أحمد سلمان.. فارس الأغنية السياحيَّة يترجّل عن صهوتها

ثقافة 2023/10/04
...

 بغداد: نورا خالد

غيّب الموت مؤخرا مطرب الأغنية السياحيَّة الفنان أحمد سلمان عن عمر ناهز الـ 91 عاما، قدم الراحل أولى أغنياته في إذاعة بغداد وهي (حلوة يابنت الجار) العام 1948 بعمر ستة عشر عاما، واستمر بعطائه الفني حتى وفاته.

الموسيقار علي خصاف قال إن" أحمد سلمان استهوته الأغنية السياحيَّة بعد أن درس في معهد السياحة والفندقة في لبنان، والتي كان يقول عنها إنها الأغنية الوطنيَّة الحقيقيَّة فهي تظهر معالم العراق الجميلة وتاريخه".
وأوضح أنه " لا يوجد اهتمام في هذا الجانب الفني وهي الأغنية السياحيَّة التي لها تأثير كبير لو انتشرت بشكلٍ صحيح، وبرحيل أحمد سلمان فقدت الأغنية السياحيَّة فارسها".
الملحن الكبير علي سرحان أشار إلى أن " الراحل غنى الأغنية السياحيَّة بعشقٍ وحبٍّ لأنه عشق بلده ولم يخرج منه طوال سنوات عمره، فأغنيتا " ميك يا دجلة " ،صباح الخير على بلادي" اعتدنا على سماعهما صباح كل يوم من خلال الإذاعات، التي كانت تتسابق في بثهما، تفرد سلمان بهذا اللون الغنائي فلم يأت أحد ينافسه فيه طيلة هذه
السنوات".
لم يعمل أحمد سلمان على الأغنية السياحيَّة فقط وإنما غنى الأغنية العاطفية والوصفية والخاصة بالأطفال والوطنية والدينية، اذ قدم أكثر من 150 اغنية، لكن اشهرها وعرف من خلالها هي
السياحيَّة .
رئيس جمعية الموسيقيين العراقيين د.كريم الرسام أكد أن " أحمد سلمان له تأثير كبير على الأغنية السياحية، كونه الوحيد الذي اختص بهذا اللون من الغناء وأبدع به، وبما أنه هو الفنان الوحيد الذي قدم هذه الأغنية ورحيله ترك فراغا كبيراً لا يعوض، ولا أعتقد أن هناك فنانًا سيأخذ مكانه ويغني اللون الجميل الذي قدمه
الراحل".
وأضاف" عرف المشاهد العراقي من خلال ماغناه الفنان سلمان على جمال المعالم السياحيَّة في العراق في شماله ووسطه وجنوبه، اذ تعد أغانيه مصدرا أساسيًّا لمخرجي الإذاعة والتلفزيون، ولكل من أراد التحدث عن السياحة في
العراق".
في تصريح سابق للراحل قال "لا يوجد أحد من المطربين غنى الأغنية ولن يأت أحد وستنقرض من بعدي، والسبب هو أنها ليست أغنية تجاريَّة يمكن للفنان أن يستفيد منها مادياً".
وأوضح الفنان والأكاديمي طلال علي أن " سلمان هو رائد ومؤسس الأغنية السياحيَّة، فهذا اللون لم يكن معروفًا ولم يخطر ببال أحد، ساعدته موهوبته منذ الصغر وعاش فترة طفولته والشباب في لبنان وتأثر بالاجواء الجميلة والانفتاح
السياحي والموسيقي".
وتابع " في العام 1955 كان أول من غنّى الأغنية السياحيَّة، كونه يعمل مصورا سينمائيا في شركة نفط العراق وأتيحت له فرصة السفر إلى جميع المحافظات، وعندما صورت الشركة فيلما خاصا عن السياحة اقترح أحمد سلمان إضافة اغنيات تتناسب مع مضمون الفيلم، وحصلت الموافقة وسجل اغنية (للمصيف يله)، وشارك ايضا في فيلم (الشمال جنة)، حيث سجل فيه ثلاث اغنيات، وتمَّ في ما بعد إنتاج فيلم (عروس الفرات) والذي اشتهرت فيه اغنية (ميك يادجلة شحلو)، اذ كانت كلمات أغنياته تصف جمال الطبيعة والأنهر والشلالات والشجر وغيرها، أما ألحانها فكانت تتميز بكونها مفرحة وقريبة من ذوق المستمع".
وأوضح علي أن " الأغنية السياحيَّة تختلف تماما عن الإعلان التجاري، فهي توثّق لأجواء جميلة ومواقع ممتعة، تجعل منها دليلا سياحيا للأجانب والعرب والعراقيين وأصبحت جزءًا من تاريخ وثقافة البلد".
 خاتما " بفقدان أحمد سلمان فقدنا هذا اللون المتفرد".
ولد أحمد سلمان في العام 1932، قدم والده من مدينة الموصل واستقر مع عائلته في الشورجة ببغداد، بدأ الغناء في سن العاشرة من عمره هاوياً، ثم بدأ يُلحن عندما أرسله والده للدراسة في لبنان، على أمل أن يتخصص في الطب، ولكنه أحبَّ الغناء والطرب وعاد وفي إحدى يديه آلة العود، ثم بدأ الغناء العام 1948 في أحد البرامج الترفيهية عن الجيش العراقي، حيث غنى أغنية وطنية بعنوان «يلا بنا القدس نادت علينا»؛ أما أول أغنية عاطفية له فكانت بعنوان «يا حلوة يا بنت الجار». تغنى بالموصل وشلالات شمال العراق، ونهر دجلة
ومياهه.