هناء العبودي
أقام نادي الكتاب في بغداد مدينة الإبداع الأدبي اليونسكو ندوة حوارية حول المجموعة القصصيَّة (ضحايا الضوء) للقاص خالد الوادي على قاعة ستي في بيت الحكمة. تضمنت الندوة التي أدارها الشاعر جاسم العلي بمداخلتين نقديتين أولها للناقد الدكتور رشيد هارون والثانية للروائي عبد شاكر .بداية تحدث جاسم العلي مدير (منصة كتاب) عن المجموعة القصصيَّة (ضحايا الضوء) والتي أقيم لها أكثر من احتفائية في بغداد والمحافظات ومشاركات لأنها منجز أكثر من رائع تتهادى عليه القراءات .
ومن ثم القاص خالد الوادي بعد أن قدم الشكر لبغداد مدينة الإبداع الأدبي وللدكتور صادق رحمة مدير فرع اليونسكو في بغداد واصدقائه من بقية المحافظات لحضور تلك الاحتفائيَّة والذي قال” أن هذه المجموعة القصصية يرى فيها خلاصة لتجربته السردية وهي تجربةٌ استمرت أربع سنوات”، وأن لكل نص منها واقعة ومشكلة كان جزءا منها ويكاد أن يكون هو البطل الأول فيها، وإن أي سارد يقول إني خارج النص ليس هذا واقعيا ولا يصبح ساردا إلا بعد أن عاش معاناة سرده وكتبه للآخرين حتى يدركوا ما الذي يحدث. وخالد الوادي يعتقد بأنه يتميز في ذلك على حد قوله ويقولها بكل فخر بأنه لا يكتب بالطريقة العشوائية واحيانا يستغرق النص لديه زمنا طويلا حتى يدرك أن النص وصل إلى الحقيقة بل بات نصا حقيقيا .
وقد افتتح الوادي مجموعته القصصيَّة (ضحايا الضوء) بعنوان (كلبتان) وهذا العنوان قد يكون غريبا بعض الشيء وأن يصبح هذا العنوان نصًا لقصة تكاد تكون قصيرة جدا وليست طويلة وهنا استخدم القاص فلسفة جديدة لصناعة النص في القصص الحديث ومن يقرأها وهي لا تستغرق في القراءة دقيقتان ، وهنا تعمد الكاتب فيها نوعا قصصيا حديثا بأسلوب مغاير عما هو مألوف. ومن ثمَّ عرج الوادي في حديثه عن كتابة الرواية وأول رواية كتبها عام 2012 بعنوان (كاشان)، والتي استمرت لديه أربع سنوات، وأشار الوادي إلى القارئ العادي والقارئ الاستثنائي، فالقارئ الاستثنائي هو عبارةٌ عن نصف ناقد، أما القارئ العادي هو من يبحث عن المتعة وأن القارئ العادي أهم من الاستثنائي على حد رأيه، فالقارئ العادي يستجيب سريعا، وأن النص الطويل لا يستجيب له القاص العادي أبدا وهذه مشكلة مرضيَّة حدثت بعد أن غزت “السوشل ميديا” الحياة وعلى هذا فإن النصوص السرديَّة الكلاسيكيّة لم تعد فاعلة لدى القارئ الاستثنائي أو الناقد، وحتى النقاد ما زالوا يعتمدون نظريات نقدية كلاسيكيَّة وبالحقيقة كل النظريات الكلاسيكية النقدية انتفت الحاجة منها. وإننا في العراق نمتلك حاضنة أدبية ضخمة وكذلك الإبداع يسري بدمنا .
وأكد الوادي خلال حديثه مناشدة إلى النقاد في العراق أن يبتكروا شيئا جديدا عما هو سائد لأن القضية خرجت ولم تعد كما كانت لذلك هذه المجموعة (ضحايا الضوء) تعد أهم منجز له في حياته، كما عبر عن ذلك فهو يحمل شيئا جديدا وانه مستمر قي ذلك النهج الجديد وهذه التجربة الجديدة أو كما سماها بـ (الرواية المجهريَّة) داعيا النقاد إلى اكتشاف نوع قصصي جديد أو جنس أدبي جديد من أشكال السرد في الرواية المجهرية التي تتكون من 6 إلى 10 إلى 15 نصًّا والقص الواحد لا يتجاوز العشرة سطور .
وملامح هذه المجموعة اكتشفها ناقد فذ في عمله هو الدكتور رشيد هارون الناقد البابلي في جلسة احتفائية لهذه المجموعة في بابل وقد منحها اسما هائلا سمّاها بـ (الرواية المجهريَّة). وقد استرسل الدكتور رشيد هارون الحديث عن منجز الوادي وبارك مهنئا له منجزه القصصي ومثنيا عليه ما يكتب ولمن يكتب وكيف يكتب وأن هذا الوعي لا يوجد عند الكثير من الأدباء وهذا شيءٌ جميل، فعمل الناقد ليس تحليلًا أو تفسير الصورة أو شرحها وانما هو اكتشاف وإلفات اِنتباه إلى ما سماه بـ (الفصوص) الفص بدلا من النص، والفص هو الالمازة والحجرة الذهبية أو ما شابه ذلك التي توضع داخل الخاتم ، فالنص خاتم والفص مراكز القوى في هذا الخاتم أو هذا النص والفصوص في ضحايا الضوء ثلاث قصص وأن مهمة الناقد على مدى التاريخ هو إلفات انتباه المتلقي كي يغذي مناطق القوى هذه . وخالد الوادي في هذه المجموعة يضعك في ملامح رواية، استهلال، عقدة، والكم والتمييز بين القصة والرواية هو ليس الكم ابدا.
وأخيرًا تحدث الروائي عبد شاكر والذي أكد في حديثه أن الأدب بصورة عامة هو مغامرة، وأن الاديب ساردا كان أم شاعرا هو من يمتلك روح المغامرة، فضلا عن معلومات أدبية كثيرة تحدث عنها . وقد حضر الندوة عدد كبير من رواد المدينة الإبداعية من مثقفين وأكاديميين ونقاد أثروا المشهد الثقافي بالكثير من المداخلات الثقافيَّة.