سامر المشعل
كانت أيام شهر ايلول الماضي مثقلة بالأحزان، فقد خطف الموت مجموعة نادرة من الفنانين والشعراء، ما زالت غصّة فراقهم تثير المواجع والشجون في نفوس محبيهم وعشاق
فنهم.
بدأت قوافل الموت برحيل الشاعر كريم العراقي، ولم تمضِ الا ساعات قليلة حتى جاء نبأ رحيل صوت الأرض الفنان الكبير ياس خضر، وما زال الوسط الفني مشغولا بتوديعهما، حتى صدم برحيل رائد الأغنية السياحيَّة الفنان الكبير أحمد سلمان، وبمسافة أحزان قليلة، فجع الوسط الفني مرة أخرى برحيل الفنان التشكيلي عاصم فرمان، فارتفع منسوب الحزن لدى اصدقائه وتلاميذه وزملائه.. تاركًا لوحات بيضاء من المواقف الانسانية النبيلة ونثيث ذكريات معطرة بالطيب والجمال الفني والانساني.. ووسط هذه اللحظات المشحونة بالحزن وألم فراق على فرمان، غطت الوسط الفني غيمة حزن اخرى على رحيل الشاعر والإعلامي جليل
صبيح.
فكان شهر ايلول يسير بخطى جنائزية مصحوبة بالألم على الصعيد الفني، وكذلك على الصعيد العام، لما شهدته محافظة نينوى من فاجعة أليمة في عرس بغديدا الاسبوع الماضي، ومازالت جراحات الفاجعة
تنز وجعا.
وعلى صعيد متصل بالحزن شهدت الأيام الاخيرة من شهر ايلول رحيل الفنانة اللبنانية نجاح سلام، هذه الفنانة التي أحبّت العراق وأحبّها العراقيون منذ خمسينيات القرن الماضي، وغنّت لأهل العراق بأجمل الالحان والكلمات، وكانت على الدوام تزور العراق وتربطها بالجمهور العراقي وفنانيه وإعلامييه روابط محبة واحترام.
رحيل هذه الكوكبة من المبدعين وصناع الجمال لا تزيد من كثافة الحزن وحسب، إنما تقوّض مساحات الجمال والترف الانساني، فهذه الفصيلة من المبدعين لا تعوض وليس من السهل أن يجود الزمان بأمثالهم.
أنباء الموت التترى وبإيقاع متسارع لم يتح لنا تأبين مبدعينا بما يليق بهم، فأثناء حمى الحزن على رحيل الشاعر كريم العراقي والفنان ياس خضر، رحل الفنان أحمد سلمان بهدوء، من دون أن يثير أية ضجة إعلامية، وكأنه آثر الهدوء في حياته ومماته!، فتسلل بين الأموات بهدوء إلى مثواه
الاخير.
أحمد سلمان الذي اختط لنفسه لونًا غنائيًّا فريدًا من نوعه وغير مسبوق، وهو اللون الغناء السياحي، وكنا نردد أغنياته " المايزور السلمان عمره خساره"، غنّى لكل الأماكن السياحيَّة في ربوع العراق من الشمال إلى الجنوب..
وأنا أعدُّ الغناء السياحي جزءًا من الغناء الوطني.. وأحمد سلمان كان منتميًّا لهذه الارض محبا لها ومخلصا
لفنه.