أباطيلُ تخلّلت أفلاماً منقولة عن أحداثٍ واقعيَّة

ثقافة 2023/10/09
...

 ستيوارت هاريتاغ

   ترجمة: أنيس الصفار


القلب الشجاع

لدينا ايضاً فيلم "القلب الشجاع" الذي يجعل "يو-571" يبدو وكأنه حقيقة ناصعة من السماء. هذا الفيلم أباح لنفسه قدراً عجيباً من حرية التصرف بقصة "وليام والاس"، الذي رأيناه بصورة فتى ينشأ في أوساط الفقر، رغم أنه في الواقع كان من أبناء الطبقة الارستقراطية. يوحي لنا الفيلم ايضاً بأن إيزابيلا الفرنسية قد حملت منه، رغم انه في الحقيقة لم يلتق بها ابداً. الأدهى من ذلك أنها كانت طفلة في زمن الأحداث التي استعرضها الفيلم. 

صور لنا الفيلم والاس وهو يرتدي التنورة الأسكتلندية، وذلك قبل ظهور التنورة الأسكتلندية إلى الوجود بمئات السنين، كما صور معركة "جسر سترلنغ" في سهل واسع في مكان لا يعلمه إلا الله، في حين أنها وقعت على جسر بالفعل لا في سهل. 

كان من المناسب ايضاً أن تساهم اسكتلندا نفسها بحصة من التحريف لتكملة القصة، فكلفت بإقامة تمثال لـ"وليام والاس"، ولكنها جعلته على صورة "ميل غبسون" تماماً.


التيتانيك

كانت الخطوط العريضة لفيلم "تيتانيك" دقيقة تاريخياً.. حيث كانت هناك سفينة وهذه السفينة غرقت.. لكن هذا لم يمنع "جيمس كاميرون" من التورط في موضع آخر. فالاشخاص الذين قضوا نحبهم في الكارثة، لهم اهل واصدقاء وأناس عرفوهم وعاشوا معهم، وهؤلاء لن يتقبلوا رؤية أعزّتهم يصوّرون بما لا يليق. كان هذا هو الذي حدث في حالة الضابط الأول "وليام مردوخ"، الذي أظهره الفيلم بمظهر الضابط الفاسد، الذي يتولاه الذعر قرب قوارب النجاة، فيطلق النار على أحد الركاب في صدره ثم ينتحر فوراً بعد ذلك.

إدّعى بعض الناجين من ركاب السفينة أنهم رؤوا بالفعل أحد الضباط ينتحر اثناء غرق السفينة، ولكن إدعاءات أخرى زعمت أن مردوخ جرفته الأمواج إلى البحر. بعد عرض الفيلم احتجت عائلة مردوخ على إظهار قريبهم بتلك الصورة، وقالوا إن ذلك يتنافى مع سمعته كبطل استطاع انزال عدة قوارب نجاة، كما كان يلقي بالكراسي إلى البحر، لكي يستعين بها الناس. 

لذا سافر نائب رئيس شركة فوكس إلى مسقط رأس مردوخ، حيث قدم اعتذاره وتبرع بـ 5000 جنيه استرليني لمدرسة محلية هناك.


آماديوس

هذا الفيلم من اخراج "ميلوش فورمان" وهو يطرح باعتباره من افلام "الفانتازيا" وليس كقصة تاريخية محضة، وهذا أمر حسن لأن ما من شيء فيه تقريباً كان مطابقاً للواقع بالفعل. في الفيلم يجد موزارت نفسه في شباك منافسة مريرة مع "أنتونيو سالييري"، الذي يدبر مكيدة لموته، ولكن هذا كله مستمد من مسرحية "موزارت وسالييري" لبوشكين في العام 1830 أكثر من استناده إلى الواقع. يصوّر سالييري في هذا الفيلم بصورة المتدين المتبتل، وهو ما لا يتطابق في شيء مع حياته الحقيقية، بحكم وجود أطفاله الثمانية وخليلته، التي كان مستمراً على علاقته بها. يذكر الفيلم ايضاً أن "زواج فيغارو" (وهي أوبرا ألفها موزارت في العام 1786) قد منيت بالفشل عند عرضها في حين يفيد الواقع بأنها كانت أبعد ما تكون عن ذلك.


قناصٌ أميركي

الفيلم من اخراج "كلنت إيستوود"، وقد تعرض هو ايضاً للانتقاد الشديد بسبب افتقاره إلى الدقة. ففي المشهد الافتتاحي يطلق القناص "كرس كايل"، الذي يمثل شخصيته في الفيلم الممثل "برادلي كوبر"، النار على طفل ويقتله، وهذا لم يحدث في الواقع ابداً. كذلك كان الخصم في الفيلم قناصًا عراقيًّا اسمه مصطفى، في حين أن الخصمين لم يتواجها مع بعضهما في الواقع (على افتراض وجود مصطفى بالفعل).

كايل نفسه ليس راوية جدير بالثقة، وقد طرح مزاعم عدة لم يمكن التثبت منها، سواء في كتاب مذكراته أو في حملة الترويج للكتاب والفيلم. ذات مرة إدعى كايل أنه بعد إعصار كاترينا جلس على قمة قبة في نيو أورليانز، ومن هناك أردى 30 من اللصوص المسلحين. وإدّعى ايضاً أنه قتل اثنين من لصوص السيارات في العام 2009 وهو امر لم يقم عليه دليل. 

لم يصدق كايل ايضاً بشأن عدد الميداليات، التي حصل عليها خلال فترة خدمته العسكرية، كما إدّعى أنه وجّه لكمة إلى "جيسي فنتشورا" لأنه شوه صورة حرب العراق. وقد اقام فنتشورا دعوى قضائية ضده، بسبب هذا الادعاء ولكنها لم تصل إلى مرحلة النطق بالحكم بسبب مقتل كايل. أخيراً لا بد من الاشارة إلى أن أطفال كايل كانوا بشراً حقيقيين لا دمى بلاستيكية مثلما أوحى لنا الفيلم.


عن صحيفة "الغارديان