ما الفوارق بين الإنتاج الإبداعي العالمي والمحلّي؟
علي لفتة سعيد
دائما ما تحدث المقارنة ما بين الأدب العالمي والأدب المحلي، وهي مقارنة قد تبدو متعسفة لدى البعض من كونها لا تأخذ بعين الاعتبار الفوارق الاجتماعية والسياسية والدينية والاقتصادية وحتى البيئية.. في حين يرى آخرون أن المقارنة ناتجة عن كون الأدب والفنون عامة هي نتاج عقلي لا بد من توافر العوامل العديدة لدى هذا المبدع أو ذاك لتشابه التفكير الفيسيولوجي والفيزيائي لدى البشر. والسؤال: هل هناك مقدار من المسافة بين الإنتاج العالمي والمحلي؟، وهل البيئة متوافرة لدى الجميع وأن الحياة الاقتصادية متساوية فضلا عن الفوارق الأخرى؟، ولماذا المقارنة أصلا والجميع يعرف ان البيئة التي يخرج منها النصّ الأدبي مختلفة بين مكان وآخر تبعا للعديد من الظروف؟.
النص الجمال والمقارنة
الناقد العراقي الدكتور غنام محمد خضر يقول لعلّ فكرة الإبداع بين المحلّية والعالمية تحدّث عنها الكثير من النقاد والمنظرين على حد سواء وشغلت بال العديد من الكتاب لأهميتها، ويضيف لعلنا لا نبالغ إن قلنا أن هذه القضية لها ارتباط مباشر بمسألة التأثر والتأثير قبل المقارنة فهل الابداع المحلي تأثر أو اعتمد على الإبداع العالمي؟! ويرى خضر ان الإجابة تبقى مرهونةً بكثير من المعطيات التي لها علاقة أساسية بالإبداع وعملية إنتاجه. ويشير الى أن المقارنة المفترضة بين الإبداع تحيلنا الى المقارنة بين المبدعين من النواحي التاريخية والاجتماعية والنفسية والثقافية والحضارية داخل البيئة المحلّية الواحدة، فجميع هذه النواحي تؤثّر على الإبداع وتجعله متفاوتاً بين مبدعٍ وآخر، فما بالك كما يؤكد الدكتور إذا أردنا المقارنة بين مبدعٍ محلّي وآخر عالمي. ويُبيّن أنّها بالتأكيد ستكون النتائج مختلفة ومتفاوتة. لكنّه يرى أنّه عند الوقوف عند هذا النتائج لا بدَّ لنا من دراسة الظروف التي أنتجته لنتمكّن من وضع الحكم عليه، وهنا سوف تتأكد عندنا أن لا مقارنة حقيقيّة بين الإبداع العالمي والمحلّي. ويشير الى أن المبدع العالمي يرتبط بظروفٍ خاصّة تحرّضه على الكتابة وتتماشى مع هموم المجتمع وتطلعاته التي يريد أن يلفت انتباه الناس اليها، وهذه الظروف قد لا تخصُّ أديباً آخر ومن ثمَّ سوف يتناول ثيمات أخرى تخصه. لكنه يطرح تساؤلًا مفاده.. لماذا نقارن ونحن أمام نصّ جمالي امتلك أدواته من ثقافة كاتبه وما يحيط به من ظروف؟، ويفضي الى إجابة الى أن النصّ الجيد هو الذي يفرض نفسه بمعزل عن النصوص الأخرى والقارئ المحترف هو الذي يلتقط جماليات
كل نص.
أدب ثالث.. أدب هجين
لكن الباحثة الفلسطينية أماني أبو رحمة وهي مهتمة بدراسات ما بعد الحداثية وما بعدها تقول لا يمكننا الحديث عن الأدب هنا وهناك ككتلتين متجانستين متقابلتين بلا روابط أو علاقات. وهي ترى أن لا أدب نقيّاً هنا أو هناك. فقد تداخلت التقانات والحكايات والأساطير والشخصيات بين الجانبين حدَّ أنّه يمكننا الحديث عن أدب هجين أو أدب ثالث يتجاوز التصنيف الجغرافي والإثني والعرقي. أدب معولم تنتجه ذوات معولمة حتى وإن انكفت على معالجة المحلي وقضاياه. وتشير الى أن تقانات الرواية ما بعد الحداثيّة تعد أنموذجا هنا. وظّف كتاب من كل انحاء العالم تقانات ما وراء القص على سبيل المثال لطرح قضايا خاصة جدا حتى وإن لم يختبر هؤلاء الكتاب التحوّل من الحداثية إلى ما بعدها بكل تفاصيلها الفكرية والفلسفية على نحوٍ خاص في السياق الغربي الذي حدثت به. لكنها تستدرك بالدعوة الى التوقف قليلًا وتطرح سؤالًا. ماذا عن توظيف هذه التقانات واختيار الثيمات وإخراج العمل الأدبي؟، وترى أنه هنا تتّضح الفروق. وترى في الغالب كنوعٍ من الإجابة أيضا ما أجد الكتاب الغربيين ضالعين في مهنتهم يوظفون تقاناتهم عن وعي كاملٍ بها، كما أن بعضهم أكاديميون يوظفون ثيماتهم وتقاناتهم من أجل اختبار محدّد. وتضيف أن الكتاب هم من دشنوا الحداثية وما بعد الحداثية ثم ما بعدها. ومثلت أعمالهم بحق علامات على التحوّلات الفلسفية والفكرية من حقبةٍ إلى أخرى، إذا أردنا أن نتحدّث مثلا عن التحوّل بعيدًا عن رواية ما وراء القص التاريخي ما بعد الحداثي، نجد رواية الأكاديمية والمنظرة الثقافية البريطانية سوزان انطونيا بيات (امتلاك، 2000) والتي أعلنت فيها الكاتبة انحرافها عن تنظير ليندا هتشيون لما وراء القص التاريخي وتوظيفها الذاكرة والآثار المادية لتحقيق الماضي وإمكانية الوصول اليه. ما أعنيه أنها كانت ذات رؤية خاصة وظفت روايتها لأجلها. وترى أن هذا الأمر ينطبق على كتاب آخرين وسمو أنفسهم بـ (الاخلاصيّة الجديدة) وحاولوا كتابة روايات تعكس رغبتهم بالخروج من مآزق ما بعد الحداثية التي تسبب بها التهكّم الساخر والمسافة النقديّة ومثلهم ديفيد فوستر والاس وجوناثان فرانزن. يعني ذلك بحسب أبو رحمة هو وعيهم التام بالتغييرات حولهم وحساسيتهم المفرطة ومهنيتهم العالية. يختلف الأمر تمامًا عن مجرد تقليد التقانات أو استيراد الثيمات التي تجعل بعض الروايات العربيّة باهتة معزولة عن واقعها وظروف مجتمعاتها. وترى أن تكريم رواية ما أو الاحتفاء بها في عالمنا حدث لأنّها تضمنت رسالة يريد القائمون على التكريم نشرها وليس لأنَّ الكاتب بارعٌ في مهنته ومسيطر على أدواته ومنخرط في المجتمع حوله أو أنه صاحب رؤية خاصة نتجت عن جهدٍ ودرسٍ وتمحيص وتربط الامر كما تقول ربما أنّ الجوائز الخاصة بالأعمال الأدبية في عالمنا والتنافس الشديد بين الكتاب جعلهم يستسهلون الكتابة ويمارسون التقليد الفج، لا الإبداع، رغبة في اللحاق بركب الجوائز والتميز. هنا موطن الفرق، وهنا يمكننا الحديث عن الفرق بين الإبداع والابتكار والتقليد والمحاكاة. لكنها تنوه من أن التعميم مفسدة عظيمة وأن لكل قاعدة استثناءاتها المائزة.
النظرة الضيقة
الشاعر والكاتب والإعلامي علي الستراوي يرى من جهته أنَّ المقارنة بين الإنتاج المحلّي والعالمي يجب أن تكون خاضعةً لدراسة الحالة في كلّ بلدٍ أي بمعنى لا نستطيع أن نقارن بلدًا فقيرًا جلّ جهده بناء اقتصاده، ببلدٍ غني متنوّع الإنتاج يدعم الحراك الثقافي سواسية بالحالات الأخرى الدافعة بالحراك المجتمعي والسياسي، وليس من المعقول المقارنة بمثقف أو منتج ثقافي في بلدٍ كروسيا وأمريكا وفرنسا ببلدان وطننا العربي إذا استثنينا الحراك الداعم في الإمارات وبالخصوص في الشارقة وابوظبي فالمثقف يعاني الأمرين توفير لقمة عيشه والمحافظة عن نتاجه الثقافي .ويذكر الستراوي أنه قبل سنوات كان الحال أكثر منه تعاطي الدول معه ، لكن في هذا الوقت وضيق تنوّع الاقتصاد، أكثر الدول تعمل بعيدةً عن الإنتاج الثقافي والكاتب يعاني الأمرّين في الوقوف أمام عاصفة الجوع والحروب والصراعات السياسية التي فتّتت أكثر البلدان المعول عليها قبل سنوات في دعم المثقف. ويستدرك أنّه وإن توفّرت البيئة لبعض الدول فليس العالم العربي منها لأنهم ينظرون للثقافة على أنها ترفٌ ومضيعةٌ للاقتصاد، وهذا ظهر جليًّا في إغلاق بعض الصحف والركض وراء الذهب العاقر في مضاربات البورصة من دون النظر بإيجابية الى تنوّع حالات البعد الثقافي.. ويرى أيضا أنَّ الثقافة والأدب ركيزتان لتحريك الواقع الاجتماعي والسياسي فالأمم لا تنهض من الظلام، دائما، فالتاريخ خير شاهد على تطوّر الحضارات والارتقاء بعوالم حراك الأوطان، ويشير الى أن التعسف ليس في المقارنة بقدر ما هو واقع في النظرة الضيقة عن أكثر البلدان تخلّفًا عن الثقافة والمثقف وأيٍ بلد لا يدعم شريحة المثقفين والمبدعين يظلّ متخلفًا في الإنتاج الروحي والمعنوي الدافع لاستقرار الدول. ويمضي بقوله إنَّ الفقر في بعض البلدان لم يمنعها من الاحتفاء بمثقفيها ورعايتها سواسية بما هو حاصلٌ في حركة الإنتاج البانية للدول .ويضيف أن إعطاء الاولويّة للمثقف وتنوع فعالياته من أهم ركائز البناء المجتمعي الواعي الذي يجعل من الدول مستقلة. لكنه يتوصل الى القول إنّ المقارنة تظلّ ضعيفة فالعالم الغربي يدعم مثقفيه وأدبائه في شتى الأمور والعالم العربي يقتل مبدعيه وقد يقسو عليهم بالإهمال والنظرة الفئوية إلّا البعض مستثنى من ذلك كما ذكرت في سياق الحديث .
مقارنة مجحِفة
الروائيّة الأردنيّة فاطمة محمد الهلالات تقول إنّها شعرت بالصدمة حين قرأتُ مقارنةً تشيد بالأدب الغربي - النثر خاصةً- في ذات الوقت الذي لم يخط فيه قلم هؤلاء جملة إبداعيّة واحدة من شعر أو نثر. ولهذا هي تطرح تساؤلًا عن كمية القسوة في هذا الحكم وجدواه !وكيف تكون المقارنة عادلة بين حضارتين مختلفتين؟! وتقول إنّ الحضارة العربية التي كانت في أوجها في شتى المجالات، ويمثلها العلماء والأدباء العرب الذين ما زالت كتبهم مرجعًا أساسيًا للغرب قامت عليه علومهم الحديثة، بعد العدم، ثم انقلب الحال، وانهارت حضارتنا بالحروب، وأُحرقَت المكتبات العربية، وأحبط الأدباء فأحرق بعضهم مكتباتهم، وآل الحال إلى دول مستعمرة تقطنها قبائل بدوية تسودها الأميّة والجهل والفقر بعد انقراض حصادها الثقافي والعلمي والحضاري، وأصبح الغرب هو المتقدم. وترى أن النتيجة هي فارق بين كاتبٌ عربي لم يجد في صغره ثمن الكتاب ليقتنيه، فنهض بنفسه من حطام الجهل والفقر، يكتب بموهبته - بعد سن الأربعين- متعبًا مُشتتًا ساعيًا وراء رغيف الخبز، ويقرأ فن الرواية - غير المتوارث عربيّا- وبين كاتب غربي يكتب بموهبة مصقولة في ظروفٍ ملائمةٍ منذ طفولته بما ترويه أمّه على مسامعه، وكتابه كالماء يحمله معه، ويستقي منه بكل يسر وصفاء ذهن أينما ذهب. وتطرح تساؤلات عديدة.. أليس من العدل أن يحكم على كلِّ نتاج أدبي ضمن بيئته وإمكانياته وظروفه السياسية والاجتماعية والدينية والحد المسموح له من الحرية في التعبير وشتى أنواع المحبطات المحيطة به؟! أليس من الطبيعي أن تكون هناك مسافة بين الأدب الغربي والعربي تناسب الزمن الذي سبقونا فيه إلى هذا الفن؟ فأية مقارنة مجحفة هذه؟ وتطالب الهلالات بأن نصفق لأدبائنا الذين خاضوا غمار هذا التحدّي، وهو ما لم يتمكّن منه الإنتاج المحلّي في المجالات الأخرى، العلمية والتكنولوجية والزراعية والصناعية كصناعة الطائرات والسيارات والمركبات الفضائية والأقمار الصناعية والهواتف والأسلحة والأجهزة التكنولوجية. وتقول بتساؤل.. أين النتاج المحلي منها؟ أليس الصفر؟.
وإن تركت المقارنة كلّ شيء واقتصرت على الأدب فلنحكم الآن: منافستنا للغرب في فن الرواية -غربي الأصل- ولنقس بالمقابل عجز الغرب أمام تفوقنا في القصيدة العمودية -المتوارثة عندنا- والتي لم ولن يتمكّن شعراء الغرب من نظمها أبدًا.. أليس هذا تفوقًا؟.
وعلى مَن يصدر حُكمًا في صالح أحد الطرفين، لإحباط الكُتّاب فقط والتقليل من شأن إنتاجهم، فليعرض نتاجه الأدبي ويقارنه أيضًا، ولنرى لماذا لم يتفوق نتاجه هو أيضًا على النتاج الغربي. وتخلص الى القول.. فليس عدلًا أن يكون مَن نتاجه الصفر حَكَمًا.
إشكالية القراءة
الروائي العراقي عمار الدبان يرى أنّ المقارنة صعبة وليست متعسّفة، فالعوامل المحدّدة للمقارنة تكون أولًا نسبيّةٍ من عدد مبدعي لغة معينة الى عدد الناطقين بها وانتشارها الجغرافي وعدد المترجم منها للغات أخرى. ويرى أنّ عدد الناطقين باللغة العربيّة لا يتعدى 375 مليون إنسان، مع ندرة المترجم منها للغات أخرى، ومساحتها الجغرافيّة التي لا تتعدّى الجزيرة العربية وشمال أفريقيا. في حين يبلغ عدد الناطقين باللغة الإسبانية 560 مليون إنسان، مع انتشار جغرافي واسع يغطي القارتين الأمريكية ونحو ربع القارة الاوربيّة. أما الإنكليزية فيقول الدبان فالناطقون بها كلغة أولى يقدرون بـ 380 مليون إنسان في حين تشكل اللغة الثانية لما يتعدّى المليار إنسان وفي حدود جغرافية تكاد تشكّل العالم أجمع. ويضيف أن لانفتاح على ثقافات العالم المتعدّدة وقدرة الوصول اليها، يكون عاملًا لا يقلّ أهمية عن عدد الناطقين بلغةٍ معينة. فقد كان للاستكشافات الجغرافية والاستعمار القديم نتيجة التفوّق العلمي ومن ثمَّ العسكري، قدرة على الوصول لأكبر عدد ممكن من الشعوب والثقافات. وهو السبب نفسه الذي أدّى لتوافر عوامل من الاستقرار السياسي والاقتصادي والانفتاح والكشف العلمي مما أنتج تراكمًا معرفيًّا لفترةٍ زمنيةٍ أطول بكثير، ومن ثمَّ قدرة على إنتاج فكري وثقافي ومعرفي عالي العدد والنوع. ويشير الدبان الى أن الحديث عن العالم العربي، فهو لم يزل يمرُّ بإشكالية الهوية ونوع الدولة الحديثة وأدوات الحكم السياسي وترابطها بالدين والعوامل الاجتماعية الأخرى مع انغلاق فرضته فترات طويلة من الاحتلال والتشتت. ويبيّن أن عقلية المبدع هي جزءٌ من منظومة اجتماعية اقتصادية معرفية تاريخية وسياسية، ومن ثمَّ هي تراكم لكل ما ذكر أعلاه. ولا يرى الدبان أيضا النتاج المحلي قليلاً قياساً بعدد الناطقية باللغة العربية، لكن وللأسف، عدد القرّاء هو الإشكالية الأكبر في هذه المعادلة. لكنه يتوقف فيقول لا يمكن إلقاء اللوم على القارئ العربي وحده. فعملية الإبداع من صناعة الى تلقّي، هي منظومة يجب أن تتولّاها الدول كحكومات وأجهزة إعلام وتوعية، وأن توليها الاهتمام بشكلٍ أكبر لنصل لنتيجة أفضل.
ويرى الكاتب المغربي نقوس المهدي الحديث عن الفجوة الإبستيمية العميقة بيننا كعرب وبين باقي الأمم، يستدعي تقدير حجمها وأسبابها وتداعياتها، وهو أمرٌ يدعو لمقارنة اللغة العربية بباقي اللغات، فبالرغم من أنَّ العربيّة من أكثر اللغات انتشارًا في العالم، إلّا أنّها تعرف نوعا من الشلليّة تجعلها عاجزةً عن مسايرة التطور العالمي، وتحقيق إشعاعٍ حضاري، ويرى لأنّها لغة محنّطة، لم تستطع التحرّر من المتون الدينيّة في نظر الآخر، بل لم ينشأ لدينا طيلة المئة عام الأخيرة مفكّرون في مستوى وتأثير كارل ماركس وداروين وفرويد، وجان بول سارتر، ويزيد أن ثقافتنا في كلِّ مراحلها وتمظهراتها هي اجترار للنظريات الغربيّة، حتى الذين حصلوا على جائزة نوبل جاء تتويجهم لدواعٍ سياسية مشبوهة، فحينما حاز الشاعر بابلو نيرودا جائزة نوبل في الآداب 1971.
قال عنه غابرييل غارثيا ماركيز: «نيرودا، أعظم شاعر في القرن العشرين، بأيّة لغة كانت»، بينما تعاني بلداننا من تخلف اقتصادي، وفساد سياسي مريع، والمواطن العربي يلبس ما لا يحيك، ويأكل ما لا ينتج، ويمتطي ما لا يخترع، فيما تعرف معدّلات الأميّة ارتفاعًا مهولًا، ينتج عنه تدنّي نسبة القراءة بين المواطنين إلى أدنى مستوى، بل لا تزال تمارس فيه التربية غير النظامية، وتعرف المدرسة العمومية تهميشًا ملحوظًا، بمقابل تشجيع التعليم الخصوصي المبني على الرشوة المقنعة والفساد الإداري، زادتها هجرة الأدمغة والكفاءات العليا للغرب لانحسار الآفاق في بلداننا، وإغلاق مختبرات البحث العلمي بالقدر الذي تشجع فيه كرنفالات الرقص والفن
الهابط.