ترجمة: نافع الناجي
قد تجعلك بعض الوجبات مثل كيس رقائق البطاطس أو شريحة البيتزا المجمدة، تشعر بالسعادة أثناء تناولها، لكنها قد تجعلك أكثر عرضة للحزن بعد تناول اللقمة الأخيرة لفترة طويلة.
فقد وجدت دراسة جديدة نشرت في مجلة JAMA Open Network أنَّ تناول الأطعمة "فائقة المعالجة" يمكن أنْ يسهمَ في زيادة خطر الإصابة بالاكتئاب.
وقام باحثون من مستشفى (بريجهام) وكلية تي إتش تشان للصحة العامة بجامعة هارفارد، بتحليل الخيارات الغذائيَّة والصحة العقليَّة لأكثر من 31 ألف امرأة تتراوح أعمارهن بين (42 و62) عامًا، وجاءت البيانات من الدراسة الثانية لصحة الممرضات، والتي أجريت بين عامي 2003 و2017.
جميع المشاركين قاموا بملء استبيانٍ غذائي كل أربع سنوات، وكشفوا ما إذا كانوا يتناولون الأطعمة فائقة المعالجة أم لا. وتمَّ تجميع هذه الأطعة في تسع فئات: الأطعمة المصنوعة من الحبوب فائقة المعالجة، والوجبات الخفيفة الحلوة، والوجبات الجاهزة للأكل، والدهون والصلصات، ومنتجات الألبان فائقة المعالجة، والوجبات الخفيفة اللذيذة، واللحوم المصنعة، والمشروبات، والمحلّيات الصناعيَّة.
وقالت تانيا فرايريش، اختصاصية تغذية مسجلة في شارلوت بولاية نورث كارولينا، والتي تعمل كأخصائية تغذية: إنَّ "الأطعمة فائقة المعالجة هي تلك التي تحتوي على العديد من المواد الحافظة، والمثبتات، والعوامل السائبة أو التبلورية، فضلاً عن الألوان والنكهات الاصطناعية". مضيفة "إنها بشكلٍ عام تشمل أنواع الأطعمة التي يمكن تخزينها على الرف لسنوات قادمة". وتابعت، إنَّ "أدمغتنا معرضة تمامًا، إن لم تكن أكثر عرضة، من أجزاء أخرى من الجسم للتأثيرات السلبيَّة للمضافات غير الغذائيَّة".
وتشمل الأطعمة فائقة المعالجة أشياءً مثل رقائق البطاطس والحلويات ووجبات العشاء التلفزيونيَّة المجمدة وشذرات الدجاج والمشروبات الغازيَّة وحبوب الإفطار المليئة بالسكر والحساء المعبأ (النوع الذي يضيف الماء الساخن فقط.
بغية قياس حالة الصحة العقليَّة للمشاركين، استخدم الباحثون تعريفين: الأول، تعريفٌ صارمٌ يتطلب الإبلاغ الذاتي عن الاكتئاب وتشخيصه بواسطة الطبيب والاستخدام المنتظم لمضادات الاكتئاب. والثاني، تعريفٌ واسعٌ يتطلب التشخيص السريري أو استخدام مضادات الاكتئاب، كما جاء في مقال المجلة. وقام الباحثون بتعديل العوامل الأخرى التي يمكن أنْ تؤثر في خطر الاكتئاب، مثل العمر، مؤشر كتلة الجسم، النشاط البدني، حالة التدخين، صحة النوم، الألم المزمن، استهلاك الكحول، الدخل، وأي حالات طبية موجودة.
وبعد تحليل النتائج، وجد الباحثون أنَّ الأشخاص الذين تناولوا كميات أكبر من الأطعمة فائقة المعالجة - وخاصة المحليات الصناعية والمشروبات المحلاة صناعياً - كانوا أكثر عرضة للاكتئاب. وافترضوا أنَّ أحد الأسباب المحتملة هو أنَّ المحليات الصناعية تسبب تغيرات كيميائيَّة في الدماغ يمكن أن تؤدي إلى تطور الاكتئاب.
وأشارت فرايريش إلى أنَّه "من المعروف أنَّ المحليات الصناعية تؤثر في الدماغ من خلال مسارٍ مختلفٍ عن المحليات الطبيعيَّة مثل السكر أو العسل"، لافتة إلى أنَّ "هناك حاجة إلى مزيدٍ من الأبحاث في هذا
المجال".
ووجدت الدراسة أنَّ أولئك الذين تناولوا أعلى كمية من هذه الأطعمة، كانوا أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بنسبة 34 ٪ إلى 49 ٪. وقالت فرايريش إنها لم تتفاجأ بالنتائج بشكلٍ عام.
وذكرت لفوكس نيوز "لقد وثقت العديد من الدراسات، الارتباط بين بعض المضافات الغذائيَّة والسرطان والتغيرات الهرمونيَّة وزيادة الوزن وصحتنا العقليَّة". لكن "مع أخذ ذلك في الاعتبار، فليس من المستغرب بالنسبة لي أنَّه قد تكون هناك صلة بين الأطعمة فائقة المعالجة والاكتئاب".
وقالت أيضًا "إن أدمغتنا معرضة تمامًا، إن لم تكن أكثر عرضة، من أجزاء أخرى من الجسم للتأثيرات السلبية للمضافات غير الغذائية".
وأشار الباحثون إلى أنه على الرغم من أن حجم العينة كبير في الدراسة ومعدل متابعة مرتفع وأدوات تقييم غذائية متقدمة، إلا أنها كانت بها بعض القيود. وكان المشاركون في المقام الأول من الاناث البيض غير اللاتينيين، كما كانت الدراسة قائمة على الملاحظة، من دون مقابلات سريريَّة منظمة.
وقالت فرايريش "المزيد من التنوع في حجم العينة قد يجد اختلافات بين الأجناس والأعراق في الارتباط بين استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة والاكتئاب". وأشارت أيضًا إلى أنه نظرًا لأنَّ هذه دراسة رصديَّة وليست دراسة خاضعة للرقابة، فليس من المؤكد أنَّ الأطعمة فائقة المعالجة كانت العامل الحاسم في الإصابة بالاكتئاب. وشددت على أنَّ "دراسة مستقبلية مثل هذه تدرس فقط العلاقة بين UPF والحالة العقليَّة".