علي حنون
كما الحال في كلِّ مرَّة، فإنَّ القائمة الأخيرة التي أعلنها الجهاز الفني بقيادة ربان سفينة منتخبنا الوطني لكرة القدم، والتي ستكون وجوهها العماد الرئيس، الذي سيخوض بها خيسوس كاساس معترك مباريات بطولة الأردن الدولية، حتى تكرر السيناريو نفسه، الذي جُبلنا عليه من قبل عديد الوجوه، التي ينتمي بعضها إلى قائمة المحللين والمتابعين وآخرون إلى الإعلام وثالثة إلى الجمهور، الذين أخذوا يتداولون الأمر وكأنهم أصحاب الرأي في هذا الشأن مع أنه يبقى رهين قرار وإرادة المدرب دون سواه.. في كل البلدان من حق المنظومات الداعمة للكرة الوطنية أن تؤدي كل منها دورها المهني في حدود معلومة وليس لها أن تقترب من الشؤون الفنية، وهذا أمر طبيعي مُسلم به ولا يُمكن القفز عليه، إلا عندنا، فإنَّ خيوط الأدوار مُتشابكة والكل يعطي نفسه الحق في التدخل في الأمور، التي هي من حق المدرب وحده.
وفي كل محطة يتم فيها إعلان الأسماء، التي ستمثل المنتخب الوطني، تنبري ذات الأسماء إلى رفع صوتها للتقييم في ظاهر الأمر وفي باطنه المطالبة بعينة من اللاعبين، الذين تعتقد تلك الأصوات أنهم أكثر أهمية ولا يجب أن تكون إمكاناتهم بعيدة عن ساحة الاستعانة بها، وبقينا في كل محطة نُمني النفس أن تبقى سيوف تلك الثلة في أغمادها وتقل (طلبات المستمعين) وأن يُترك الأمر لمن بيده شأن التشكيلة، فهذه من أبسط حقوقه الفنية طالما أنه سيكون تحت مقصلة المسؤولية في حال تعثرت مسيرة المنتخب الوطني، إلا أنَّ رجاءنا ظلّ يُخيب باستمرار، فليس بالضرورة من تراه أنت مُقتدراً يجب أن يراه كاساس كذلك.. وأيضاً اعتقدنا- واهمين- أنَّ التريث في إطلاق الأحكام سيكون حاضراً هذه المرة وأن نبتعد عن إطلاق (الاستفتاء) في منصات التواصل بصدد أحقية من يجب أن يتواجد من اللاعبين، في القائمة، لأنَّ الأمر لا يحتمل إجراء (المزايدات) المغلفة، بالرغبات الشخصية.
هذه الفاصلة غريبة وفيها من التجاوز على الجانب الفني للمدرب الشيء الكثير، ومبعثها أننا لا نؤمن بثقافة التخصص، فكما أنك لا تريد أن يتدخل الآخرون بإجراءاتك وقراراتك، وهي فلسفة منطقية، لأنك الأعلم بها وأكثر دراية بشؤونها فإنه يتحتم عليك كذلك أن تحترم كل أصحاب القرار وفي أي مفصل وهذه إيجابية علينا جميعاً التمسك بها لأنها تعكس الجانب المشرق لاحترام الآراء وتعزيز الثقة وتعضيد وجهات النظر.. وحري بنا أن نعتقد- عن قناعة- بأنَّ المدرب يبحث دوماً عن السبيل، الذي يتيح له بلوغ مرحلة التوفيق وهذا لا يمكن أن يتحقق، إلا من خلال توفر عديد العوامل ومنها الاستعانة بالأدوات الأفضل، التي تنسجم في أدائها مع رؤيته التدريبية، من هنا فإنه يسعى إلى وضع الثقة بالأكثر جاهزية والأسرع في التعاطي مع أفكاره العملية وأيضاً باللاعبين الذين تُمكنهم حالاتهم من المشاركة وتقديم الأداء الناجح، وهذه الموضوعة تفرض على جميع الشركاء أن يُؤدوا أدوارهم ضمن الحدود، التي تجعل حضورهم إيجابياً ومُؤثراً ويدعم مهمة المنتخب الوطني في استحقاقاته الخارجية.