هل ثقافة بغدادُ تليق بتاريخها؟

ثقافة 2023/10/01
...

 استطلاع: صلاح حسن السيلاوي 

 إنها رئة الشرق، كنز أزمانه المتعاقبة، مكتبة السماء التي تتنزل على سلالم سطورها الملائكة، ما حركت الريحُ رملا على تربتها إلا عن أثر لملك، أو نبيٍ أو إمام، أو عالمٍ أو شاعر، جمجمة في الأرض ونجمٌ في السماء، دمٌ يضيء كأنه النهارُ ولسان فصيحٌ لحناجره، قوة الرعد وأثرُ الشهداء في الأيام الجارية بين ضفتي الحياة والموت. إنها بغداد التي في الذاكرة والأحلام والواقع المعاصر. أتساءل عنها هنا، مع نخبة من مبدعيها عن فاعليَّة المشهد الثقافي فيها؟، عن خصائصه ومميزاته عن غيره؟، ماذا يحتاج من مشاريع على مستوى النوع والكم؟، هل البنى التحتيَّة المعنية بالإبداع في العاصمة تليق بمستواها وأثرها في الثقافة العربيَّة وهل تكفي حاجة مبدعيها  من مسارح ودور عرض سينما وما إلى ذلك؟، ما أهمية الدعم المادي والمعنوي المقدم لها من الدولة ومؤسساتها المتنوعة؟، ما الذي يقترحه المبدع البغدادي في سبيل تطور المشهد الثقافي فيها؟. 

ثقافة بلا هوية وطنيَّة

القاص شوقي كريم، يجد في إجابته أن من الصعب حصر هذا المشهد المتنافر الأبعاد في مشاهدة واحدة، يمكنها تحديد الاتجاهات المعرفيَّة والجماليَّة لهذا المشهد المضطرب الوجود بكليته، مشيراً إلى وجود كثير من الفوضى والمتضادات التي جعلت منه هامشاً معطلاً لا يرتقي الى مسؤوليته الوطنية الكبرى، وأضاف كريم موضحا: إنَّ بحثنا عن خصائص المشهد لوجدنا ومع الأسف غيابَ الهوية الوطنيّة مع ضياع تام في لجج الفوضى وتصادماتها، إذ ليس ثمة دراسات جدوى وكشف الضرورات لهذا الفعل الثقافي من دون غيره، باتت الفعالية الثقافية مجرد لقاء بسيط، الحضور فيه لا يتعدون أصابع اليد الواحدة، مع تكرار مضحك أحيانا للأحاديث ذاتها والاتهامات ذاتها والعجز ذاته، ولهذا نحتاج الى نهضة ثقافية شاملة، بوجود مؤسسة تعنى بهذا المشهد، وتعمل على ديمومته وترسيخ البنى التحتية، وهذا لايتم إلا من خلال مجلس أعلى للثقافة يقدم زاداً معرفياً للشعب وأبعاد التجمعات النخبويّة الخاصة. أهل الثقافة اسهموا في إقصاء الشعب وتركوه يعيش وحده محنة الفراغ.

وقال مبيّنا: اذا ما تشكل المجلس الأعلى وبصلاحيات مطلقة، لا بدَّ أن تعود صالات السينما والمسارح العارفة بأهميتها مع توافر ميزانية مالية معقولة، لأنَّ المال عماد الثقافة الاول، ومن دونه لا يمكن أن تنشأ ثقافة وطنية حقيقية تسهم في بناء الذات الانسانية التي حطمتها الغيابات المقصودة للهوية وانشاء تشرذمات طائفية وعرقية بديلة، أقول وبحدة، الدولة وحكومتها لا تريد أن يبقى للثقافة الوطنية دور مهم وفاعل، تريد مجموعة ثقافات بسيطة وغير مرضي عنها ومتصارعة، تشظي الواقع وتمنحه مجموعة عوامل تساعده على ديمومة الصراعات. 


المشهد الثقافي والمجتمع  

القاصة عالية طالب، ترى أن محور موضوع الاستطلاع يقترب بشكل أو بآخر من جلسة موجزة أقيمت ضمن أعمال معرض الكتاب الأخير، مشيرة إلى أن الكلام في هذا الموضوع يحتاج الى أكثر من الايجاز ويدخل في تفاصيل مهمة، لعل أبرزها ما الذي فعله المشهد الثقافي من تغيير ازاء المشهد المجتمعي المرتبك؟ وهل الثقافة هي فعل قادر (عربيا) على إحداث التغيير الايجابي؟ وهل تحتاج الثقافة الى دعم مادي حكومي لتكون قادرة على ابراز فعلها الايجابي. 

وأضافت طالب موضحة: كما ترى اشتركنا أنا وانت في طرح اسئلة كبيرة والاجوبة شفافة تكاد تظهر عريها من خلف هذه الاسئلة!!.

لسنا فاعلين هو ملخص الأسئلة التي اشتركنا فيها أنا وأنت، لم نتمكّن من إمساك الشعلة المتوهّجة لنفعل فعل التنوير الحقيقي إلّا لقلة محدودة من مجتمع كبير ويحتاج الكثير من الفعل التنويري التثويري الخلاق والقادر على ردم الفجوات جيدا من دون أن يترك تشوهات قبيحة فوق سطوح الحيوات.

نقيم الجلسات والملتقيات والمؤتمرات لنصدر خطابا (لنا) وليس للمجتمع فهو لا ينتظر كلماتنا بقدر ما ينتظر أفعالنا والتي نفتقد أدواتها الحقيقية؟؟.

ستقول وأين الحلول؟، وأقول لك حين ندخل الى بيوت العقل المغلق ونمسك تلابيب الفكر المتكلّس لننفض غبار التجهيل والأميَّة الضاربة حتى في عقول من يدعون التعلّم والتعليم، وحين نحدث خرقا في السائد البليد وننفض غبار بكتريا الفساد الفكري والضرر المرضي نكون فعلا في زاوية إعلان القدرة على التغيير الفاعل.

واستمرت طالب بحديثها عن أهمية حاجة المجتمع للمثقف ودوره فقالت: المجتمع يحتاج عقولا وأصواتا وأفعالا لا تتموضع في الجدران بل تتحرك في كل الأرجاء لتوقف الهذر والتشوه والامراض المجتمعيّة وتمسك أدوات وأذرع وأكف من قادوا حملات التجهيل واستلاب قدراتنا ووأد طموحاتنا، وتضعهم في مقاعدهم الفاضحة بأفعالهم، حينها يمكننا القول إننا بدأنا خطوة المتغير الايجابي.

حين يقبل المسرح والفن الهادف بالتسويف فنحن في قارة سوداء. وحين يغزل الشعر صورا ساذجة فنحن في قمة التخلي عن اللغة النبيلة. وحين تقول القصة والرواية (حكايات) الجدات فنحن من ننسج ظلمة جديدة. وحين نقبل الوقوف في المنتصف لنجيد الموازنة فنحن شهداء الموت المؤجل.

الثقافة صوت الحقيقة وان رسمنا خطوط التزويق اللفظي لنطرز الحواشي بالمراوغة فلسنا سوى كتاب نقف على أبواب المحاكم  لنروي للمجتمع قصته المؤلمة لكن من دون دموع صادقة.


التنمية الثقافية ومشروع الدولة  

المخرج والكاتب رضا المحمداوي، لخّصَ إجابته في أربع نقاط هي:  1- المشهد الثقافي البغدادي عموماً يمكن وصفه بالمشهد المتحرك والمتجدد على الدوام وهو فاعل ومتفاعل ثقافيّاً مع صانعي ومنتجي تلك الثقافة بحقولها وعناوينها الأدبيّة والفنيّة المتعددة، وأبرز خصائصه أنّه يضخُّ في شرايين الثقافة العراقيَّة دماء جديدة في كل يوم تقريباً وبشكل أسبوعي كذلك من خلال الفعاليات المتعددة التي تشهدها المحافل والملتقيات والمنتديات الأدبيّة والفنيّة فضلاً عن المواسم والمهرجانات الفنيّة والمسرحيّة والسينمائيّة ومعارض الكتب السنويّة والعديد من المؤتمرات والندوات والمهرجانات الشعريّة والسرديّة ولا يتسع المجال هنا لذكر العديد من عناوين هذا الحراك الثقافي الفاعل والمتجدد.

2- أبرز ما تفتقدهُ ثقافتنا العراقيّة هو المشروع الثقافي الشامل والكامل والذي يفترض به أنْ يلمَّ بجميع مفردات وجوانب ومناحي المشهد الثقافي ويضع المعالجات والحلول ويبتكر الآليات ويوفر المستلزمات الواجب توفرها للمبدع العراقي من أجل النهوض بالثقافة العراقيّة وعناوينها البارزة وتحقيق ما بات يعرف بالتنمية الثقافية المستدامة، وأقصد هنا مشروع الدولة العراقيّة الجديدة أزاء الثقافة وكذلك الحال مع مشروع وزارة الثقافة نفسها التي تغيب عنها دائماً الرؤية الناضجة والتوجهات والستراتيجية الواضحة بأبعادها وآليات عملها الثقافي، وبالتأكيد أنا لا أقصد هنا الخطط والبرامج العشوائية والطارئة للحكومات المؤقتة والمتعاقبة وأزماتها التي لا تنتهي.  

فبعد مرورعشرين عاماً على سقوط النظام الديكتاتوري السابق بقوة الدبابة الأميركية الهوجاء ما زالت الثقافة ومشاريعها وطموحاتها غائبة تماماً عن العقل السياسي الذي أصبح مشلولاً أو مكبلاً بالتداعيات والتراكمات السلبية ومخرجات اللعبة الديمقراطية وما أفرزتْهُ من محاصصة مقيتة قادتْهُ إلى الفشل في إدارة مفاصل الدولة وأغرقتْهُ في مستنقع الفساد المالي والإداري الذي سرق وأهدر وأضاع مليارات الدولارات من مقدرات الدولة وقوت الشعب المظلوم، وما زالت التخصيصات المالية لوزارة الثقافة في موازنات الدولة هي الأقل والأشد فقراً والتي لا تتناسب مع خطورة وأهمية الفعل والثقل الثقافي في بناء الإنسان والمجتمع، وهو الأمر الذي أعاق وأوقف حركة إنتاج الثقافة العراقية وجعلها تراوح في مكانها، وتقف جائزة الإبداع السنوية كنموذج بائس وفقير في تعامل الدولة ووزارة الثقافة مع هذه الجائزة، وما يُفترض بها أنْ تقدّمَهُ كمثال يحتذى به لتقدير الثقافة ومنتجيها أسوةً بالجوائز الثقافيّة في الدول العربيّة، أمّا المنحة السنوية للأدباء والفنانين فحدّثْ ولا حَرَج وقد فشلتْ الحكومات المتعاقبة ووزراء الثقافة فيها في إيجاد  صيغة إبداعيّة إنتاجيّة لصرف مستحقاتها الزهيدة، فقد بقيتْ تلك المنحة صاعدة ونازلة في قيمتها المادية في ظل الاضطراب السياسي المزمن وانعدام الرؤية الثقافيّة الصحيحة في الاحتفاء وتقدير أصحاب المنجز الثقافي الحقيقي وليس لحاملي الهويات النقابيّة ودافعي الاشتراك السنوي!!.

3- أزاء النظرة القاصرة للثقافة العراقية لمْ تشهدْ بغداد بناء أيَّة صروح أو بناء مؤسسات أو دوائر ثقافية جديدة منذ أكثر من عشرين عاماً فالمسارح القليلة والمحدودة على حالها، أمّا دور السينما فقد تحوَّلتْ إلى مخازن تجارية أو بنايات سكنية وحلّتْ محلها دور العرض داخل استثمارات (المولات) التجارية أمّا الإنتاج السينمائي فبات محدوداً ومقتصراً على الأفلام القصيرة بطابعها التجريبي والتي لا تداوي جرحنا النرجسي ولا تروي ظمأنا الجمالي والفني..

وأنا هنا أتحدثُ عن مركز بغداد ورقعته الجغرافية الواسعة وبجانبيه (الكرخ والرصافة) أمّا هوامش المركز أو ما يسمى بأطراف بغداد المترامية والتي تتاخم المحافظات الخمس المحيطة ببغداد، فالواقع فيها مؤلم حقاً حيث تشكو الإهمال والتجاهل الثقافي والحضاري المتعمد طوال السنوات العشرين الماضية.

4- أمّا الدعم المادي والمعنوي فشبه معدوم فما زال الأديب المنتج يقدّمُ منجزَهُ الأدبي على نفقته الخاصة بشكل عام ولا يحظى بمكافأة نقدية مجزية مقابل تقديمه لمنجزهِ، وقد شاعتْ في الآونة الأخيرة ظاهرة النشر المجاني للمواد الثقافيّة في الصحف والمجلات العراقيّة باستثناء جريدة «الصباح» الرسمية، وتصور أنَّ وزارة الثقافة لها اصدار ثقافي الكتروني هو (أوروك) يتم النشر فيه مجاناً لوجه الله، وكذلك الحال مع جريدة (الاتحاد) الثقافية التي يصدرها اتحاد الأدباء ويتم النشر فيها مجاناً لوجه الله كذلك!، فأيّة نظرة دونية مجحفة هذه يتم النظر من خلالها إلى الفعل الثقافي الإبداعي بواسطة مؤسسات ثقافية يفترض بها رعاية الأديب وتكريمه ورفع الغبن عنه!!.

  

علاقة ملتبسة وهوّة عميقة 

الأديبة إيناس البدران قالت: إذا كان الإبداع الحر هو النتاج المنتصر للقيم الإنسانية والغدوية، فإنّ المثقف الحر يعدّ حاملا لمشعل التغيير وباعثا للقيم الإنسانية الكبرى من تحت رماد النسيان والطمأنينة الزائفة. ولقد عاش المثقف العراقي عقودا من الاضطهاد والازمات والاحساس بتراكم الخيبات والاحباط الناتج عن علاقة ملتبسة وهوّة عميقة مع صناع القرار والمؤسسة الثقافيّة الرسميّة بشكل خاص. أضف الى هذا انه يعيش ما يمكن ان يطلق عليه «فوبيا الحرية» الرهاب الجديد الذي يصعب على المثقف التعامل معه في زمن اختلاط الأوراق نتيجة الفصام ما بين الوعود والواقع وتموضع فضاء الحرية فوق أرض رمليّة متحركة هشّة تتراوح فيها ممارسة الحرية بين قطبين متباعدين، مابين دعوات ممارسة الحرية او استلابها المفاجئ!!، فكيف يمارس دوره وهو الضارب وسط حقول ألغام تتهدده في كل اتجاه. ومن يتتبع خارطة الإبداع على الساحة العراقية وما رصعت به من اسماء كبيرة عديدة نبغت ولمعت في كل المجالات حتى تخطت شهرتها حدود البلاد لتنتشر اقليميا وعالميا، يجد أن جلها عاش زاهدا معدما حتى لتحسبه غنيا من التعفف على غزارة وتفرّد العطاء، مما يدل على أن هموم الثقافة والمثقف هي آخر هم لدى السياسي، ما يدعونا للتذكير بأهمية دعم المبدع في حياته من قبل المؤسسات الرسميّة والثقافيّة وتخصيص نسبة من الموازنة الماليّة لإنشاء صندوق للتنمية الثقافية لدعم الكتاب والمبدعين خلال مسيرتهم الابداعيّة وفي أوقات المرض والعوز لاعفائهم من مذلة طرق الأبواب. وليس تكريمهم بعد الممات عبر فعاليات شكلية واستعراضية لا تغني ولا تنفع. 

وقالت البدران أيضا: نحن بحاجة الى مد جسور التواصل بين مكونات النسيج الثقافي أفرادا ومنظمات مجتمع مدني NGO والمؤسسات الرسميّة الثقافيّة لتأسيس منهاج ثقافي حيوي متفاعل وصولا الى تنمية ثقافية مستندة الى خطط استراتيجية بعيدة المدى، والنهوض بصناعة الكتاب الورقي عبر دور طباعة ونشر وتوزيع فاعلة، وهنا أجد أن من المناسب التذكير بمشروع تأجل تنفيذه طويلا ألا وهو إنشاء مجلس ثقافي وطني يعمل بالتوازي مع وزارة الثقافة يضمّ رموزا فكريّة وإبداعيّة في المجالات كافة يأخذ على عاتقه النشاطات الثقافية والأدبية والفنية وهو ما معمول به في الدول المتقدمة. نحن بحاجة الى سن وتفعيل تشريع وقوانين تصبّ في هذا المجال منها قانون رعاية الرواد، وقانون تفرّغ المبدعين، وقانون حماية الملكية الفكرية والحقوق المجاورة، إنَّ المثقف الحيوي هو الوجه الحضاري لأي مجتمع ولسان حاله الذي يعكس آماله وتطلعاته المشروعة وهمومه، إذ أنه يتحدى بطبيعته الروتين والتكلّس الفكري ويرفض التخلف والظلم بكل أشكاله، وهو يحلم بعالم أفضل يتسع للجميع. ففي البلدان المتقدمة التي قطعت شوطا حضاريا راسخا في التحرر والديمقراطية يتمتع المثقف والمبدع بكل التقدير والرعاية والمناخات الحرة الرحبة لكتابة ما يؤمن به والعيش بكرامة. 


ثقافة تبدأ من الطفل 

الشاعر ماجد الربيعي، يرى أن بغداد ماتزال قبلةً ونوراً لن ينطفئ على الرغم مما مرّ بها من ويلات ونكبات، فهي تمرض ولا تموت، على حد تعبيره، ولفت الربيعي إلى حاجة الواقع الثقافي في العاصمة للكثير في سبيل النهوض شرط توفر الإرادة المخلصة من أصحاب القرار، وأضاف بقوله: نحتاج إلى إحداث ثورة ثقافية تبدأ من الطفل وسط هذا الخراب ونسبة الأميّة المرتفعة وتدنّي الواقع التعليمي، نحتاج إلى تغيير جذري للمناهج التعليمية الحالية لترسّخ المحبة والتعايش السلمي بين أفراد المجتمع وتعزّز روح المواطنة والوطن بعيدا عن مفاهيم التعصب الديني والمذهبي والقومي، نحتاج إلى تفعيل قانون التعليم الإلزامي وقانون محو الأمية المرتفعة بنسب عالية وسط جيل الشباب، نحتاج إلى بناء عدد كبير من المدارس والكليات والمعاهد، يتناسب مع عدد السكّان والنمو البشري الحاصل. كل هذا يعتمد كما ذكرت على وجود الإرادة الحقيقية لبناء الإنسان لمواجهة كل المخططات التي تستهدف مجتمعنا.

المشهد الثقافي في بغداد نراه من خلال نشاطات مؤسّسات محددة تنحصر في الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق، المركز الثقافي البغدادي في شارع المتنبي، المقاهي الثقافية والمنتديات المنتشرة في بغداد، وكذلك دور النشر والمطابع الأهلية التي تؤدي دورا كبيرا في طباعة الكتب والمجلات.على الرغم من قلّة الدعم الحكومي وانعدامه في جوانب كثيرة لكن هناك نشاطات تبشّر بمستقبل ثقافي أفضل من خلال ما نلمسه من الدور الكبير الذي يقوم به الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق، فهناك جلسات ثقافية تكاد تكون يوميّة يقيمها الاتحاد وعلى مدار الأسبوع، ففيه نادي الشعر ونادي السرد ونادي الإلقاء والنادي الإذاعي ونادي المسرح ومنبر العقل ونازكات الأدب ومتحف الأدباء، وتخصّص جلسة أسبوعية لكل هذه النوادي يحضر فيها كبار أدباء بغداد وتبث بثّا مباشرا عبر منصّات التواصل الاجتماعي وبحضور بعض القنوات الفضائية المهتمة بالشأن الثقافي، فضلا عن إقامة المهرجانات الشعريّة ومؤتمرات السرد والندوات الثقافيّة، ويهتم الاتحاد كثيراً بطباعة المنجزات الأدبيّة للأدباء والكتّاب وإصدار المجلّات الأدبيّة الخاصة بالأدب.

وقال الربيعي أيضا: تتميز بغدادنا الحبيبة عن بقية عواصم الوطن العربي بوجود المركز الثقافي البغدادي هذا الصرح الثقافي الكبير الفريد من نوعه وفي عطائه، فهو قبلة المثقف البغدادي الذي يحجّ إليه في كل جمعة من أيام الأسبوع، وهناك تقام الفعاليات والنشاطات الثقافية المتنوّعة في كل قاعة من قاعاته فضلا عن موقعه المتميز في شارع المتنبي.النهوض بالواقع الثقافي يحتاج إلى بنى تحتية رصينة تتناسب واسم بغداد وتاريخها الحضاري وأثرها في الثقافة العربية، تفعيل دور المسرح العراقي المشهود له ولأثره الكبير في تعزيز ثقافة المجتمع مع تقديم الدعم المادي للمؤسّسات المعنية بالإنتاج الفنّي لإنتاج أعمال درامية تدخل البيت العراقي لبثّ روح التسامح والمواطنة بعيداً عن السموم التي تبثّها بعض القنوات الفضائية التي تزرع الطائفيّة والحقد والخراب بين أفراد المجتمع العراقي.