حسن المسعود يهدي (100) لوحة للمتحف الوطني

ثقافة 2023/10/05
...

 علي إبراهـيم الدليمي


نظمت دائرة الفنون التشكيليَّة في وزارة الثقافة والسياحة والأثار، في قاعة عشتار، جلسة نقدية خاصة بالفنان المغترب الخطاط حسن المسعود، تحت عنوان "تجربة الفنان حسن المسعود وسخاء الفن" أدارها الناقد صلاح عباس، وتحدثا فيها كل من الناقدين: جواد الزيدي، ود. محمد الكناني عن تجربة ومسيرة وطبيعة الإشتغالات الفنية والجمالية للمسعود.

وتحدث عبر الجلسة التي أقيمت في قاعة عشتار المدير العام لدائرة الفنون د. علي عويد العبادي قائلاً إن "الجلسة تأتي تكريمًا وتتويجًا لجهود الفنان حسن المسعود الكبيرة، وتجربته الفنية المتميزة التي رسخها طوال مسيرته المعطاء، ووفاءً لإهدائه مئة عملٍ فني من أعماله إلى المتحف الوطني للفن الحديث في دائرة الفنون، وأن هذا إلا دليل قاطع على وفائه وحبه العميق إلى موطنه الأصلي العراق وشعوره النبيل والانتماء إليه".

وقد أوضح العبادي أن: دائرة الفنون ستنظم قريباً معرضاً خاصاً باللوحات المهداة على قاعة "بيت اكيتو" في ساحة الاحتفالات الكبرى، فضلاً عن تثمينه لدور الناقد صلاح عباس، لتعاونه المثمر ما بين الدائرة والفنان، في إيصال هذه الأعمال إلى الدائرة.

ويعد المغترب حسن المسعود من أوائل الفنانين العرب، الذين مهدوا للوحة الخطية الفنية، وبشر في نشرها، داخل الدول التي تتحدث غير العربيَّة منذ العقد السبعيني، حيث قدم اللوحة الحروفية، المتميزة بأسلوبه الفني المتفرد، وهو ينتج شكل الحرف العربي بلغة بصرية خاصة، إذ جعل من الحرف العربي عنصراً تشكيلياً مهما في بناء اللوحة واخراجه من جمود الصورة النمطية في الشكل التقليدي ليتفاعل مع استخداماته في أي مساحة أو شكل معتمداً على ما يمتلكه الحرف العربي من مرونة وقدرة ومطاوعة على التشكيل، لينقله إلى آفاق جديدة بمعطيات حسية وبصرية تتقصى الإيهامات البصرية وتنتج علاقات جدلية بين رؤية موضوعية ورؤية ذاتية. ألوان حارة وأخرى باردة، مساحات بيضاء متسعة، وحروف ونقاط سوداء متحركة في حوار شامل يقف الحرف العربي فيها عمود بنائي فخم ليكوّن أساسها المعماري.

لم تكن تجربة المسعود، إلا عن بدايات عميقة منذ طفولته، وممارسته فنون الخط العربي وفق قواعده وأصوله المعروفة، وهو ابن الخمسة أعوام، على يد خاله الخطاط، ومن ثم الإطلاع الشامل على تجارب الآخرين، والتأمل العميق بماهية وأهمية أن يبحث بنفسه عن مكنونات جديدة للحرف العربي غير التقليدية.

وهكذا كانت تجربته، تنمو وتنضج وتعطي ثمارها اليانعة شيئاً فشيئاً، ليرسم له هويته المتميزة، التي تتمتع بمفاهيم بصرية معاصرة تحمل في طياتها تجربة جادة كبيرة.

لقد سعى المسعود، منذ محاولاته الأولى، إلى غرس وترسيخ وتأسيس بناء أسلوب واضح ومتميز خاص عن جميع الخطاطين في العالمين العربي والإسلامي، فكل لوحة من لوحاته تختلف جذرياً عن الأخرى، في اللون والتكوين والاستلهام، بل حتى هو لا يستطيع أن يعيدها نفسها، فأصبحت لوحاته كل منها تحمل بصمة كأصابع اليد التي لا تتكرر.

لقد كانت من ضمن أسس بناء لوحات تجربته، التي يعتمد عليها، بعد أن درسها بحذق ودراية هي: البعد البصري الرصين لكثافة الكتلة، ومساحة الفضاء الشاسع المتوازن.. حيث تصبح كالبناء المعماري، ولكنه مرسوم بضربات فرشاته العريضة، الشاخصة، التي هي الأخرى من سمات تجربته. لتصبح إيقاعات لونية بصرية ذات أحاسيس حية معاصرة.

ولد المسعود، في النجف عام 1944، وتوجه عام 1961 إلى بغداد للعمل مع الخطاطين هناك، فتعلم الأساليب التقليدية للخط العربي والأدب المحيط بعالم الخط، ولكنه بالوقت نفسه كان يحب الرسم والتصوير الزيتي، ويحلم بالذهاب إلى باريس، للدراسة في المدرسة العليا للفنون الجميلة "البوزار". سافر في العام 1969 إلى باريس لينهي دراسته في مدرسة البوزار للفنون بعد خمسة أعوام، وهناك عمق دراسته للخط العربي في زيارات دراسية بحثية لكل من القاهرة واسطنبول وبورصة. في عام 1980 صدر له في باريس كتابا عن الخط العربي، أما في العام 1986 فقد تنشر له دار فلاماريون كتابا تحت عنوان "حسن المسعود الخطاط"، كما وصدر كتابا يتضمن خطوطا بنصوص لجبران، وكتابا آخر يتضمن 130 عملاً فنياً من الخط العربي، وفي العام 1997 صدر له مع الكاتبة اندره شديد كتابا بعنوان "الحديقة المفقودة". وكذلك كتاب "خطوط الارض"، وفي العام 1998 صدر له مع الكاتب الفرنسي جاك سالومي كتاباً يحمل 65 لوحة فنية من أعماله، كما وصدر له كتاب "سفر الطيور" و"دفتر خطاط- عن رباعيات جلال الدين الرومي"، وغير ذلك.