علي رياح
أما حان الوقت لكي نقول وداعاً للتوسع الأفقي وتبنّي التمدد العمودي في الرياضة؟! حتى لا أترك الأمر على عواهنه كمَن يخوض في الألغاز وتستهويه الأحجية، أقول علينا أن نحزم أمرنا وأن نختار في هذا المفترق بين طريقين: إما مواصلة العبث الذي يعني ولادة اتحاد رياضي جديد ومعه عشرة أندية في كل شهر دونما طائل أو مبرر، أو أن نفكر جدياً في حصر جُـل الاهتمام، ولا أقول كله، في رياضات مُحدّدة يمكن لنا فيها أن ننافس على المستوى الآسيوي في أقل تقدير ونحاول أن نصل فيها إلى منصات التتويج وفقاً لمنهج علمي مدروس مُخطَّط له بطريقة مختلفة غير هذه الطريقة التي نتّبعها منذ سنوات عديدة والتي أورثتنا الخسارة والضياع والندم!
كشفت النسخة التاسعة عشرة من الدورة الآسيوية مرة أخرى وربما للمرة المئة أننا مخطئون تماماً في اعتماد شعار (عدم وضع البيض كله في سلة واحدة)، فلقد اثبتت الوقائع والأحداث أن توزيع الرعاية والاهتمام والدعم بين الرياضات كلها والاتحادات في عمومها دليل على العجز عن رؤية الحقيقة ومواجهة الوقائع التي تتجسّد أمامنا في كل دورة كبرى.. ماذا يعني أن يكون لديك أربعون أو خمسون اتحاداً رياضياً تطالب بالمال والدعم وبفتح أبواب المشاركات الخارجية من دون أن تضع تعهداً بأنها ستبلغ الإنجاز الآسيوي ولا أقول الأولمبي الذي صار إعجازاً لا يمكن أن ينعم به العراق؟! تكفينا نظرة واحدة إلى مُتبنيات الدول العربية الآسيوية التي شاركت في الدورة وخرجت بنتائج تفوق ما حققناه بعد أن كان رياضيو هذه الدول في زمان مضى يتطلعون إلى الرياضي العراقي بوصفه الأنموذج والمثل الأعلى في الأداء وفي الحَظوة وفي الإنجاز العربي والآسيوي؟!
هذه الدول تنبّهت مبكراً ونبذت تماماً طريقتنا البالية، وقررت منذ أمد ليس قصيراً تركيز اهتمامها على ألعاب محددة وتأمين معظم الدعم المالي والإداري والفني لها من دون أن تنسى الرياضات الأخرى ولكن بما تستحق طبقاً لقدرتها على صياغة النجاح.. تجلّت دول عربية في ألعاب محددة.. السعودية في ألعاب القوى والفروسية.. الأردن في التايكواندو وكرة السلة وبعض الفنون القتالية.. الإمارات في رياضة قتالية اسمها الجوجستو إلى جانب الجودو.. قطر في ألعاب القوى والفروسية والكرة الشاطئية وكرة اليد.. البحرين في كرة اليد وألعاب القوى، وسيقول البعض: إنَّ عامل التجنيس كان بارزاً في بعض الألعاب، والرد أن هناك رياضيين مواطنين أيضا!
أفضل بديل للضياع والخيبة والإخفاق التي تجسّدت أكثر ما تجسّدت في هانغجو، أن تذهب رياضتنا بأموالها ودعمها وخططها نحو التخصص في ألعاب محددة يتركز عليها معظم الدعم من دون أن نتناسى محاولة النهوض بألعاب أخرى ولكن بما تستحق فعلاً وليس من منطلق المجاملة أو المحسوبية أو الضغوط أو الدوافع الانتخابية..
لكنني على يقين وعلى ثقة وعلى بَيّنة من أنَّ هذا البديل لن يجري اعتماده في العراق، فهناك اتحادات ستثور وستتحدث عن (قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق) وستواجه مثل هذا البديل بلا هوادة وبكل ما يتيسّر أو سيتيسّر لديها من وسائل لا قدرة لأصحاب القرار الرياضي العراقي على احتمالها فضلاً عن التصدي لها!