مجمع سينما روكسي.. البهجة كانت هناك

ثقافة 2023/10/09
...

علي حمود الحسن
حلم الأخوة سودائي بتحويل شارع الرشيد إلى شارع برودواي بغدادي، ليكون ملاذا لمسرّات العراقيين وعنوان بهجتهم، فاشتروا أرضا تقع في نهايته وشيدوا عليها مدينة ترفيه متكاملة، تتكون من سينما "روكسي" الشتوي والصيفي وسينما "ريكس" الصيفي، وملهى "روكسي" الصيفي والشتوي، فضلا عن كازينو "روكسي" الشتوي، التي اتخذت شركة متروغولدين من طابقها العلوي مكتبا لها، بينما توزعت حوانيت المأكولات السريعة والمشروبات الحارة والباردة و"الكرازات" داخل وخارج المجمع، وكل هذه المباني بواجهاتها الباذخة والأنيقة، صممت وفق طراز سينمات شركة متروبوليتان مير الأميركية، لا سيما واجهتها المزدانة بتمثالين لإلهة الجمال استقرا إعلالها ونفذ تصاميمها "اسطوات" بغداديون بطابوق السيليكات (الرمل الجيري) المنتج في معمل طابوق سودائي (اول معمل طابوق يعمل بالبخار في العراق)، اذ بدأ العمل في بناء المجمع منتصف الثلاثينيات ولم ينته إلا في العام 1942.

لم أستطع الوصول إلى اسم فيلم الافتتاح في هذه السينما العريقة، وهنالك من يقول إن فيلمًا لفريد الأطرش وتحية كاريوكا بعنوان" ماقدرش" (1946) أول من "دشنها"، يومذاك كانت أفلام المطربين على شاكلة: فريد الأطرش، وأم كلثوم، وعبد الوهاب هي السائدة، ثم توالت عروض أفلام أميركية وأجنبية وعربية حتى يوم العرض العظيم عندما حقق الأخوة الثلاثة وشريكهم الأرمني أنطوان مسيح صاحب معمل "عرق مسيح"، حلمهم الأثير بإكمال مدينة الأحلام، اذ انجزوا استوديو بغداد المشيّد على طريق معسكر الرشيد والمؤثث بأجهزة وأدوات سينمائية فرنسية، وكان باكورة انتاجه فيلم "عليا وعصام" ( 1948) للمخرج الفرنسي اندريه شوتان، والذي عرض في سينما روكسي العام1949،وحقق نجاحا بيّنًا على صعيد الإقبال الجماهيري والايرادات، أعقبه فيلم "ليلى في العراق" (1949) للمخرج احمد كامل مرسي، وبطولة محمد سلمان ونورهان، وعفيفة إسكندر، وإبراهيم جلال، لكنه لم يلاق إقبالا جماهيريا، وفشل في تحقيق إيرادات، ما أثار حنق المساهمين، الذين سارعوا بسحب أموالهم.

وضم المجمع أيضا سينما "روكسي" الصيفي، التي تزامن افتتاحها مع افتتاح "روكسي "الشتوي، ولعلّ أشهر عرض شهدته "روكسي" الصيفي، هو الفيلم الهندي "سنكام" (1965) الذي اشتهر بأغنية "بيري منتي كمنة"، و"سنكام" واحد من أطول الأفلام الهندية، اذ زاد زمنه على 4 ساعات، تخللتها أكثر من استراحة، بينما تأخر افتتاح سينما "ريكس" الشتوية حتى العام 1950، لأنها بالأصل كانت ملهى شتويا معظم عروضها اجنبية، ومن الأفلام المهمة التي شاهدها الجمهور فيها " كوفاديس" بطولة روبرت تايلور وديبورا كير، على الرغم من اختفاء معظم السينمات في بغداد والمحافظات، إلا ان مجمع "روكسي"، الذي تحول اسمه إلى " النجاح" ما زال يكافح من أجل البقاء وإن تغيرت ملامحه وفقد رونقه وبهجة تمثاليه الصغيرين.