علي العقباني
لم ألتق طلال سلمان سوى مرتين أو ثلاث ولم يكن ذلك في الجريدة، حتى حينما كتبت عدداً من المقالات والمتابعات النقدية والنصوص الإبداعية في الصفحة الثقافية أثناء تولي القسم الثقافي في السفير الشاعر والمسرحي بول شاوول وكذلك خلال تسلم الشاعر عباس بيضون القسم، وكنت أذهب من دمشق إلى بيروت كل بضعة أشهر وأمر إلى السفير قاصداً المحاسبة والقسم الثقافي والأصدقاء.لم ألتق به في مكتبه لكني ربما لو طلبت مقابلته لرأيته وجلست إليه، وكمعظم أبناء جيلي.
سواء الذين اتفقوا معه أو اختلفوا، كنا نقرأ افتتاحية طلال سلمان اليومية أو تلك التي يكتبها في الملحق الأسبوعي، أو من خلال مؤلفاته، ذاك وحده يجعل منه صديقاً مقرباً تقرأ أفكاره وتحليلاته ومواقفه وآراؤه في حالنا العربي ومواقفه القومية المتأججة وكيف كانت فلسطين الحاضر الأكبر في تلك المقالات، ومن بعد كيف كتب مقالات وافتتاحيات كثيرة أثناء الحرب الأمريكية على العراق، بل وخصص صفحات كاملة
لها .
رحل طلال سلمان مؤسس جريدة السفير اللبنانية ورئيس تحريرها وناشرها، منذ آذار 1974 حتى آخر عدد من صدورها، بتاريخ 4 كانون الثاني 2017، والتي رفعت على الدوام شعار “صوت الذين لا صوت لهم” ، من مواليد 1938، وهو الصحافي اللبناني الذي شكل منذ عقود مرجعية إعلامية في الشؤون العربية واللبنانية تحظى بالتقدير، والتأثير في الرأي العام، رحل عاشق فلسطين والمدافع عن قضايا التحرر العربية ،الجمعة 25 /آب/2023 ، عن عمر ناهز الــ 85
عاماً.
التزم طلال سلمان طوال مسيرته المهنية، التي قاربت الـ 50عاماً قضايا الوطن والناس والأمة كما كانت تدفعه قناعاته القومية والعروبية واللبنانية، والتي كانت زاخرة بتغطية الأحداث السياسية، وبالمؤلفات والمقالات والمقابلات مع شخصيات لبنانية وعربية مهمّة، على الرغم من كل الظروف والاعتداءات ومحاولات الاغتيال التي تعرض لها.
ولد طلال سلمان في بلدة شمسطار شرقي لبنان عام 1938. والده إبراهيم أسعد سلمان ووالدته فهدة الأتات، في مراحل حياته الدراسية درس في مدارس عدة، بحسب تنقل والده الدركي في المدن والبلدات اللبنانية، وأنهى دروسه الثانوية عام 1955، تزوّج عفاف محمود الأسعد من بلدة الزرارية في جنوبي لبنان عام 1967، وأنجبا هنادي وربيعة وأحمد وعلي.
بدأ سلمان حياته المهنية مصححاً في جريدة “النضال” ثمّ عمل صحافياً بلا راتب في جريدة “الشرق” أواخر عام 1956، بعد فترة تدريب في بعض الصحف اليومية، انتقل إلى مجلة “الحوادث” عام 1957، وعمل فيها محرراً، ثم سكرتيراً للتحرير، ومنها انتقل إلى مجلة “الأحد” عام 1960، وتولى إدارة التحرير.
في خريف عام 1962 سافر إلى الكويت، وتمكن هناك من اصدار مجلة “دنيا العروبة” لصاحب “دار الرأي العام” عبد العزيز المساعيد، والتي تولى رئاسة تحريرها فترة قصيرة، عاد بعدها إلى بيروت ليتولى إدارة التحرير في مجلة “الصياد” في صيف عام
1963.
بين عامي 1963 و1973 تنقّل بين مجلات “الصياد” و”الأحد” و”الحرية”، قبل أن يتفرغ في “الصياد” و”الأنوار” لتغطية الأحداث العربية. فعُرف داخل عدد من البلدان العربية، وحاور مجموعة من أبرز الملوك والرؤساء والقادة السياسيين العرب، وعالج مجموعة من الملفات والقضايا الساخنة، وحاور عدداً كبيراً من كبار الأدباء والكتاب والفنانين العرب، في عدد من الدول العربية، وربطته بمعظمهم صداقات
وثيقة.
في أواسط عام 1973 تفرغ لإصدار “السفير” جريدةً يومية. وصدرت في 26 آذار/مارس من عام 1974 بعد اتصالات ومشاورات ومحاورات واسعة شملت عدداً من كبار القادة والسياسيين والصحافيين من الكتاب والأدباء العرب، وجاءت الجريدة مصداقاً لشعارها “جريدة لبنان في الوطن العربي، وجريدة الوطن العربي في لبنان”، وكان شعارها الرديف “صوت الذين لا صوت لهم”، وكان عضو مجلس نقابة الصحافة اللبنانية منذ عام 1976 حتى عام
2016.
نجا طلال سلمان من محاولة اغتيال أمام منزله في منطقة الحمراء في بيروت، في 14 تموز/يوليو 1984، وأصيب بجروح في أنحاء متعددة من جسده.
ومن مؤلفاته: ثرثرة فوق بحيرة ليمان، إلى أميرة اسمها بيروت، حجر يثقب ليل الهزيمة، الهزيمة ليست قدراً، على الطريق: عن الديمقراطية والعروبة والإسلام ، هوامش في الثقافة والأدب والحب، كتابة على جدار الصحافة، مع الشروق، وغير ذلك.