مُهداة لقرّاء جريدة الصباح
يصابُ عددٌ من الأطفال باضطراب (التوحّد - وكنّا فصلنا فيه في حلقة سابقة). والتوحد ومتلازمة اسبرجر كلاهما ينتميان الى الاضطرابات النمائيَّة العصبيَّة التي تؤثر في قدرة الشخص على التواصل والتفاعل مع الآخرين وفي سلوكه. لكنَّ الفرق بين متلازمة أسبرجر والتوحد يكمنُ في مدى تطور المهارات اللغويَّة، والقدرة على الاستقلاليَّة، وبعض الجوانب الأخرى. ولم تصنف متلازمة أسبرجر كحالة منفصلة، بل أصبحت تندرج تحت مصطلحٍ أشمل هو اضطراب طيف التوحّد.
ضعفٌ في التفاعل
ويتفق الأطباء النفسيون على أنَّ (الأسبرجر) هو اضطرابٌ يتميز بنمطٍ من الأعراض بدلًا من عرضٍ واحدٍ محدد، أوضحها ضعفٌ في التفاعل الاجتماعي (كعدم الذهاب إلى المناسبات أو عدم زيارة قريبٍ مريضٍ في المستشفى) واتباع أنماطٍ محدودة ومقولبة من السلوك والأنشطة والرغبات، ولا يظهر فيه أي تأخرٍ ملحوظٍ في الإدراك أو تأخرٍ في الناحية اللغويَّة.
هذه المتلازمة تمَّ اكتشافها في العام 1994 على يد الطبيب النمساوي هانز أسبرجر الذي قام بعمل توصيفٍ لمجموعة من الأطفال الذين لم يكن ينقصهم الذكاء أو اللغه لكن كانوا يفتقرون لمهارات التواصل غير اللفظي. وفي العام 2013 تمَّ إلغاءُ استخدام كلمة أسبرجر في التشخيص الرسمي، وجرى عدُّها طيفاً من أطياف التوحد بحسب الدليل التشخيصي للتوحد (DSM-5) للرابطة الأميركيَّة للطب النفسي (American Psychiatric Association).
وتلعبُ الجينات دوراً أساسياً في تكوين الدماغ لدي الأسبرجريين، حيث تستقبل أدمغتهم المعلومات وتتعاملُ معها بشكلٍ مختلفٍ، الأمرُ الذي يؤدي الى صعوباتٍ في إقامة علاقات اجتماعيَّة وتأثيرٍ في تطورهم المهني واستقرارهم الأسري.
عباقرة أسبرجر
ستندهشُ إذا علمت أنَّ متلازمة أسبرجر تعدُّ مرضَ المشاهير، بينهم (ايلون ماسك) رجل الأعمال المثير للجدل الذي امتلك (تويتر وغير اسمه الى أكس) وتمَّ تشخيصه بأنَّه مصاب بمتلازمة أسبرجر. وحين سُئِلَ عنها أجاب بأنَّه أحياناً يقولُ أو يكتبُ أشياءً غريبة، لكنْ هذه هي الطريقة التي يعملُ بها عقله. وعلى الرغم من نجاحه المذهل، فإنَّه لا يزال يتعرض للتنمر والنظرات الدونيَّة بسبب (أسبرجر).
وبين النساء ناشطة بيئيَّة سويديَّة اسمها (غريتا) مصابة بها، ومع ذلك فإنَّها رُشِّحتْ لجائزة نوبل، وقد وصفت (اسبرجر) بأنها قوة
خارقة.
وفي عالمنا العربي نشرت جريدة «أخبار اليوم» القاهريَّة عن طفل اسمه (نوح – 8 سنوات) رفضت المدارس تسجيله لإصابته بها ولمستواه العلمي العبقري في اللغة الإنكليزيَّة.
وأوضحت والدة الطفل نوح، أنَّ ابنها وُلِدَ مُصاباً بمتلازمة أسبرجر وهي التي جعلته يجيد اللغة الإنكليزيَّة بطلاقة، من دون تعلم، لكنَّه لا يمكنه نطق اللغة العربيَّة. التساؤل هنا: تُرى كم طفلاً عراقياً لدينا مصابٌ بمتلازمة أسبرجر، ننتبه الى مرضه ولا ندرك عبقريته.