ستيوارت هاريتاغ
ترجمة: أنيس الصفار
في العام 2009 أنتج أحد ستوديوهات هوليوود فيلماً عنوانه: "الجانب الخفي". استعرض الفيلم شجاعة عائلة بيضاء ميسورة الحال تجرأت على تبني فتى أسود، يعاني اضطراباً نفسياً، وقد لقي عند عرضه صدى واسعاً وحقق ايرادات تعادل عشرة اضعاف الأموال التي أنفقت عليه، وبفضله نالت الممثلة "ساندرا بولاك" جائزة الأوسكار. لقد أحبَّ الناس ذلك الفيلم حقاً.
رغم هذا انطفأ بريق الفيلم بسرعة لأكثر من سبب، ولكن السبب الأهم كان ما تكشف أخيراً بأن معظم ما ورد فيه ربما لم يكن سوى هراء.
ففي شهر آب الماضي قدم نجم اتحاد كرة القدم الأميركي السابق "مايكل أوهير"، الذي صور فيلم "الجانب الخفي" حياته في فترة المراهقة، طلباً إلى محكمة تينيسي لإنهاء علاقته قانونياً بالعائلة التي تبنته. قال أوهير في دعواه إن الزوجين "لي آن توهي" و"شون توهي" (اللذين أدى دوريهما في الفيلم الممثلان ساندرا بولاك وتيم مكغرو)، قد حالا دون حصوله على حصة من عائدات الفيلم، في حين كسب الاثنان منها الملايين. ادعى أوهير أيضاً أن الزوجين "توهي" لم يتبنياه رسمياً أبداً كما زعما.
إنها حقاً لفوضى، ليس فقط في ما يتعلق بحياة الأشخاص الحقيقيين، الذين يزعم فيلم "الجانب الخفي" إنه يحكيها لنا، بل في ما يخص الفيلم نفسه ايضاً. فإذا ما كسب أوهير دعواه سيصبح من الصعب جداً على اي شخص بعد الآن أن يجلس بارتياح وهو يشاهد هذا الفيلم.
بيد أن فيلم "الجانب الخفي" ليس الوحيد الذي يتكشف زيفه، رغم تقيّده المزعوم بالحقائق التاريخية، فهناك كثيرٌ من الأفلام التي ساقت إلينا أخطاء وأباطيل، لكنها مع هذا لم تفقد شعبيتها، وفي ما يلي أمثلة بارزة منها:
يو- 571
هذا الفيلم صنف من أفلام الدراما، التي تتناول فترة الحرب العالمية الثانية، وهو يروي قصة فصيل من جنود البحرية الأميركية تمكن من تغيير مسار تاريخ العالم عندما نجح افراده في الصعود إلى غواصة نازية والاستيلاء على آلة الشيفرة "إنغما". بيد أن الفيلم واجه عند عرضه انتقادات شديدة من قبل المؤرخين، الذين أشاروا إلى أن فريقاً من الجنود البريطانيين هو الذي استولى على آلة "إنغما" من غواصة ألمانية في تاريخ أسبق مما يذكر فيلم "يو-571" بعام كامل. في الواقع أن 13 مرة من اصل 15 مرة أمكن فيها الاستيلاء على آلة "إنغما" مع كراس الشفرة الخاص بها إبان الحرب، كان منفذوها بريطانيين. عاصفة الاستياء التي اثارها الفيلم جعلت "توني بلير" يصف الفيلم علناً بأنه "إهانة" للجيش البريطاني، فما كان من الرئيس "بيل كلنتون" إلا أن رد برسالة يذكره فيها بأن العمل مجرد قصة من نسج الخيال.
الكابتن فيلبس
الفيلم دراما من اخراج "بول غرينغراس" أنتج في 2013 وهو يروي قصة اختطاف السفينة "ميرسك ألاباما" في العام 2009 حين اختطف قراصنة صوماليون سفينة بضائع أميركية. في الفيلم يتمكن القبطان البحري "ريتشارد فيلبس" من انقاذ الموقف بفضل سرعة بديهته وقوة اعصابه. ربما بدا الأمر كذلك لأن الفيلم اعتمد مذكرات القبطان فيلبس نفسه مثلما نشرها في كتاب عنوانه: "واجب القبطان"، لكن بقية أفراد طاقم ألاباما قد يرون المسألة على نحو مختلف. في العام 2013 أعلن أحد هؤلاء أن القبطان فيلبس تلقى سبع رسائل بالبريد الالكتروني تحذره من وجود قراصنة في المنطقة ولكنه تجاهلها، كما أنه لم تكن لديه خطة للتعامل مع الموقف عندما اعتلى القراصنة السفينة. وقد رفع عدد من أفراد الطاقم دعوى ضد شركة ميرسك عقب عملية الاختطاف مطالبين بتعويض قدره 50 مليون دولار لأنهم، حسب زعمهم، أرسلوا عن سابق علم إلى مياه ينشط فيها القراصنة. بعد ذلك تمت التسوية بين الطرفين خارج المحكمة.
خطاب الملك
الخطأ الكبير في هذا الفيلم ينحصر بالتسلسل الزمني للأحداث. فقصة الفيلم تتمحور حول مشكلة ابتلي بها الملك "جورج السادس" هي اختلال النطق، وأنَّ هذه المشكلة كان يقتضي معالجتها بشكلٍ سريعٍ وملح كي يتمكن الملك من اعلان الحرب على المانيا بصوته. في الفيلم يستمد الشعب البريطاني القوة من غياب التأتأة في صوت الملك فيهب للإطاحة بهتلر. هذا الكلام صحيح الى حد ما، لأن الملك "جورج السادس" تلقى بالفعل جلسات علاج للتخلص من مشكلة التأتأة، لكن ذلك حدث في الواقع قبل الحرب بعقد كامل من السنينِ
عن صحيفة "الغارديان