د. طه جزاع
ضمن منهاجه الأسبوعي المعتاد، يشهد المركز الثقافي البغدادي في شارع المتنبي صباح يوم غدٍ الجمعة رفع الستار عن تمثال الشاعر الشعبي البغدادي الملا عبود الكرخي "1861 - 1946".
وكانت المرة الأولى التي طُرحت فيها فكرة إقامة تمثالٍ للكرخي مطلع السبعينيات من القرن الماضي لكنها لم تتحقق، كما أنَّ أمانة العاصمة أقرَّت في العام 1985 وضع التمثال قرب بيته في منطقة الشواكة، لكنه لم يرَ النور أيضاً لأسبابٍ غير معروفة.
الآن وبعد نحو خمسين عاماً على تلك الفكرة التي ذهبت أدراج الرياح، تبادر دار نوّار التي تعمل في بغداد وموسكو، وتسعى لتعزيز الحوار العراقي الروسي إلى إهداء تمثالٍ نصفي للملا عبود الكرخي نفذه النحات عادل هادي، مثلما فعلت سابقاً مع تمثالٍ للعلامة الأب أنستاس الكرملي "1866 – 1947" تمَّ وضعه في باحة كنيسة اللاتين "السيدة العذراء" في منطقة الشورجة، حيث دُفن.
ومن الجدير بالذكر أنَّ دار نوّار تمَّ تأسيسها تخليداً لذكرى الشاب العراقي – الروسي نوّار الابن الوحيد للأديب والمترجم والأكاديمي الدكتور ضياء نافع العميد الأسبق لكلية اللغات بجامعة بغداد.
ولد نوّار في روسيا، وأنهى تعليمه في بغداد، ثم حصل على الدكتوراه في طب العيون من روسيا، لكنَّه توفي بسكتة قلبيَّة مفاجئة وهو في ريعان شبابه، فرغب والده العراقي مع والدته الروسيَّة بعملٍ يخلّد اسم وحيدهما الذي رحل مبكراً، فكانت دار نوّار التي قامت بمبادرات عديدة لتوثيق العلاقات الثقافيَّة بين العراق وروسيا، ومنها جائزة نوار لتعزيز الحوار العراقي الروسي التي تمنح لشخصيَّة عراقيَّة أو روسيَّة تسهمُ بوضوحٍ في تحقيق ذلك الحوار.
تمثال الملا عبود الكرخي الذي تمَّ إهداؤه إلى المركز الثقافي البغدادي بإشراف الدكتور علي حداد، سيوضع في مكتبة حفيد الكرخي، الكاتب والأديب التراثي الراحل حسين حاتم عبود الكرخي والتي سبق أنْ أهدتها أسرته
للمركز.
أما الحفل الذي سيزاح فيه الستار عن التمثال فسيتمّ فيه الحديث عن جوانب مهمَّة من حياة الكرخي وشعره وظرائفه ومواقفه الوطنيَّة. ذلك أنَّه من الشعراء الذين تعتز بهم شعوبهم وتفتخر، فقد كان صوت الشعب الساخر الذي لا يتردد في استخدام سوط الشعر لجلد كلّ من يرى أنَّه لا يعمل في مصلحة الوطن ومواطنيه، ويستقوي بالأجنبي على أبناء جلدته.
أما مبادرة دار نوّار فإنَّها تضفي على المشهد بعداً درامياً حزيناً، لكنه مفعمٌ بالأمل وحب الوطن.