أحمد عبد الحسين
تأتي زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني التي ابتدأها أمس إلى روسيا في ظرفٍ إقليمي ودوليّ بالغ الحساسيّة، فهي تتزامن والوضع الملتهب في الأراضي الفلسطينية وجرائم الاحتلال التي تترى واضعةً المنطقة وربما العالم على عتبة أزمة كبرى لن يكون العراق القريب جغرافياً بمنأى عنها كما لن تكون روسيا، الساعية إلى عالم ذي أقطاب متعدّدة،
على مقاعد المتفرجين. علاقات العراق مع روسيا كما كانت مع سلفها الاتحاد السوفياتي ذات خصوصية على الدوام، فهي تشكّل اليوم المعادل الضروريّ للخروج من نظام دوليّ جديد كان العراق مسرحاً لإعلانه في 1991 كما كان أولى ضحاياه.
منذ سقوط نظام الحكم الديكتاتوريّ ظلّ العراق في برزخ مفتعل من الأزمات الأمنية المتلاحقة التي ما أن تنتهي واحدة منها حتى نفاجأ بأخرى إلى أن خُتمتْ الأزمات بمحاولة داعش الإجرامية بسط نفوذها على البلاد، وانتهت مغامرتها بانتصار العراق الذي فتح عينيه فوجد نفسه بإزاء تحديات واستحقاقات جمّة، يقف تحدّي تنمية الاقتصاد والشروع بالإعمار في أعلى قائمتها.
هذه التحدّيات تفرض وجود شريك سياسيّ واقتصاديّ قادر على خلق بيئة مغايرة لما كانتْ عليه الحال في ظلّ الترسيمة السابقة التي ثبّتتْ العراق في وضع المراوحة منشغلاً بتضميد جراحه الكثيرة. وروسيا بمكانتها السياسية والاقتصادية هي الأقدر على لعب دور كهذا. الملفات التي بحثها السوداني مع بوتين تتركز في أعمها الأغلب على الجنبة الاقتصادية كملفّ الطاقة وتطوير القطاع النفطي وفرص تواجد الشركات الروسية في بلد يشهد حركة غير مسبوقة في مجالات الاستثمار. وهي الملفات التي إذا ما فُعّلتْ فستكون آثارها بادية للعيان على حياة المواطن العراقيّ، كما ستكون واضحة على وضع العراق ومكانته في إقليمه.
الوضع المتأزم في فلسطين لم يكن بعيداً عن مباحثات الطرفين، لأنّ المنطقة بأكملها بحاجة اليوم إلى دور روسيّ يخفف من حدّة الانفراد الغربيّ الذي كان دائماً وأبداً سبباً للمعضلات لا حلاً لها.