بغداد: شكران الفتلاوي
أجمع خبراء اقتصاد، على أنَّ خطط التنمية تحتاج إلى رؤى وبرامج ستراتيجية لتنفيذها، وتستلزم بمن ينفذها أن يحمل أفكاراً غير نمطية تضع الإبداع والابتكار في عملها كأساس في تطبيق تلك الخطط والبرامج السنوية، مشددين على ضرورة إيجاد السبل الحقيقية لتبني الأنماط الحقيقية للعمل مع القطاع الخاص وكما في الشركات العالمية، وتحويل المؤسسات المستهلكة للنفقات إلى منتجة للأرباح. وتسعى الحكومة إلى تفعيل العديد من مشاريع التنمية المستدامة، لاسيما الصحية والتعليمية، فضلاً عن الدفع باتجاه تفعيل دور القطاع الخاص وإدخاله في شراكات واسعة مع نظيره العام بهدف خلق المزيد من فرص العمل وتحريك عجلة الاقتصاد، وبالتالي زيادة معدلات التنمية المستدامة في البلاد. وشكلت مبادرة "ريادة" التي أطلقها رئيس الوزراء، وفقاً لآراء المختصين، نقطة شروع صوب تغذية الاستقرار الاقتصادي والمساهمة في النمو والازدهار وخلق فرص عمل، لاسيما وأنَّ تلك الستراتيجية موجهة لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والتي بمقدورها امتصاص الآلاف من الأيدي العاملة. وكان مختصون في الشأن الاقتصادي، قد رحبوا في وقت سابق خلال أحاديثهم لـ"الصباح" بتوجهات السلطة النقدية في البلاد، والهادفة الى زيادة معدلات التنمية المستدامة، مؤكدين أنَّ إطلاق البنك المركزي للستراتيجية الوطنية للإقراض، يمكن أن يحقق حزمة من الخطوات الاقتصادية المهمة، والتي تقف في مقدمتها القضاء على البطالة والفقر وتحريك عجلة عمل القطاع الخاص. الخبير الاقتصادي مناف الصائغ، عزا في حديث لـ"الصباح" ضياع فرص التنمية في العراق خلال السنوات السابقة إلى معوقات داخلية وخارجية، مبيناً أنَّ الأسباب الداخلية تكمن في انتشار إعاقة العمل بمختلف مستوياته وأشكاله ابتداءً من عرقلة تنفيذ البرامج والمشاريع الحكومية، مروراً بتعطيل التعاملات الحكومية اليومية ذات العلاقة بإجراءات التغيير. ويأمل الصائغ أن تحقق الخطوات الحكومية الحالية المزيد من التقدم في المجالات التنموية لاسيما إقامة المشاريع العمرانية والصحية والتعليمية، لافتاً إلى أن الطابع الذي غلب على المؤسسات الحكومية في أدائها لأعمالها خلال السنوات السابقة، هو الفردية وعدم التخطيط والروتين وعدم الانسجام بين أقسامها ودوائرها، فضلاً عن غياب التنسيق بين الوزارات والهيئات الحكومية عند تنفيذ أجندة تشترك فيها أكثر من مؤسسة حكومية، ما أدى إلى أن تكون الجهود ضائعة وغير مترابطة وتخرج عن مساراتها وتبتعد عن أهدافها أغلب الأحيان. وأضاف أنَّ غياب الخطط والبرامج الحكومية لأغلب المؤسسات، يغلب عليها الطابع الإعلامي على الطابع التنفيذي لبرامجها، خاصة أنَّ المؤسسات الدولية أنجزت خططاً وبرامج للوزارات يفترض أنها متسقة مع خطة التنمية الوطنية والموازنات العامة لكنها لم تأخذ طريقها للتنفيذ. ودعا الصائغ إلى ضرورة تجاوز هذه المعوقات وإيجاد الحلول الناجعة لها خاصة وأنَّ المجتمع الدولي يعمل على إيجاد فرص للعمل مع الجانب العراقي، مع ضرورة تفعيل دور المتابعة، كونه الحلقة الأساسية في إجراءات التنفيذ وسبباً أساسياً في عدم تبعثر الجهود وضياع المعايير والمؤشرات. من جانبه أشار المهتم بالشأن الاقتصادي عماد المحمداوي في حديث لـ" الصباح" إلى ضرورة الإفادة من الفرصة التاريخية القائمة حالياً في العمل بالمشاريع الكبيرة التي تنفذها مختلف الجهات الحكومية بكل جدية، والتخلص من أعباء الماضي بتلكؤ المشاريع المختلفة وعدم إنجازها.
كما دعا المحمداوي، إلى أهمية تضافر الجهود ووضع مصلحة وبناء الوطن أمام أعين الجميع وعدم الانجرار وراء المصالح الشخصية المقيتة، مبيناً أن تلك الخطوات من شأنها زيادة معدلات التنمية المستدامة والنهوض بالواقع الاقتصادي للبلاد. تجدر الإشارة إلى أنَّ رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أعلن في آيار الماضي مشروع طريق التنمية الدولي، والذي تبلغ ميزانيته نحو 17 مليار دولار، لربط ميناء الفاو الكبير بتركيا وصولاً إلى أوروبا، في خطوة لاقت ترحيباً اقتصادياً واسعاً، لاسيما وأن المشروع يأتي ضمن خطة طموحة لتطوير البنية التحتية للسكك الحديدية والطرق في العراق، ليصبح مركز نقل إقليمي يربط بين أوروبا والخليج. ولاقى المشروع حينها تأييداً دولياً واسعاً، عبرت عنه العديد من الدول التي أبدت رغبة كبيرة للمشاركة فيه، وكانت آخرها روسيا، التي أعربت على لسان مساعد رئيس روسيا الاتحادية ايغور ليفيتين، أمس الأول الثلاثاء، خلال لقائه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، عن استعداد حكومة بلاده للمشاركة في تنفيذ مشروع طريق التنمية الحيوي في العراق.