التعريف بالعراق

العراق 2023/09/24
...

أحمد عبد الحسين

مشاركة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في أعمال الجمعيَّة العامة للأمم المتحدة وإلقاؤه كلمة هناك والحوارات المنفردة التي أجراها مع رؤساء الوفود، شكّلتْ بمجملها مواضيع بالغة الدلالة للتأشير على أهمية المكانة التي يجب أنْ يحظى بها العراق، والدور الذي غُيّب عنه مطوّلاً بسبب التجاذبات الإقليمية والدولية، وبسبب هشاشة الوضع السياسيّ العراقي الداخليّ الذي ابتلي خلال السنوات الماضية بأزمات لا تنطفئ إلا لتشتعل من جديد.
دول العالم التي توجّه إليها رئيس الوزراء بكلمته أول أمس، تعرف أنَّ للعراق يداً بيضاء عليها لا يمكن نسيانها، حين وقف بمفرده ضدّ أعتى هجمة إرهابية شُنّتْ على دولةٍ عبر التاريخ. وبفضل دم أبنائه وصمود شعبه تبخّرتْ عصابات داعش بعد أنْ كانت تبسط ظلها الأسود على ثلث البلاد، ولولا هذه البسالة العراقية لكان وجه العالم كله مختلفاً ولتغيرت خرائط كثيرة في المنطقة وتبدلتْ موازين قوى في العالم.
هذا ثمن يجب أنْ يستوفيه العراق كاملاً غير منقوص، ويجب قبل ذلك أنْ تنتهي وإلى الأبد المخلّفات المادية والرمزية التي زرعها نظام صدام في أذهان الناس والتي تشكلتْ وفقاً لها صورة العراق التقليدية الشائعة، وهي صورة زائفة آن لها أنْ تمحى.
 وضعتْ جرائم صدام بحق مواطنيه وجيرانه والعالم أثقالاً في عنق العراق، وقد حان الوقت لرفع هذه الأحمال بعد أنْ جابه العراق الإرهاب نيابة عن العالم وانتصر.
قد يكون العراق اليوم غير معافى تماماً، سياسياً واقتصادياً لأسباب معروفة، لكنّه لم يعد عدوّاً لأحد، ولا عنصر إقلاق لأحد وغير مندرج في محور ضدّ آخر وقد أوفى ما بذمته للعالم كاملة غير منقوصة. ومن الغبن والحيف أنْ يظلَّ صوت العراق خافتاً بسبب ماض أسود انتهى إلى غير رجعة.
يحتاج العراق للعالم بقدر احتياج العالم له. وهذه النبرة من الوضوح كانتْ حاضرة في كلمة رئيس الوزراء كما في لقاءاته وتصريحاته. وأحسب أنه أوصل إلى العالم حقيقة أنَّ الصورة النمطية المخيفة التي انطبعتْ في الأذهان عن العراق لم تعد هي صورته الحقيقيّة.
هناك عراق آخر مسالم يريد أنْ ينهض من كبوته، وعلى العالم أنْ يتعرّف عليه من جديد.