ومتفق عليها من قبل الهيئات الدولية التي تعتبر خرق أي جزئية منها امراً يثير قلقها ولذا يتم شجبها والتشهير بمن يخالفها عبر تقارير سنوية تعدها هذه الهيئات ونحن في العراق من اكثر الدول التي نقع تحت طائلة التشويه للحقائق في ظل حكومة منتخبة ومجلس نواب واسس ديمقراطية رصينة وتبادل سلمي للسلطة وهو امر مفقود لدى دول اخرى تمتدحها تقارير تلك الهيئات من هنا تسعى المؤسسات الاعلامية الحكومية تفنيد تلك الاباطيل وبالمقابل هناك مؤسسات اعلامية اخرى تعمل العكس ويبقى المواطن العراقي الذي لا يملك معلومة موثوقة بشان مسالة حقوق الانسان بين امرين اولهما تصديق من يفند او تكذيب من يؤكد ! من هنا تبرز اهمية ادخال مناهج حقوق الانسان في المدارس واعتمادها كأولوية من الاولويات وزارة التربية اذا ما عرفنا ان هناك تجارب لإدخالها الى الكليات ولانريد الحكم على تلك التجارب كونها لم تأتي بنتائج على ارض الواقع خلال الفترة السابقة من هنا نطرح التساؤل التالي لماذا يجب ان تدرس مادة حقوق الانسان في المدارس ؟
1. هو تعزيز فكرة العدالة الاجتماعية التي باتت هاجساً كبيراً لدى افراد مجتمعنا ويجب الوقوف عليها وتوضيحها من اجل ان يعرف كل صاحب حق ما له وما عليه .
2. توثيق الربط بين الفرد والجماعة ومؤسسات الدولة فعندما يعرف المواطن وبصورة اتفاق معلن ان هناك ضوابط تحكم علاقته مع المحيط العالمي والمحيط القطري نزولا الى محيطه الاجتماعية وصولا الى محيط الاسرة التي ينتمي اليها سوف يفكر الف مرة قبل خرق هذا الاتفاق ومنه سوف نصل الى مرحلة ضبط الفرد ازاء انتهاك حقوق الاخرين.
3. ان فهم مهارات حقوق الانسان لأي فرد بغض النظر عن المرحلة العمرية التي هو فيها بكل تأكيد سوف يكون داعما لترسيخ هذه المهارات وبالتالي يعمل على تقويم ما يقع امامه من انتهاكات في ضوء فهمه لتلك المهارات .
4. ان ارتباط حقوق الانسان بالتنمية والاصلاح والنهضة جعل منها امراً لابد منه أي صار اجباراً علينا التفكير وبجدية لإدخاله لمدارسنا نظرا لأننا نعيش في زمن الاصلاح والنهضة والتنمية .
بناء منهج لحقوق الانسان
المناهج في اية منظومة تربوية يجب ان توضع وفقا لأربعة اسس وهي الدينية و الاجتماعية والمعرفية والنفسية ، من هنا لابد ان نجد الصلة بين هذه الاسس وما نحن بصدده وهو تأليف منهج حقوق الانسان وجميع هذه الامور اذا ما وجدت في أي منهج فانها تكون جزءاً من ديمومة المنهج وفعاليته في نفوس المتعلمين وبالتالي نحصل على صورة عملية للاستفادة منها ، اذاً بالنسبة الى الاسس الدينية نحن نعلم ان جميع قوانين حقوق الانسان التي تم سنها من قبل الهيات الاممية تتخذ من الدين الاسلامي قاعدة تشريعية وهي اساساً جزء من الواجب الديني للفرد ازاء افراد المجتمع الاخرين الذين يعيشون معه لذا فالذين يعتمد المحافظة على حقوق الاخرين وعدم الاعتداء عليها احدى اهم الركائز لبناء الفرد بناءً اخلاقياً ويمتزج ذلك في الاسس الاجتماعية والتي هو ايضاً مطلب المؤسسة التربوية والتي اذا ما تحققت نكون قد وصلنا الى الهدف من تعليم الافراد ويكون الانسان المتعلم مؤمنا بهذا الحقوق محافظا على صيانتها وكل ذلك ياتي من خلال معرفتها بما وجب عليه وما له وكيف ان الجميع لهم حقوق وهذا هو ايضا الاسس المعرفية والتي هي الاخرى يمكن ان تتوفر من خلال اختيار مفردات في المنهج لها علاقة بالحياة اليومية للفرد الى جانب القوانين المتداولة لانها تدير حياة الافراد ويشوبها جهل تام من قبل الجميع الا من اختار سلك القانون في الدراسة الجامعية لذا وجب علينا نشر ثقافة الانظمة والقوانين ولابأس بان يكون هناك فقرات او بنود من القانون المدني والجنائي ومن خلالها نستطيع تهذيب المجتمع نحو الافصاح عن امر مهم وهو ان هناك قوانين في حالة مخالفتها سوف تكون ازاء عقوبة واما الاسس النفسية ان الوقوف على ميول الافراد واتجاهاتهم النفسية امر مهم لاعداد المنهج ولعل تولد رغبة في نفوس المتعلم العراقي لمعرفة كيف يتم ادارة الامور في العالم هو البداية لاعطاء المبرر الرئيس من اجل اعداد منهج يوضح الصورة لديه وبالتالي وجب علينا خلق تدرج وفقا لمصفوفة منهج تعد لهذا الغرض وبالتالي يمكن ان نشارك في الاعداد النفسي للفرد وذلك عبر تأشير السلوك المرفوض ولما تم رفضه ؟
ودعم السلوك الجيد والحسن وتأصيله في نفوس النشي الجديد وهو بحد ذاته اصبح من الامور التي يحتاجه مجتمعنا في الوقت الحاضر نظرا لما مر به من ارهاصات جعلت الضبابية هي السائدة وبات انحرف الشاب سهلا ، وتصنف الهيئات الدولية حقوق الانسان إلى ثلاث فئات يمكن لواضع المنهج ان يصعها في الاعتبار وهي:
• الحقوق المدنية والسياسية (وتسمى أيضا «الجيل الأول من الحقوق»)، وهي مرتبطة بالحريات، وتشمل الحقوق التالية: الحق في الحياة والحرية والأمن؛ وعدم التعرض للتعذيب والتحرر من العبودية؛ والمشاركة السياسية وحرية الرأي والتعبير والتفكير والضمير والدين؛ وحرية الاشتراك في الجمعيات والتجمع.
• الحقوق الاقتصادية والاجتماعية (وتسمى أيضا «الجيل الثاني من الحقوق»)، وهي مرتبطة بالأمن وتشمل: العمل والتعليم والمستوى اللائق للمعيشة؛ والمأكل والمأوى والرعاية الصحية.
• الحقوق البيئية والثقافية والتنموية (وتسمى أيضا «الجيل الثالث من الحقوق») وتشمل حق العيش في بيئة نظيفة ومصونة من التدمير؛ والحق في التنمية الثقافية والسياسية والاقتصادية.
• وعندما نقول إن لكل شخص حقوقا إنسانية، فإننا نقول، كذلك، إنه على كل شخص مسؤوليات نحو احترام الحقوق الإنسانية للآخرين.
تطبيق منهج حقوق الانسان
ان الاطلاع على تجارب الدول في هذا المجال سوف يكون ذا فائدة كبيرة للبدء بتطبيق المنهج ووضع مفرداتها وايضا الى جانب ذلك اشراك الهيئات والمنظمات الدولية التي تعمل في المجال التربوي امر مهم مما يكسب تطبيق المنهج البعد الدولي اذا ما عرفنا ان هناك منظمات مثل المجلس الثقافي البريطاني الذي يرعى ويعمل من اجل تطوير قطاع التربية والتعليم عبر برامجها المختلفة والناجحة والتي وضعت ضمن معايير تقييم أي مدرسة مدى تطبيقها لحقوق الانسان من هنا يمكن القول ان اشراكها سوف يعطي دعماً قوياً لانطلاق هذا المشروع وايضا هيئات الامم المتحدة كاليونسيف واليونسكو اذا ما عرفنا انها تؤكد في جميع برامجها حقوق الانسان ولعل اسهل طريق لتطبيقه هو ادراجه ضمن المرحلة الثانوية لفترة تجريبية مع ملاحظة الاثر ومقدار التغيير التي تمتع به الافراد المشمولين بتدريسها لكي نضع تقييم للأمر والانطلاق نحو التطبيق الشامل ولكافة المراحل اذا بات اعادة النظر بالمناهج من الامور التي لا جدال فيها لان كل مرحلة من الزمن تؤثر بطريقة معينة في الافراد عبر مؤسسة المدرسة التي يمر من خلالها الجميع ولعل المناهج اداة فاعلة ومؤثر في العملية التعليمة لانها الغذاء الذي يأكل منه الجميع.