ألكسندرا نوفيك فنٌ حديث بلمسةٍ كلاسيكيَّة

ثقافة 2023/10/12
...

 بغداد: سرور العلي  

أبدت ألكسندرا نوفيك خميس، منذ طفولتها المبكرة اهتماماً كبيراً بالرسم والتصوير، وهو ما لاحظه والداها اللذان حاولا تشجيع اهتمامها بالفنون، وتنمية مهاراتها الفنيَّة، ففي سنِّ العاشرة التحقت بمدرسة سمولينسك للفنون، وفي سنِّ السادسة عشرة التحقت بقسم الفنون الجميلة والرسومات في جامعة ولاية سمولينسك.
خمس سنوات من الدراسة الجامعيَّة، والتطوير الذاتي أتقنت مهاراتها، وأعطتها معرفة عميقة بأساليب وتقنيات الفن، وساعدتها في تطوير أسلوبها الفني ورؤيتها للحياة في الفن، فضلاً عن ذلك، تلقت عدة دروس رئيسة من فنانين روس مشهورين، وتعلّمت المزيد عن الواقعيَّة، كونها أسلوبها الفني المفضل.
وخلال 14 عاماً في البحرين، افتتحت استوديو فنياً، ونظمت العديد من المعارض، وتمّ الاعتراف بها كواحدةٍ من أنجح سيدات الأعمال في الخليج، وأنشأت كتاباً للمواد الفنيّة التعليميّة، ورسمت أكثر من 500 عمل فني.
تعمل ألكسندرا ذات الأصول الروسيّة بشكل أساس باستخدام الطلاء الزيتي، والأكريليك على القماش، فضلاً عن العمل بالألوان المائيَّة، والحبر والفحم، والطين والشمع البارد، باعتبارها فنانة مفاهيميَّة حديثة، يتكون جسد أعمالها من خطوط جريئة قوية، وألوان زاهية مقترنة بالتركيز على المساحة، كما أنّها مختصّة بإنشاء صور شخصيّة ومناظر طبيعيّة، ولوحات ثابتة على نطاق واسع للمنازل، ومكاتب الشركات والعقارات، وشركات البوتيك.
ويعد فنّها الزيتي والأكريليك، انعكاساً لأفكارها الشخصية، وعواطفها ونضالاتها وانتصاراتها، ومع كل ضربة فرشاة، تطلق جزءاً من نفسها لتنظيف وتطهير ما لم يعد ضرورياً، وفتح نفسها على ما كان ينبغي أن يكون.
ولفتت إلى كونها فنانة من روسيا، وتقيم حالياً في البحرين، فتجد الإلهام في المزيج المثير للثقافات، والمناظر الطبيعيّة المحيطة بها، والألوان والأنماط النابضة بالحياة الموجودة في العمارة البحرينيّة التقليديّة، إلى جانب الطاقة الديناميكية للأسواق الصاخبة، وجمال الصحراء الهادئ، كلها تترك بصمة دائمة على رؤيتها الفنيّة، كما ألهمها التراث الروسي العميق، ما أثر على تعبيرها الإبداعي.
مؤكدة "بشكل عام، يشكل اندماج الثقافة البحرينيّة، والتراث الروسي، وتجاربي الشخصيّة نسيج الإلهام الذي يحرك إبداعي، مما يسمح لي بإبداع فن يتردد صداه مع الآخرين على مستوى عميق، أنا مدرسة فنون، وكذلك فنانة مستقلة، وأحد التحديات الأساسية التي واجهتني هي التنقل في سوق الفن، الذي يمكن أن يكون شديد التنافسيَّة، ومشبعاً بالأفراد الموهوبين، لذلك فإنَّ التميّز والحصول على التقدير وسط هذا المشهد الإبداعي الواسع قد يكون أمراً شاقاً".
وأحد الموضوعات المهمة التي كثيراً ما تتعمّق فيها، هو مفهوم التنوع الثقافي، وجمال التعدديّة الثقافيّة، كونها تعيش في بلد عربي، فهي محاطة دائماً بالتقاليد واللغات، والعادات، وتهدف إلى التقاط جوهر هذه الفسيفساء الثقافيّة في فنّها، والاحتفال بالتعايش المتناغم بين الهويات المختلفة، واستكشاف الطبيعة وعلاقتها بالإنسانيّة، إذ توفر المناظر الطبيعيّة الخلابة، من شواطئها البكر إلى صحرائها النابضة بالحياة، مصدراً لا نهاية له للإلهام.
وبشأن المدرسة الفنيّة التي تأثرت بها، أشارت إلى أن للحركة الطليعيّة تأثير عميق على أسلوبها الفني، وفنانون مثل كازيمير ماليفيتش، وفاسيلي كاندينسكي، باستخدامهم الجريء للأشكال الهندسية، والألوان النابضة بالحياة، أسهموا في تشكيل فهمها للفن التجريدي، وقدرته على التعبير عن المشاعر، والأفكار خارج حدود التمثيل.
نظمت عدة معارض في البحرين، ولكن الأقرب إلى قلبها هو معرض يحمل عنوان "الطوارق: أسرار الصحراء"، هذه المجموعة من اللوحات هي احتفال بشعب الطوارق الآسر، وهي قبيلة بدويَّة ذات تراث ثقافي غني في الصحراء الكبرى، وتهدف من خلاله إلى تصوير جمال شعبهم ومرونتهم، وغموضهم عن طريق فنها، وتجسد كل لوحة جوهر هويتهم الفريدة، وتعرض ملابسهم التقليدية النابضة بالحياة، ومجوهراتهم المعقدة وسلوكهم الفخور، وسعت من خلال ضربات فرشاتها تصوير ملامحهم الملفتة، التي تغلبت عليها رمال الصحراء، وعيونهم المفعمة بالحيوية، وهي تحكي الكثير عن تاريخهم وتجاربهم، وأثناء التجول في أرجاء المعرض، سنلاحظ التفاعل بين الألوان والأنسجة والأنماط، وهو ما يمثل انعكاساً لثقافة الطوارق، أرادت أن تلتقط جوهر البيئة المحيطة بهم، وألوان الصحراء الذهبيّة، وتلاعب الضوء والظل بأرديتهم الفضفاضة.
شاركت ألسكندرا على المستوى المحلي بنشاط يعزز ويدعم المشهد الفني في البحرين، من خلال ورش العمل والندوات والمعارض، وتسعى جاهدة لرعاية، وتشجيع الفنانين الناشئين، وتزويدهم بالفرص، لعرض أعمالهم، واكتساب المعرفة، وعلى المستوى الدولي، عملت كرئيس لقسم العمل الدولي آرت البحرين، والعمل بشكل تعاوني مع فنانين من مختلف البلدان، لتنظيم المعارض الفنية والتبادلات الثقافيّة، والمشاريع التعاونيّة، وتهدف هذه المبادرات إلى تعزيز التفاهم بين الثقافات والحوار، وعرض مواهب الفنانين من البحرين، ومختلف أنحاء
العالم.